محمود جابر
انتهينا فى الحلقة السابقة بسؤال : هل ستقف الحرب فى القوقاز أم مرشحة
للتوسع أكبر ؟
وبما أن الدراما هى انعكاس للواقع، وكما نرى فى كل الأفلام والمسلسلات، أن
رئيس العصابة يقوم هو بقتل الرجل الثاني ومعاونيه حينما يكتشف أن خيوط الشبكة
العصابية قاربت على السقوط فى يد الشرطة ورجال الأمن ...
الحرب الدامية فى القوقاز أشبه ما تكون بنهاية مخطط وبداية مخطط جديد،
وربما يقدم زعيم العصابة الذي يمسك بالأوراق بحرق أفراد العصابة قبل أن يحترق هو في
اللعبة، وما من شك أن كل دوائر الصراع مفتوحة كل منهما على الأخرى بشكل أو بآخر،
فالرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي كشف قبل أيام قليلة عن الايميلات الالكترونية
لهيلارى كلينتون مستخدما كل الأوراق فى النزال الانتخابي الأصعب فى أمريكا، بينه
وبين الديمقراطيين..
كشف أن لعبة الطائفية باستخدام جماعات العنف الديني وتركيا وإيران كانت خطة
أمريكية من الرئيس السابق اوباما، وهذا ليس حرقا للديمقراطيين في الداخل الأمريكي
وفقط، ولكنه أيضا حرقا لأوراق كلا من تركيا وإيران في الإقليم والتعاون الامريكى
معهما والذى أقتضى أن تترك الولايات المتحدة مساحة فراغ فى الإقليم يتقاسمها كلا
من الدولتين السابقتين، ويسيطران على الإقليم وتقوم أمريكا بالتعاون معهما نيابة
عن باقي دول الإقليم كله .
لكن أتت الرياح بما لا تشتهى السفن ، فالهزائم المتتالية لاردغان فى الإقليم
يجب أن يدفع هو وتركيا ثمنها، والهزائم الإيرانية فى الإقليم أيضا يجب أن تدفع إيران
ثمنها، ولكن كيف.
ليبيا وسوريا ساحتين أوشكت تركيا على الهزيمة فيهما، ولكن بقى فيهما مرتزقة
كانوا يحاربون بدعم تركى، فمع سيطرة الجيش العربي السوري على اغلب الأراضي
السورية، ومع قرب الاتفاق السياسي الليبي سواء فى القاهرة أو المغرب أصبح لازما
على اردغان بنقل هؤلاء إلى خارج ليبيا وسوريا .
فهؤلاء المرتزقة الذين سيكونون دعما لأذربيجان ضد أرمينيا يمكن أن يعدلوا
من كفة الأولى ضد الثانية، وهذا الانتصار يمكن أن بل هو مرشح لان يفتح شهية أذربيجان
لضم كل الأراضي الاذرية فى الإقليم لأراضيها ويتم توحيد الشعب الاذري جميعا
والمنقسم ما بين أذربيجان وإيران!!
ومن هنا يمكن أن تبدأ الحرب تتوسع
بشكل إقليمي، ولو أخذنا بعين الاعتبار وجود إسرائيل جنبا إلى جنب مع تركيا دعما لأذربيجان،
مع الأخذ فى الاعتبار مرة أخرى كيف يمكن لإسرائيل استخدام هذه الحرب ضد إيران،
وكيف يمكن أن يستفيد الناتو من هذه الحرب ضد روسيا!!
إذن نحن أمام حرب إقليمية أو عالمية فى شكل نزاع عرقى بين دولتين فى وسط
آسيا...
وبالنظر إلى الصراع فى شبه جزيرة القرم والنزاع فى القوقاز وكلاهما نزاع
أحد طرفيه روسيا والطرف الآخر الناتو وتركيا، ويمكن أن يمتد الصراع من أوكرانيا إلى
أذربيجان وأرمينيا، ولكن الملف الأخطر في كل هذا .. هو ملف الاذريين فى إيران .
إن صعود دور أذربيجان الاقتصادي واستقرار نظامها السياسي ونجاح تحالفاتها
الإقليمية والدولية، كل هذا يهدد الداخل الإيراني ويجتذب الهويات الأذرية نحو
التوحد والذي يمكن أن يقسم الهوية الإيرانية من الداخل ويجرها إلى الحرب الدائرة .
وبالنظر إلى تعداد الاذريين فى الداخل الإيراني الذي يشكل 40% من السكان
ويبلغ تعدادهم حوالي 28 مليون نسمة، فإننا ندرك حجم المخاطر التى تنتظرها إيران
نتيجة الحرب الدائرة والتي يمكن أن تنتصر فيها أذربيجان، وكونها تمثل قلب المركز
الاذري فى المنطقة والتي يمكن أن تجتذب الأطراف الاذرية على حساب الجمهورية الإسلامية...
هذه اللعبة الأمريكية الإسرائيلية من شانها أن تجر قدم إيران إلى الحرب
الدائرة لتفتح مواجهة مباشرة بين كلا من تركيا وإيران من اجل أن يدفعها كلا منها
ثمن فشلها ويمكن وقتها أن تتغير جغرافية المنطقة بما يتناسب مع الخطة الأمريكية
ولكن هذه المرة لن تكون بمساعدة كلا من إيران وتركيا ولكن على حسابهما ...
0 تعليقات