عمر حلمي الغول
سألني أكثر من متابع وصديق عن مقالة الأمس بعنوان "باباي ترامب"،
وكانت كالتالي: ألا تعتقد انك استعجلت في النتيجة؟ وسؤال آخر أين دور اللوبي
اليهودي الصهيوني وعائلات أباطرة المال اليهودية ال13؟ وهل سيقبلوا سقوط حليفهم
الأقوى؟ وهل العوامل التي ذكرتها كافية للاستنتاج برحيل ترامب؟ وهل يمكن أن يسلم
ترامب الحكم؟
أسئلة وجيهة وموضوعية، وتحتاج إلى أجوبة. وعليه سارد وفق ما امتلكه من
معطيات قديمة جديدة، ووفق قراءتي العلمية، وبالاستناد لما دونته أمس وقبل الأمس في
عدد من المقالات حول الموضوع، وأولا لا اعتقد اني استعجلت في استشراف نتائج الانتخابات،
لأن الواجب يملي على المتابع لتطورات العملية الانتخابية قراءة آفاقها، وليس الاكتفاء
بالبقاء في دائرة عرض التطورات بين المتنافسين في حلبة الصراع. الجدارة المهنية
والعلمية دائما تكمن في استقراء تطور اي حدث، مع الإقرار المسبق، ان مطلق قراءة أسوة
بالدراسات والأبحاث للظواهر الحديثة المختلفة تفرض على الباحث وضع تقديراته واستنتاجاته
الموضوعية بعيدا عن الرغبات والإسقاطات. وبالتالي إمكانية الصواب والخطأ، هي
إمكانية منطقية. اصف إلى أنني ذكرت وأكدت، ان النتائج ستكون لصالح الديمقراطيين
ومرشحهم إذا ما سارت العملية الديمقراطية بشكل طبيعي. ولكن لم اكتف بذلك، بل فتحت
القوس، وأشرت، إلى ان كل شيء قابل للتغير في حال حدوث تطورات غير منظورة من قبل
أنصار الرئيس دونالد ترامب.
ثانيا لا اعرف ان كان القارئ وبعض المتابعين للانتخابات الرئاسية الأميركية
يعلم او لا يعلم، ان حوالي 70% من اليهود الأميركيين بما في ذلك من الجي ستريت،
وحتى الإيباء بالإضافة للأجيال الشابة وغيرهم يؤيدون رحيل الرئيس ترامب، ولا يرون
ما يطرحه من رؤى يخدم مستقبل الدولة الإسرائيلية، بل العكس صحيح. وعليه فإن أدلسون
وتبرعاته لترامب والحزب الجمهوري، التي بلغت 176 مليون دولار، لا تغير من المعادلة
شيئا، لإن القطاع الأوسع من اليهود الأميركيان ضد توجه ادلسون ومن لف لفه. ومن
المؤشرات الإيجابية لدعم حملة بايدن، ان حملته تمكنت من جمع 383 مليون دولار، جزءا
منها من العائلات اليهودية، في حين ان حملة المرشح الجمهوري لم تتجاوز 247 مليون
دولار. وهذا مؤشر واضح على ان العائلات ال13 ومنها عائلة ادلسون، صديق ترامب
ونتنياهو تميل إلى ترك المنافسة بين الحزبين والرجلين، لإن كليهما ليس ضد إسرائيل
الإستعمارية، لا بل كلاهما حليف لإسرائيل، ويعملان لحمايتها وضمان قوتها، وهذا
معروف عن نائب الرئيس السابق، ونائبته مكاملان هريس.
كما ان جزءا من العائلات اليهودية الأميركية رفضت منطق نتنياهو وفريقه
المتطرف في إدارة الظهر للحزب الديمقراطي ومرشحه، ومن منطلق حسابات المستقبل
القريب والبعيد، فإن قطاعا واسعا إتجه لبناء سياسة توازن بين الحزبين والمرشحين. اضف
إلى ان تركيز ترامب حملته على إستقطاب مطبعين عرب رسميين مع اسرائيل، لم يخدم
حملته، لا بل اضرها، وأضر الفاسد نتنياهو، ولعل من راقب المظاهرات المنادية برحيل
رئيس وزراء إسرائيل يوم السبت الماضي (17/10/2020) أدرك جيدا، ان التطبيع
الإستسلامي لم يسجل أي حافز لصالح ترامب وحزبه، وإدعاء وزير الخزانة الساذج في
البحرين اول امس عند توقيع اتفاق الإذلال، ان تطبيع البحرين مع اسرائيل اهم من
التطبيع مع مصر، هو كلام هراء، ويعكس عقم سياسي.
وثالثا إن كان أباطرة المال الصهاينة وغيرهم يسعون لإشعال حرب عالمية لفناء
الجزء الأكبر من البشرية، مازال الوقت امامهم، وهناك فرصة في الأيام المنظورة
لإحداث تطورات غير مسبوقة في التاريخ. لإن فرضية فناء العدد الأكبر من سكان كوكب
الأرض، وإبقاء مليار من ثمانية، لا تحققه جائحة الكورونا، وانما يحتاج إلى إشعال
فتيل الحرب، وهذا الأمر قابل في كل لحظة للإنفجار، ولا يحتاج لكبير عناء. لا سيما
وأن الصراع المحتدم بين اميركا من جهة والصين وروسيا الإتحادية من جهة اخرى بات
على نار ساخنة نسبيا.
رابعا هناك عاملين هامين اشرت لهما فيما سبق، منهما عامل إرتفاع نسبة
التصويت من النساء لصالح بايدن، وهذا العامل، كان من العوامل التي رجحت كفة ترامب
في انتخابات 2016، الآن تغيرت الصروة، وإنقلبت النساء على ترامب بشكل واضح لصالح
بايدن وبفارق كبير يصل إلى ما يزيد عن 25 %. كما ان كبار السن يمليون لصالح المرشح
الديمقراطي. وبالتالي مجموع العوامل تشير بالقراءة العلمية الموضوعية تقدم نائب
الرئيس السابق على الرئيس الحالي، ترامب. وعليه مازلت مقتنعا باستنتاجي بإقتراب
رحيل الرئيس الجمهوري، وخسارة حزبه الأغلبية في مجلس الشيوخ، وقام الأيام المتبقية
تحمل الجواب.
أما ان يترك ترامب كرسي الحكم من عدمه، فهذا متروك للأيام القادمة، مع انه
اول امس أعلن ولأول مرة أمام ناخبيه، انه مستعد للتعامل مع نتائج الانتخابات. ومع
ذلك ربطها مجددا، إذا كانت انتخابات نزيهة، بمعنى أدق انه ابقي الباب مفتوحا لكل
السيناريوهات.
0 تعليقات