آخر الأخبار

باباي ترامب

 


 

عمر حلمي الغول

 

 

قبل أسبوعين من يوم الانتخابات الرئاسية الأميركية استطيع ووفق عدد من المؤشرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمسلكيات اللا أخلاقية، واستطلاعات الرأي باستشراف النتائج، والإعلان منذ الآن، بأن المرشح الديمقراطي، جو بايدن سيكون الرئيس الأميركي ال46، وسيحظى الديمقراطيون بالأغلبية في مجلس الشيوخ، وهذا الاستنتاج ليس إسقاطا ارادويا، ولا تخمينا، أو تبصيرا، ولا رؤية في المنام. انما مرهون بسير العملية الديمقراطية بشكل طبيعي، ودون حدوث تطورات دراماتيكية خارجة عن السيناريو الواقعي.

 

لكن في حال تفاقم أزمة الانتخابات مع اشتداد حدة الاستقطاب، وبروز ظواهر عدوانية بين أنصار المرشحين والحزبين، فإن قراءة النتائج تكون في عالم الغيب، ولا يمكن الجزم بما ستكون عليه، ولا ما ستكون عليه الولايات المتحدة.

 

إذاً قراءة نتائج الانتخابات الأميركية مرتبطة بكيفية سير العملية الانتخابية. لان هناك بون شاسع بين سيرورة وصيرورة الانتخابات بشكل ديمقراطي، ووفق معايير الدستور، وبين ارتكاب المجموعات العنصرية البيضاء، أنصار ترامب جرائم قتل أو خطف، او فرض البلطجة على الناخبين الأميركيين في الولايات المختلفة.

 

 

واستنادا لقراءة الواقع الأميركي، فإن نتائج الانتخابات بالضرورة ستكون لصالح بايدن لعدد من العوامل، منها: أولا  ارتفاع منسوب عجز الموازنة الأميركية بنسبة 218%، لتسجل بذلك رقما قياسيا بلغ 3.1 تريليون دولار في السنة المالية، التي انتهت في 30 أيلول / سبتمبر الماضي (2020)، وذلك بسبب الإنفاق الهائل لمواجهة جائحة الكورونا. ويمثل هذا الرقم أكثر من ضعف الرقم القياسي السابق للعجز، الذي وصل إلى 1.4 تريليون دولار عام 2019.

 

 وفق ما نشرته وكالة "فرانس برس" نقلا عن المصادر الأميركية يوم الجمعة الموافق 16/10/2020.

 

ثانيا ووفق ذات المصدر واليوم والتاريخ، فإن إجمالي الدين الحكومي المعلن أرتفع إلى 26.9 تريليون دولار، بما يزيد عن حجم الناتج القومي الأميركي. ويعود ذلك لزيادة الإنفاق، وتراجع عائدات الضرائب بسبب إغلاق المؤسسات والمصانع والعديد من الولايات بسبب جائحة "كوفيد 19".

 

ثالثا ارتفاع عدد العاطلين عن العمل خلال الأسبوع الماضي فقط، أي في مطلع الثلث الثاني من الشهر الحالي تشرين أول/ أكتوبر 2020 نحو 898 ألف شخص. وهو أعلى معدل منذ آب / أغسطس الماضي. كما بلغ عدد المتلقين لتعويضات البطالة عشرة ملايين شخص، بيد ان مجموع الحاصلين على المساعدات 25 مليونا بسبب خسارتهم وظائفهم، أو تراجع دخلهم. وحسب بعض المصادر الأميركية، فإن إجمالي عدد العاطلين عن العمل بلغ خمسين مليونا.

 

رابعا تضرر الصناعات التحويلية وغيرها في البلاد، وسجلت نتائج مرتفعة في التباطؤ الإنتاجي في أكثر من ولاية، ومنها نيويورك وفيلادلفيا.

 

خامسا ارتفاع عدد المصابين بفايروس كورونا، حيث تجاوز عتبة ال8 مليون إنسان، وتجاوزت الوفيات ال217 ألفا، ونقل موقع "الجزيرة نت" عن 3 أشخاص مقربين من مردوخ، إمبراطور الإعلام المقرب من ترامب، وأحد اكبر مؤيديه، قوله" إنه مشمئز من تعامل ترامب مع جائحة الكورونا، (واصفا اياه)، بأنه عدو نفسه، ولا يستمع للنصيحة". وهو ما يشير إلى فشل إدارة ترامب من مواجهة الوباء، ولهذا اثر بالغ على مزاج الناخب الأميركي، وبات احد اهم معاييره.

 

سادسا آخر استطلاعات الرأي أمس الأحد الموافق 18/10/2020 تشير إلى تقدم بايدن عن ترامب بتسع نقاط. وهذا الفارق لم يكن موجودا بين ترامب ومنافسته كلينتون عام 2016، حيث كان الفارق محصورا ب3 نقاط، أضف إلى حدوث تغير واضح في ميول الناخبين في العديد من الولايات المؤثرة في المجمع الانتخابي.

 

سابعا إقرار شخصيات مركزية في الحزب الجمهوري مثل السناتور غراهام ليندسي، بأن الديمقراطيين لديهم فرصة جيدة للفوز في الانتخابات. جاء ذلك الإقرار في جلسة للجنة القضائية بمجلس الشيوخ يوم الخميس الموافق 15 /10 الحالي.

 

 ثامنا الخطر لا يتهدد المرشح الجمهوري، إنما يطال الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ، لإن الانتخابات تشمل أيضا انتخاب 35 مقعدا من مقاعد مجلس الشيوخ، وفق استطلاعات الرأي، حتى ان غراهام ليندسي يواجه صعوبة في الحفاظ على مقعده في كارولينا الجنوبية، أضف إلى حدوث تراجع في مكانة الجمهورين في خمس ولايات، مما يعني بشكل واضح إلى إمكانية خسارة الأغلبية التي يتمتعون بها حاليا، وهي 53 مقعدا من ال100 مقعد أجمالي عدد مقاعد المجلس.

 

 تاسعا الطريقة السوقية التي يتعامل بها الرئيس  ترامب مع منافسه، والتي عكست هبوطا أخلاقيا وقيميا غير مسبوق، فوصف يوم السبت الماضي (17/10/2020) المرشح الديمقراطي وعائلته باقذع النعوت، فقال "عائلة بايدن مؤسسة إجرامية، ويتم التستر عليها من قبل وسائل الإعلام وشركات ومواقع التواصل الاجتماعي". وتابع بغباء مدقع، وفجور لا يمت لسمو موقع الرئاسة بصلة، فقال ب"خفة دم" مفتعلة، ومرفوضة من الشارع الأميركي باستثناء العصابات العنصرية الموالية له، انه "إذا فاز بايدن في الانتخابات، فإنه يفكر بمغادرة البلاد." وكأن الأميركيون سيكونون آسفين على رحيله.

 

 

في كل الأحوال من خلال القراءة الموضوعية للواقع الأميركي عشية يوم الانتخابات، فإن تقديري الشخصي تشير إلى هزيمة الرئيس ترامب والحزب الجمهوري، ولذا يمكن القول من الآن باباي ترامب، ووداعا ايها الأميركي البشع،  إلآ اذا حدث سيناريو لا يعلمه إلآ الله. وان غد الانتخابات لقريب جدا.

إرسال تعليق

0 تعليقات