د.جودة عبد الخالق
إنطلاقا من أرضية مصرية خالصة، وفي مناسبة وطنية خالدة، واستشعارا
لحرج اللحظة التاريخية، أتوجه بهذا الخطاب المفتوح إلى رئيس الجمهورية.
سيادة الرئيس
أولا: أتوجه إليكم وإلى الشعب المصرى العظيم و كل شعوب الأمة
العربية ، وإلى الجيش المصرى الباسل بخالص التهنئة بمناسبة الذكرى السابعة و
الأربعين لانتصار أكتوبر المجيد.
ثانيا: لقد تحملت فئات عريضة من المجتمع ضغوطا متزايدة، نتيجة ما
يسمى الإصلاح الاقتصادى و مفعول جائحة كورونا. ثم جاءت قرارات تخفيض وزن الرغيف
ومضاعفة رسوم الدراسة وغرامات مخالفات البناء لتضيف أعباء جديدة على كاهل الناس.
إن الفقراء و الطبقة الوسطى يكابدون و يتألمون فى صبر و صمت. و علينا أن نتحاشى
اللحظة التى ينفد فيها صبرهم و ينتهى صمتهم. لذلك نكرر دعوتنا لعقد مؤتمر وطنى
للإصلاح الاقتصادى تناقش فيه كل القضايا بمشاركة الجميع، بحيث يتحول بلدنا من
اقتصاد ريعى إلى اقتصاد إنتاجى.
ثالثا: رغم الجهود المبذولة للحماية الاجتماعية، فإن ميزان العدالة
الإجتماعية قد مال ميلا شديدا. وتضاعفت أعداد الفقراء واتسعت الفوارق بين فئات
الشعب. وأصبحت ميزانية الدولة موظفة لصالح الأغنياء وعلى حساب الفقراء و متوسطى
الحال. فمثلا في موازنة الدولة 2020/2021 نجد أن البند الأول في المصروفات هو
التزامات فوائد الدين العام (566 مليارات جنيه بنسبة تبلغ رُبْع المصرفات) و ليس
الأجور أو الدعم (335 مليارات و 326 مليارات جنيه على التوالي). وإذا أضفنا
استحقاقات أقساط الدين (556 مليارات جنيه) نجد أن حوالى نصف الموازنة العامة يذهب
لخدمة الدين العام. فما الذى يبقى للخدمات الاجتماعية التي هي أساس قوة الدولة مثل
التعليم والصحة؟
رابعا: هناك إحساس حقيقى متزايد بأن سقف الحقوق والحريات العامة قد
انخفض كثيرا ويحتاج إلى رفع كبير. و ما زال الشباب هم الرقم الأصعب فى معادلة
الحكم فى مصر. ومن الواضح أننا نحتاج إلى صيغة جدبدة لمعالجة هذا الملف الحساس
ولإدماج الشباب فى حياة المجتمع. ورغم أنكم قلتم أن الولاية الثانية ستشهد تنشيط
الحياة السياسية و بناء الإنسان، لكننا حتى الآن لا نلمس مؤشرات تدل على ذلك أو
خطوات تؤدى إليه. وقد طالبنا مرارا بعقد مؤتمر تشارك فيه كل القوى الوطنية المؤمنة
بالدولة المدنية الديمقراطية لمناقشة قضايا الحكم في مصر لإنعاش الحياة السياسية و
تنشيط الأحزاب.
خامسا: أقول إن الوضع الحالي مؤلم وقاس، وهو غير قابل للاستمرار.
الأمر جد خطير. وإذا لم نتدارك كارثة الغلاء و تراكم الأعباء التي تعصف بالفقراء
والمعدومين، و ما لم يتم فتح المجال السياسى و تعزيز حرية الرأي و التعبير، فسوف
تستمر المعاناة.
وختاما: أرجو مخلصا يا سيادة الرئيس ألا تستمع لبطانة السوء. وأن
نقوم بما يلزم لرفع المعاناة عن شعبنا، وخاصة الفقراء و الطبقة الوسطى. مع تمنياتى
بالتوفيق لصالح البلاد و العباد.
جريدة الأهالي
أكتوبر 7, 2020
0 تعليقات