آخر الأخبار

أكتوبر 73

 

 


محمود جابر

 

منذ أن تفتح إدراكي وكلما مرت ذكرى حرب أكتوبر اشعر بقدر هائل من الغبطة والسرور اشعر بقدر غير مستطاع وصفة من الإحساس بأننا امة قادرة علي تحدى الصعاب وتحدى الكون وهذا الشعور ليس شعورا بمصريتي التي افخر بها فقط بل بعروبتي فالدور العربي الداعم لمصر كان دورا يستحق الفخر بانتمائي إلي هذه الأمة التي وان كانت تعيش زمنا تعيسا ومفككا إلا أنها أن مسكت لحظة الزمن وناصية الفعل والتحدي قادرة علي أن توقف كل الكون أمامها في احترام.

 

 

حينما تشاهد بانوراما صناعة النصر عبر بعض الأعمال السينمائية التي أرخت لهذا النصر ينتابك إحساس الرعشة وتشتم رائحة النصر ففي فيلم الطريق إلى ايلات ترى كيف قام أبطال العمل الحقيقيين بعملياتهم عبر واحدة من اكبر عمليات التمويه والحرفية العسكرية عبر العراق الشقيق، ثم الأردن ومنها إلي عمق خليج العقبة وميناء ايلات مركز انطلاق العملية في عملية اشترك فيها جهاز الأمن العراقي، والثورة الفلسطينية وأبطال البحرية المصرية صانعي النصر ، ومع لحظة تفجير سفينة الانعزال بيت شيفع تجد قلبك ينبض كحبيب التقى بحبيبه بعد طول فراق تكاد الدمعة تداعب مقلتيك فرحا وغبطة وسرورا وشفتيك تلهث بالحمد والتكبير والتمجيد الله اكبر.

 

حتى أغنية علي الممر التى تؤرخ لمشهد 76 ورغم انه إحدى الأفلام القصيرة لكنه فيلم يحمل لحظة مكثفة بالتحدي والصمود والمقاومة والمشاعر جندي لا يترك سلاحه حتى يذوق الموت الجندي المصري لا يهزم في معركته لأنه لا يخوض معركة توسع واستيلاء بل معركة الدفاع عن ارض وعرض وشرف وقيم وتاريخ وحضارة جندى غير منشغل بمكاسب أو نياشين ولكنه يحفر علي معبد التاريخ جدارية النصر التى لا يمحوها الزمان أو تلوث المثقفين بإلقاء هزيمتهم في قارعة طريق النصر..

 

وتعيشى يا كلمة مصر

 




كانت هى الدافع والحافز والمحرك الذى نفضت تراب الهزيمة...

 

وربما الكثيرون لا يدركون ماذا كانت تعنى نكسة 76 ... التى كانت تعنى ان الجيش المصرى يعانى اختلالا فى موازين البناء العسكري فنيا وتسلحيا بما يتماشى مع قواعد الحرب الحديثة ... فلم يكن الجيش المصرى حتى ذلك التاريخ يعرف سلاح الدفاع الجوى، ولا سلاح المشاة الميكانيكا ... والمظلات والقوات الخاصة والصناعة ولا يملك سلاحا قويا للاستخبارات الحربية أو الاستخبارات العامة وغيرها ...

 

 

هذا بالإضافة الى شح مصادر التسليح وحظر اغلبها على مصر من كافة الدول المنتجة للسلاح فهذا يعنى ان لدى القيادة المصرية أن تعيد بناء كل شىء ... إعادة بناء القوات المسلحة وإعادة تنظيمها بما يتماشى مع طبيعة التسليح الجديد ....

 

وكذا إعادة استحداث أسلحة غير موجودة ، والبحث عن مصادر أسلحة وهذه المصادر لابد أن تكون وفيرة بما يكفى إمداد معركة الاستنزاف ومعركة التحرير ولأنه لا يمكن عقلا أن تحصل على نوعية سلاح كل يوم فالجندي لابد أن تكون جهوزيته وفقا للسلاح وطول التدريب عليه ...

 

القصة كانت على مستوى الجيش كبيرة ومعقدة وذات إبعاد متشابكة ، ثم ان قضية التسليح لم تكن القضية الوحيدة التى يحتاجها الجيش بل ان إعادة الروح المعنوية للجنود والضباط بعد هزيمة مروعة كانت هى المفصل الأهم ....

 

وبعد ان تبنى هذه الروح كانت هناك معركة بناء المجتمع الذى يمثل حاضنة للجنود ومفرخ للجيش ولم تكن هذه العملية يسيره واعتقد ان الفن لعب دور البطولة فيها ... من خلال أغاني عبد الحليم حافظ الذى كان واحدا من جنود هذه المعركة عبر أغنيات شحذت همم مصر كلها والإقليم كله فى هذه المعركة ....

 

الطريق إلى أكتوبر لم يكن قرارا بخوض أو تحريك معركة كما يتصور بعض البلهاء المختزلين لأكتوبر بل كانت معركة ... أمام عدو مدعو بكل شىء ويتلقى معونات من كل شيء ولديه وفرة فى كل ما يريد ونحن نعانى الشح والتضيق وغياب الناصر إلا من الله عز وجل ودعم شعبنا وإخواننا العرب والأحرار فى العالم ....

 

الطريق الى أكتوبر كان طريقا صعبا وربما كان مستحيلا تحملت فيه قيادة هذه البلد قرارا مخيفا وصعبا وعسيرا وهى لا تملك إلا التوكل على الله ثم الاعتماد على سواعد مصر العفية ونسائها الأبية من هناك كان النصر مفتاحا للصبر....

 

إرسال تعليق

0 تعليقات