أحمد مبلغي#
تفسير عصري للآية الشريفة:《قَالَ
تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ
إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ》يوسف.
هل إدارة يوسف (ع) كانت من إدارة الأزمة أم من إدارة المخاطر؟
الجواب ان الذي فعله النبي يوسف (ع) لم يكن من نوع إدارة الأزمات ،
لأن في إدارة الأزمات تقع الأزمة أولاً، ثم يتم اتخاذ الإجراءات لإنهاء تلك
الأزمة، مع أن التدابير والإجراءات التي قام بها يوسف (ع) والإدارة التي حققها
وقدمها على أساسها، تمت قبل المجاعة بسنوات عديدة، لذلك كانت من نوع إدارة المخاطر.
المكونات والمبادئ:
قبل أن أذكر هذه المكونات والمباديء ، علي أن أطرح سؤالاً، حيث
يمكن أن يكون هذا سؤالًا لبعض الذين قرأوا هذا النص.
والسؤال هو أليس من اللازم أن لا نحلل أجزاء وعناصر إدارة النبي
يوسف (ع) على أساس قضية إدارة المخاطر؟ وذلك بسبب الاختلاف بين مصدري المعرفة في
الإدارة اليوسفية (التي كانت إلهية) والإدارة البشرية العادية (القائمة على
المعرفة والخبرة).
الجواب هو أن الحقيقة هي أن هذا يمنحنا فرصة أفضل لاستكشاف وفحص
العناصر في تلك الإدارة.
لمعرفة أنه هل تلك العناصر المستخدمة في تلك الإدارة تتفق مع ما
يقال ويفعل اليوم حول إدارة المخاطر؟
لأنه على أية حال، فإن يوسف (ع) أدار تلك الظروف الخطرة ، والسؤال
بأي مبادئ؟
إذن وجود التفاوت في مصدر المعرفتين في هاتين الإدارتين، ليس فقط
لا يسبب مشكلة لتحليل الإدارة اليوسفية، بل بحد ذاته فرصة مغتنمة لمعرفة الأصول
التي تشكلت تلك الإدارة على أساسها.
نعود لبيان المكونات التي كانت لإدارته ( ع)، ونقول:
التعريف الذي يتم -اليوم- لإدارة المخاطر هو أن هناك أربعة عناصر
أساسية تتشكل منها إدارة المخاطر، وهذه الركائز متوفرة في أي إدارة مخاطر ،
وبدونها لا معنى لها على الإطلاق.
إذن إدارة المخاطر هي عملية تتكون من أربعة عناصر أساسية:
"القياس" ، "التقييم"، "الإستراتيجية" و
"العمليات".
١. القياس:
التنبؤ هو أساس أي إدارة للمخاطر، وتستند أبجدية إدارة المخاطر
أساسًا إلى هذا التنبؤ والتطلع إلى المستقبل، وإن كان ذلك قائمًا على التحليل، وهذا
ما يسمى القياس.
في الآيات المتعلقة بالنبي يوسف قام هو بقياس الخطر ووقت حدوثه،
وذلك كما في الآية:
"ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ"
بالطبع ، كان يوسف (ع) على علم بالمجاعة من مصدر إلهي، ولكن على أي
حال، هذا الذي وقع منه هو النظر إلى المستقبل وهذا كان قياسا للخطر.
٢. التقييم:
إن تقييم حجم المخاطرة وأبعادها وتأثيرها على شدتها وضعفها هو
العنصر الثاني الذي يشكل إدارة المخاطر، وهذا بالضبط ما قدمه النبي يوسف (ع) كما
انعكس في هاتين الآيتين:
"يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا
تُحْصِنُونَ* ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ
وَفِيهِ يَعْصِرُونَ".
تأتي التتمة إن شاء الله
0 تعليقات