آخر الأخبار

أسباب زيادة التعاقد الأوروبي والأمريكي على لقاح كورونا

 

 




 

د. محمد إبراهيم بسيوني

 

 

عاقدت حكومات الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا والاتحاد الأوروبي واليابان على لقاحات كوفيد-19 من عدة شركات وبكميات كبيرة أكثر من عدد سكانها.

 

 

هناك عدة أسباب لذلك منها بعض اللقاحات تحتاج الى استخدام جرعتين أو أكثر للوصول الى الاستجابة المناعية المطلوبة. وليس هناك من يقين من أن أي لقاح بعينه سينجح أو متى سيكون متاحًا، لذلك ليس من الحكمة الرهان على لقاح واحد فقط. لذا قامت تلك الدول بالاستثمار في محفظة متنوعة من اللقاحات لزيادة فرص العثور على لقاح ناجح وفعال في أسرع وقت ممكن.

 

‏فمن المحتمل أن تحتاج كل دولة إلى أكثر من لقاح واحد لأن سمات الفعالية والخصائص الأخرى (وجود مكونات قد تسبب حساسية للبعض مثلاً) قد تختلف باختلاف شرائح السكان.

 

لم تعلن أي من تلك الحكومات عن تكلفة هذه الصفقات وصرحت الحكومة البريطانية ان الصفقات حساسة من الناحية التجارية ولن نستطيع الإفصاح عن المبلغ الذي تم دفعه مقدمًا أو ما إذا كانت الصفقات تتضمن استرداد أي أموال إذا لم تنجح اللقاحات.

 

‏في حالة نجاح أكثر من لقاح أو اثنين من اللقاحات التي استثمروا فيها، أعلنت بعض حكومات تلك الدول عن نيتها في المساهمة بأي جرعات زائدة عن حاجتها في مبادرة لتزويد البلدان الفقيرة باللقاح. لم يسبق ان تعاقدت اي من تلك الدول مسبقًا على توفير لقاح أو عقار في أي وباء سابق قبل الموافقة عليها. هذا أول مرة.

 

بالتأكيد في حالة لقاح كوفيد-19 يمكننا توقع ان الطلب سيكون أكثر بكثير من العرض ويبدو إن تحديد البلد الذي سيحصل على اللقاح أولاً، ومقدار اللقاح، ليست وظيفة تستمتع بها شركات اللقاح. وقد صرح عدد كبير من مطوري اللقاحات أنهم يفضلون أن تجتمع الحكومات معًا وتحل مشكلة التخصيص والأولويات معاً. 

 

‏يقود تحالف اللقاحات الدولي جافي Gavi جنباً إلى جنب مع التحالف من أجل ابتكار التأهب للأوبئة CEPI ومنظمة الصحة العالمية WHO  مشروع كوفاكس COVAX لتحقيق كيف ستحصل الدول النامية منخفضة ومتوسطة الدخل على اللقاحات في وقت مبكر.

 

يقول المتحدث باسم تحالف جافي ان مشروع كوفاكس يهدف لضمان عدم إعادة ارتكاب أخطاء الماضي حيث لا يوجد سوى عدد قليل من البلدان القادرة على الوصول إلى الإمدادات العالمية من اللقاحات، مما يترك الغالبية العظمى من البلدان في وضع سيء. ويقول أيضا:  لقد رأينا هذا يحدث مع H1N1، ولا نريده ان يتكرر مع فيروس كوفيد-19 لانه يشكل وضع أكثر تأثير على كل دول العالم بالفعل. فطلب تحالف جافي Gavi من جميع البلدان التي لديها إمكانيات شراء جرعات لقاح كوفيد-19 الخاصة بها ان تقوم بذلك من خلال مشروع كوفاكس.

 

حيث سيتم استخدام جزء من تلك المدفوعات في تغطية شراء اللقاحات الخاصة ببلدهم، وسيخصص جزء منها للاستثمار في اللقاحات للبلدان الأفقر. سيسمح التمويل لـ Gavi بالاستثمار في البحث والتطوير وتصنيع مجموعة من اللقاحات المرشحة ولضمان الوصول العادل إلى اللقاحات للأشخاص الأكثر عرضة للخطر في كل مكان في العالم، بغض النظر عن قدرتهم على الدفع.

 

وضعت منظمة الصحة العالمية WHO إطارًا مخصصًا للتخصيص العادل للقاحات، والذي يقدر نسب السكان في البلدان ذات مستويات الدخل المختلفة والمعرضة للخطر الأكبر ويجب أن تتلقى اللقاح أولاً. حيث يعطي الإطار الأولوية للعاملين في نظام الرعاية الصحية للتطعيم، يليهم الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 65 عامًا وأولئك الذين يعانون من أمراض مصاحبة. اي انه يطلب من الدول الالتزام بتغطية سكانها ذوي الأولوية فقط خلال المراحل المبكرة. لاتاحة الفرصة لتغطية السكان ذوي الاولوية في جميع انحاء العالم بدلاً من مسارعة الدول الكبرى الى تغطية سكانها بالكامل وعدم ترك اي فرصة لسكان الدول النامية في الوصول للقاح.

 

حددت بعض الدول الفئات ذات الأولوية في اتاحة اللقاح لها على انهم: أخصائيين الرعاية الصحية والاجتماعية في الخطوط الأمامية، يليهم الأشخاص المعرضون لخطر متزايد للإصابة بمرض خطير والوفاة بسبب عدوى كوفيد -19 بسبب العمر أو بسبب الحالات المرضية المصاحبة. وأصدرت الأكاديمية الوطنية للعلوم الأمريكية مسودة تقرير يهدف إلى وضع توصيات بخصوص تحديد الأولوليات حول من يجب أن يكون في مقدمة الصف حينما تتوفر لقاحات كورونا. يقترح التقرير تقسيم الناس إلى 4 مراحل، وأعتقد أنه بمثابة دليل جيد من الممكن أن تحتذي به دول أخرى.

 

 

العديد من الدول الكبرى مثل بريطانيا وكندا اعلنت انها التزمت بدعم الوصول العادل والميسور التكلفة، لكنها لم تحدد كيف ستحقق ذلك بشكل عملي في ضوء تعاقدها على تلك الكميات الكبيرة. استراتيجية الاتحاد الأوروبي فيما يخص الوصول العادل للقاح هو انه في الأساس نادٍ للمشترين يبرم صفقات بنفس الشروط لجميع الدول الأعضاء المسجلة، وقد التزم هؤلاء الأعضاء أيضًا بالشراء مبدئيًا فقط للسكان ذوي الأولوية. لكن يبدو أن الولايات المتحدة، التي تركت منظمة الصحة العالمية رسميًا، تنتهج سياسة "أمريكا أولاً". حيث أفادت وكالة رويترز أن وزير الصحة الأمريكي، أليكس عازار، قال في 10 أغسطس: "أولويتنا الأولى بالطبع هي تطوير وإنتاج كمية كافية من اللقاحات والعلاجات الآمنة والفعالة التي توافق عليها إدارة الغذاء والدواء FDA لاستخدامها في الولايات المتحدة في الاساس”. ثم اضاف: “لكننا نتوقع امتلاك قدرة كافية للانتاج، بعد الانتهاء من تلبية الاحتياجات المحلية بالكامل، ستكون هذه المنتجات متاحة في المجتمع الدولي وفقًا لتوزيعات عادلة ومنصفة نتشاور بشأنها في المجتمع الدولي”.

 

إرسال تعليق

0 تعليقات