آخر الأخبار

ال(Tik Tok) واشكالية النمط السلوكي..

 


 

 

نعمه العبادي

 

يحتل برنامج (تيك توك) نسب مشاهدة عالية جداً، وصار يتقدم برامج مهمة مثل الفيس بوك، وربما يأتي بالدرجة الثالثة من حيث عدد المشاهدين بعد اليوتيوب والانستغرام.

 

فكرة هذا البرنامج تقوم على أساس نشر فيديوهات قصيرة جداً لا تتجاوز بضع ثواني، ويتم تحميلها من حساب شخصي، يتم استحداثه عبر المشاركة بالبرنامج بحساب شخصي، كما انه يتيح مجال التعليق على المشاركات بغض النظر عن وجود صداقة او متابعة لصاحب الحساب الناشر، ويحتل الشباب وخصوصاً البنات النسبة الأعلى من أعضائه.

 

إن هذه القراءة الوصفية تنظر الى البرنامج، بوصفه منصة عرض ومشاهدة وتفاعل، يوظف التقنيات الحديثة، ويتلائم مع قدرة الهواتف الذكية الحديثة، وهي مقدمة ضرورية للحديث عما هو أهم.

 

بنظرة أعمق، يشكل هذا البرنامج بمحتواه المنوع الجاذب (بيئة) متكاملة قادرة على استقطاب الأفراد للعيش في شوارعها وأزقتها لساعات في كل يوم، وقد يظهر لغير المختص، ان هذه البيئة غير محددة المعالم، بل هي سيالة متبدلة لا هوية لها، ولا معالم رئيسة تشخص شكلها، وهي محتوى مفتوح غير موجه،  تقوم على أساس تنوع المشاركات للأعضاء، إلا ان نظرة عميقة، تكشف عن سياقات خفية تقود هذا المحتوى بطريقة ذكية، ابتداءاً من قصر الوقت، ونوع النمط الفني الذي تظهر به المادة، والذي يشجع المشاركين بشكل متواصل لنشر المزيد من المشاركات خصوصاً مع زيادة التفاعل معها، كما ان شكلاً متشابهاً من السطحية والاعتماد على منجز (الإضحاك) و (الإثارة) هو السياق العام الذي تتوزع على حسبه معظم المشاركات.

 

التك توك مدينة بديلة، وبيت بديل، يصوغ سلوكيات الأفراد في تنميط ناعم، ينخرطون فيه دون ان يشعروا بما يرتبه في نفوسهم وعقولهم من اثر وطبائع وعادات وثقافة ومواقف.

 

لا يخفى على المطلع، ان ظاهرة حضور مفردات الفعاليات المرتبطة بالجنس والعلاقات الجسدية بمختلف إشكالها ومداخلها وعناوينها، لم تسجل هذا الإفراط والتماهي المطلق حتى في العصور الذهبية لهذا الموضوع، وفي اكثر البلاد تحرراً، إذ تشكل معظم المادة المعروضة مادة صادمة بكل ما تعني الكلمة من حيث درجات الجراءة والإفراط في الابتذال، والغريب، ان معظم هؤلاء يظهرون بأشكالهم المعلنة وصورهم بدون تحفظ، والمحزن، ان معظم المنخرطين بهذا الامر هم وهن من المجتمعات العربية.

 

ان استمرار التماهي مع هذه البيئة البديلة يعني وبدون مبالغة سحب تدريجي لأرض الواقع الى محددات وأنماط سلوك التك توك ونظائره، وللجميع تخيل صورة الحياة الاجتماعية على هذا الاساس.

 

ختاماً هذه القراءة تجاوزت قضية الجانب الأمني في هذا البرنامج، وقضية جمع البيانات، وتحديد التوجهات، وهي قصة أخرى لها فصول اخطر مما سبق الإشارة له.

إرسال تعليق

0 تعليقات