آخر الأخبار

قراءة في الشأن الحسيني

 

 




علي الأصولي

 

في العصور المتأخرة تم البحث في القضية الحسينية بشكل موسع. وتحديدا في عصر تلاقح ودمج الإسلام بالسياسة.

 

وأما قديما فالحديث كان موجها لعرض القصة وبيانها التاريخي وما جرى في كربلاء فحسب.



ويبدو لي بأن القدماء في الجملة والمتأخرين من فقهاء الإمامية كانت نظرتهم للمشهد والواقع الكربلائية ككل هو تسليمهم برتبة سابقة بالأصول الموضوعية المسلمة وكون الإمام معصوم وهو بالتالي أدرى بتكليفه ومعه فلا ينبغي البحث عن الأسباب والمسببات الداعية لخروجه.



لكن المعاصرين من العلماء والمفكرين ارتوا البحث عن المبررات الموضوعية للثورة الحسينية بقصد تدبر السير من جهة ودفع الإشكالات المعاصرة من جهة أخرى. وبالنتيجة البحث في هذه الحصة لا يلازم القول بعدم عصمة المعصوم أو اتهامه بحال من الأحوال وتكليفه الشخصي.



ومن هنا كان أهم فصل من فصول القصة هو معرفة أهدافها بعد اختلاف الأنظار ودخول الجدل في تحديد الهدف فكان من أبرز نتائج الجدل المثار هو تصنيف كتاب ( شهيد جاويد ) أو ( الشهيد الخالد ) لآية الله نجف آبادي.



 

اختلاف القراءات المعاصرة.

 

بعد إثارة نجف آبادي وقراءته. نشط الاتجاه المحافظ بل وبعض من حسب على الاتجاه الإصلاحي في إيران والرد على مخرجات قراءة آية الله صالحي. ودخل الوسط الديني الإيراني في جدالات موسعة ذكرت في مظانها.



وفي قبال ذلك قدم جملة من العلماء قراءات أخرى منهم السيد محمد باقر الصدر. والشيخ شمس الدين محمد مهدي وغيرهم. فكل منهم قدم قراءة وفق منهجية فكانت بالمحصلة خروج القضية الحسينية من القصة الفجائعية إلى النظرة السياسية. وهذا التقدم في حد ذاته حسن بشرط أن لا تغادر العنصر العاطفي الذي كان كفيلا بديمومة القصة الكربلائية بل وقد حث عليه جملة من أئمة أهل البيت(ع) لما لها من كثير فوائد منها دنيوية ومنها أخروية.



فكان للسيد الأستاذ نصيب مهم في البحث عن الأهداف الحسينية على ما طرح من محاضرات سميت بعد ذلك ( أضواء على ثورة الإمام الحسين - ع - )



السيد الصدر صدر بحثه عن الأهداف بمقدمة عدم إمكانية الإحاطة إلا في حدود إمكانياتنا المحدودة.

 

ولذا ذهب لنظام الأطروحات كما هي عادته في عموم كتاباته.

على أن هذه الأطروحات. قيدها بشروط منها:

 

ضرورة كون الهدف مرضيا عند الله. ومناسبا مع حال وشأن الإمام الحسين(ع) وكون الهدف متحقق فعلا على المستوى القريب أو البعيد لا هدفا فاشلا لا يمكن تحقيقه. وغير ذلك مما يتناسب والعصمة كما هو الظاهر.



ما يعنينا وهذه الأوراق البحثية هو عرض ما يمكن عرضه وهذه الأهداف المبحوثة في مطاوي كلام الأعلام.



ولعل ابرز نظرية أو قراءة هي النظرية الغيبية التي كانت سائدة في الوسط العلمائي الشيعي.



ومفادها باختصار أن الإمام (ع) تلقى أوامر غيبية وتحرك على ضوئها وإيمانا منا بالعصمة فلا يمكن تجاوز هذا الفهم وعدم التبرع بتفسيرات الحركة سياسيا أو اجتماعيا.

 

نعم، حقق الزحف الحسيني سقوط دولة آل أمية في نهاية المطاف فقط. وهذا كاف وما نحن فيه.



وكيف كان: لا يمكن استفادة فهم الحركة بفهم فقهي والتحرك على هداها بحال من الأحوال. فالباب من هذه الناحية مغلق لثمة تكاليف خاصة للمعصوم وانتهى الحال.



والنظرية الغيبة لها مستندات عندهم منها:

 

قصة الرؤية المنامية وقول ( شاء الله أن يراني قتيلا ويراهن سبايا )

ومنها: ذيل رسالة الإمام لابن الحنفية وما معناه ( من لحق بي أستشهد ومن تخلف لم يدرك الفتح ).

 

ومنها : أخبار الإمام لعبد الله بن جعفر بأنه ماض لأمر تلقاه الإمام من النبي(ص) في عالم الرؤيا. وغير ذلك من التصريحات والإشارات والتنبيهات المعززة لهذه النظرية.

 

ولو سلطنا الضوء الفقهي على هذه المبادرة والخروج والنهوض - والكلام لمن يذهب لنظرية الشهادة أو الغيب - لو طرحناها في الميزان الفقهي فلا نخرج إلا بنتيجة لا يمكن الالتزام بها وهي ( إلقاء النفس في التهلكة ) وعليه فلا مناص والتزام نظرية الغيب خروجا من المحذور الفقهي وارتكاب الحرام بإتلاف النفس وقطعية عدم النصر. واعتبار أن ثورته ذا خصوصية.



أفرد السيد الصدر في ( الأضواء ) عنوان الأهداف المحتملة للحسين(ع) وقد ذكر منها:



أولا: أن لا يبايع الحاكم الأموي. يومئذ كما طلب منه فإنه(ع) رفض ذلك بقوة وصمود كما ورد عنه (ع) ( ومثلي لا يبايع مثله )



ثانيا: الممكن لحركة الحسين (ع) الامتثال لأمر الله سبحانه وتعالى أيام بها. وقد استفاد الأمر أما بالإلهام أو بالأخبار من جده (ص) وهو يلحظ الثواب على فعله فحسب.



ثالثا: الهدف كان لغاية الانتصار العسكري. وقد يستدل عليه بما ورد من أنه قيل لمسلم بن عقيل(ع) حين تألب عليه الأعداء في الكوفة. ( ان الذي يطلب ما تطلب لا يبكي إذا نزل به ما نزل بك ) مقتل الخوارزمي.

 

إذن فهو يطلب السيطرة العسكرية على الحكم اعني من الناحية الدينية ويدافع عن هذا الهدف ضمن دفاع الحسين(ع) لأنه رسوله إلى الكوفة.



رابعا: من الأهداف المحتملة فضح آل أمية ومن كان على شاكلتهم. من يومه إلى يوم القيامة.



خامسا: هدفه هو طلب الإصلاح أو محاولة الإصلاح في الأمة المسلمة وهذا صريح قوله (ع) ( ما خرجت أشرا ولا بطرا ولا ظالما وإنما خرجت لطلب الإصلاح... ) مقتل الخوارزمي.



سادسا: ومن محتملات الأهداف هو الاستجابة لأهل الكوفة حين طلبوا منه القدوم عليهم وأخذ البيعة منهم.



سابعا: هو إعطاء الأمثولة للدين الحنيف والقويم وانه يستحق هذا المقدار من التضحية والفداء في سبيل الله وفي سبيل إقامة الأحكام الإسلامية والشعائر الدينية. ( انتهى بتصريف ).

 

هذه هي الأهداف التي ذكرها في ( الأضواء ) ورجح ( رحمه الله ) بصحتها بعد مناقشات بعضها وأن عنون أصل المطلب بالأهداف المحتملة خروجا من التورط والجزم بالواقع،

 

إرسال تعليق

0 تعليقات