كم استخدم شيوخ الوهابية والسلفية وحتى كثير من دعاة الأزهر الشريف
الدين لأغراض سياسية واجتماعية خاصة ، بل وتصل حد الإساءة لو كانوا يعلمون ( الذين
ضلَّ سَعيّهم في الحياة الدنيا وهم يَحسبون أنهم يُحسنون صنعا ) ، ومن ذلك ترويجهم
لفكرة أن النبىّ مُحمداً صلى الله عليه وسلم عاش ومات فقيراً ، يربط الحجر على
بطنه من الجوع ، وتمضى الأيام الطوال دون أن توقد فى بيته نار للشواء ، وأنه كان
يُرقع ثوبه ، ويرتق حذاءه ، وكان ينام على حصير حتى تأذى جسده الشريف ، وأنه مات
ودرعه مرهونة عند يهودى !! .
وهذا كله كذب صراح ومحض افتراء وتضليل ، يهدف إلى إجبار الناس على
تقبل فكرة الفقر والجوع ، والاستسلام لها ، والرضوخ لحالة العَوز والاحتياج ، وعدم
الاعتراض على ذلك مادام النبىّ نفسه قد عاش ومات فقيراً محتاجاً !! .
وأنا أقول واثقاً مُطمئناً أن النبىّ مُحمداً كان ثريّاً ثراءً
كبيراً، وهذا لا ينقص من قدره أبداً ، وأنه مات تاركاً ثروة ضخمة تربو على طن من
الذهب ، كما ورد فى كتاب المسعودى ( مروج الذهب ) !! .
كما أنه ترك تسعاً من النساء هن أمهات المؤمنين ، مُحرّمٌ عليهن
الزواج من بعده ، فأنّى لهن العَيّش الكريم إذا كان هو قد مات فقيراً كما يزعمون
!! .
وقد تغافل هؤلاء أن النبى كان لديّه من الخدم والموالى مايزيد عن
الثلاثين خادماً ، رجالاً ونساءً ، لكل منهم مهمة خاصة ، حتى كانت أم أيمن وابنها
مُختصيّن بمَطهرة النبىّ وقضاء حاجته ووضوئه ، وعبد الله بن مسعود حامل نعله
وسِواكه، وثوبان لناقته !! .
وكانت بيوت النبى مَطعماً للصحابة، يَرِدون إليها فيأكلون ويشربون
متى احتاجوا ذلك، تطبيقاً للآية الكريمة الثالثة والخمسين من سورة الأحزاب ، والتى
تقول ( يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبىّ إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير
ناظرين ..... ) إلى آخر الآية الكريمة !! .
كما يحق لكل عاقل أن يتساءل ، كيف يكون النبىّ فقيراً مُعدماً
وحواليّه كبار الصحابة هم من أغنى أغنياء العرب ، وكيف سيرضون بذلك على نبيّهم ،
وفيهم عبد الرحمن بن عوف الذى كان الرجال يقطعون الذهب الذى تركه بالفئوس حتى
مَحَلت أيديهم ، وفيهم عثمان بن عفان الذى جهّز جيّش العُسرة وحده ومن ماله ،
وعمرو بن العاص الذى خلف عند موته مائتى قنطار من الذهب ، وطلحة بن عُبيّد الله
الذي كان فى يده خاتم من الذهب المرصع بالياقوت الأحمر ، وزيد بن ثابت ، وغيرهم
كثير من صحابته صلى الله عليه وسلم !! .
وما الحكمة أن يترك الله نَبيّه المُصطفى وسَيّد البشر فقيراً
يتسوّل ، أو يعيش عالة على أصحابه ، وهو القائل له ( ووجدك عائلا فأغنى ) ، وأحلّ
له خُمس الغنائم من الحروب والغزوات ، ناهيك عن الثروة الطائلة التى آلت اليه من
تجارة السيدة خديجة بعد وفاتها !! .
لكن يبدو أن فكرة التقشف والزهد قد تسللت إلينا من نظام الرهبنة فى
الديانة المسيحية ، واتخذها بعض المُتصوّفة طريقاً للوصول إلى الله ، والذوبان فى
عشق ذاته العَليّة ، وهو مَسلك فرديّ خاص لاغبار عليه لمن يحتمله ويطيق مَشقته وعذاباته
!! .
فليكف مشايخ السلاطين عن الترويج لفقر النبىّ ، تبريراً لعجز
الحُكّام وفسادهم ، فما ينبغى للنبىّ ذلك ، فهو الغنى بالقرآن والعقل والروح
والأخلاق والقلب والسلوك ، وبالمال أيضاً ، ولا ضرر في ذلك ، صلى الله عليه وسلم
!! .
* مأمون الشناوى *
0 تعليقات