آخر الأخبار

إلى اين ستنتهى الازمة فى العراق








بقلم / سميح خلف



إلى أين ستنتهي الأزمة بين الكاظمي وقوات الحشد الشعبي؟!


تقريبا أربعة عقود مرت على العراق في حروب دائمة استنزفت طاقاته وأبنائه في صراع له علاقة بالتدخل الإقليمي والدولي في شؤون العراق التي هي ثالث دولة في الاحتياطي النفطي ، والعراق أيضا هي البوابة الشرقية في آسيا للوطن العربي .


الحرب الإيرانية العراقية حرب الخليج الأولى والثانية كبدت العراقيين ملايين من الضحايا بالإضافة إلى المعارك الجانبية ما قبل ذلك لطموحات الأكراد في الانفصال عن الوطن الأم .


تعرض العراق لحملة فائقة الدقة في التفريق المذهبي والحقن والشحن لكلى الطوائف السنية والشيعية والكردية وباقي الطوائف الأخرى بهدف تفتيت العراق وتقسيمه وتشتيت قواه المركزية ، انتهت حرب الخليج الثانية باجتياح العراق وتدمير أصول الدولة الوطنية وأجهزتها السيادية والإدارية ووضع لها برامير ميثاق جديد له علاقة بالأمن والتقسيم الطائفي حين قال برامير لصحيفة نيويورك تايمز لقد آن الآوان للشيعة ان يحكموا العراق بعد مئات السنين من الظلم والاضطهاد ، تلك العبارات التي أطلقها برايمر لمتجهات السياسة الأمريكية في العراق التي أنجبت ثلاث وزارات على الأقل موالية لأمريكا وللوجود الأمريكي وازدادت حاجة الشيعة للاحتلال الأمريكي عندما خلقت دولة الزرقاوي ومن ثم داعش التي مولتها أمريكا بشكل مباشر أو غير مباشر من خلال دول إقليمية، وعندئذ بني الاحتلال الأمريكي جيش عراقي استبعد فيه كل الأصول للجيش العراقي السابق في عهد الرئيس الراحل صدام حسين رئيس الدولة الوطنية في العراق .


لم يستطع الجيش العراقي لوحده مواجهة داعش التي اعتبروها من أصول سنية وبالتالي تم شحن المذاهب الشيعية المختلفة ضد السنة باعتبار ان أي تشكيل سياسي للسنة هو تشكيل يدعم الإرهاب ، وبالتالي ومن خلال انتخابات رئاسية وبرلمانية وحسب التوزيع والتعداد السكاني للمذاهب المختلفة كانت رئاسة الوزراء للشيعة دائما لأنه نظام مبني على التقسيم المذهبي والطائفي ، أما رئاسة الدولة فكانت للأكراد ، وباقي المناصب السيادية المهمة للشيعة .


النظام العراقي السابق كان ذو هوية وطنية وكانت هناك المؤسسات والأجهزة السيادية على رأسها شيعة وأكراد أيضا إلا أن من الأهداف المهمة للغزو الأمريكي هو ما عبر عنه برامير لتفتيت العراق وتقسيمه حسب الأكثرية المذهبية وبالتالي تتلاشى الدولة الوطنية ويبقى العراق وثروات العراق هي أسيرة المنطق الأمريكي السياسي في المنطقة ، ويبقى العراق في حاجة اقتصادية للممول الأمريكي ودول التحالف ، حيث أصبح العراق من اكبر المديونيات التي تتحملها حكومته بالإضافة الى انهيار الاقتصاد العراقي من اثار الاجتياح الى المحاصصة المذهبية التي تفشى فيه الفساد على حساب الشعب العراقي ، هكذا كانت الأمور في العراق .


ولكن من المهم ان نفهم وكما عبر الرئيس الأمريكي السابق اوباما على ان هناك خطأ استراتيجي في اجتياح العراق الا ان الدولة العميقة في أمريكا كانت تفهم بان اي انهيار للدولة الوطنية بقيادة صدام حسين سيكون بمثابة خدمة جمة لإيران التي أتت بثورة إسلامية بقيادة الخوميني في عام 1979 ولها أطماعها في المنطقة فهل هذا هو خطأ أمريكي أم إصرار أمريكي على وضع الأمة العربية في حالة ضعف دائم ليتناول أشلاءها كل من إسرائيل وإيران وتركيا من المستجدات .


كان لقوات الحشد الشعبي المدعومة من إيران ماليا وتسليحيا القدرة الكبيرة في القضاء على داعش وطردها او ملاحقتها وملاحقة فلولها في شمال العراق وغربه ومن هنا وبدعم من المرجعيات الشيعية مثل السيستاني والصدر وغيره أصبح لنفوذ قوات الحشد الشعبي بما لا يستطيع رئيس الوزراء التغلب عليه الذي هو أساسا موالي لإيران ويتعامل مع الأمريكان بحكم قرار مجلس الأمن السابق وكقوة احتلال حتى أصبحت قوات الحشد الشعبي لها ان تحول المواقف والسياسات في مجلس النواب العراقي والرئاسة العراقية ايضا ً .


بعد مقتل سليماني عن طريق عملية خاصة لقوات المارينز الامريكي وظهور سياسة جديدة للسياسة الأمريكية بقيادة الرئيس الامريكي ترامب ومحاولة طرد النفوذ الايراني من العراق وبشكل او باخر التحريض من خلال قوى مدنية شيعية وبعضها حزبية للتظاهر في البصرة وبغداد ضد النفوذ الايراني في العراق والذي اتى برئيس وزراء موالي لامريكا " الجعفري " الذي خاض حوار استراتيجي رقم 1 2 مع الرئيس الامريكي بان العلاقة مع امريكا خيار استراتيجي ومحاولة ضبط السلاح وإنهاء الفلتان الامني في العراق .


احست قوى النفوذ الايراني في العراق بالخطر من سياسات رئيس الوزراء الجديد الجعفري في حين قامت قوات مجهولة مذهبية بتصفية واغتيال اكثر من ناشط شيعي يطالب برحيل ايران من العراق واشتد مع هذه الاغتيالات ، حيث قامت قوات الحشد الشعبي بملاحقة المتظاهرين في النجف والاماكن المقدسة الاخرى للشيعة ، ومع هذا ايضا تكثفت العمليات العسكرية من خلال اصطياد الدوريات الامريكية في العراق ومهاجمة السفارة الامريكية والمنطقة الخضراء بالصواريخ مما دفع الادارة الامريكية بسحب اكثر من 2500 جندي من العراق والتهديد بنقل السفارة الامريكية الى شمال العراق تحت حماية الاكراد ، وبذلك اعتبر رئيس وزراء العراق ان هذا يهدد استقرار العراق ومصالحها الاقتصادية والدبلوماسية ، حيث هددت اكثر من سفارة باغلاق سفاراتها ايضا في العراق .


كنا نعلم منذ مقتل سليماني بان المواجهة بين امريكا وايران ستكون في العراق ، حيث طالب كثير من الشيعة برحيل القوات الامريكية واغلاق السفارة وهم يعملون على ذلك ايضا ولكن التعهدات للنظام العراقي الجديد تصر على ملاحقة ومهاجمة من يطلقون الصواريخ على السفارة الامريكية والقوات العسكرية الامريكية .


الوضع معقد بالنسبة لرئيس الوزراء الجديد الموالي لامريكا وهناك شك في ان يستطيع ا الجيش العراقي المدعوم من امريكا ان يواجه قوات الحشد الشعبي المدعومة من ايران في العراق والتي لها خطوط امداد ثابتة برية وغير برية .


ولكن هل يعود الصراع من جديد في العراق بعد انتهاء الصراع الشيعي السني والقضاء على نظام صدام حسين الذي اعتبر انه سني وكان من احد الأسباب لاجتياح العراق بدعم من كافة الشيعة في العراق الى الحلقة الأخرى من تدمير العراق باشتعال حرب أهلية بين الشيعة مع بعضهم البعض فايران لن تخرج من العراق وكثير من طوائف الشيعة هم مع ايران برغم الاختراق الذي احدثته امريكا في بعض طوائف الشيعة التي دعمت وشاركت في التظاهرات التي تطالب بخروج ايران من العراق ، هنا الخطر الحقيقي على العراق اذا ما اشتعلت الحرب الاهلية بين الشيعة وبعضهم والتي ستحسم في النهاية لصالح ايران والتي سيكون من الصعب الحيادية في هذا الصراع مع باقي الطوائف الاخرى وبالتالي تحتاج العراق الى خمس عقود اخرى اذا ما بقيت الديموغرافيا والطوبوغرافيا العراقية كما هي .


إرسال تعليق

0 تعليقات