تعلموا من الناصرية ولا تعلموها

 

 

 

عز الدين البغدادي

 

على أرضها نشأت أولى الحضارات، وأول المدنيات، علمت الناس الكتابة، وفيها ظهر أول تشريع مدون هو تشريع اورنمو الذي سبق قوانين حمورابي بثلاثة قرون.

 

وفيها حدثت ملحمة ذي قار التي قال عنها النبي (ص): هذا أول يوم انتصف فيه العرب من العجم، وبي نصروا.

 

إنها مدينة ابراهيم الخليل، ومنطلق دعوته.

 

مدينة الوعي، مدينة الفن والشجن، مدينة الشهداء.. قاومت الانكليز، وفيها انبثق الوعي وهي مدينة الشجعان.

 

كل الحركات السياسية في تاريخ العراق نبعت منها أو تأصلت فيها، وكلها كانت تعرف انك إذا كسبت الناصرية فقد كسبت شيئا كبيرا..

 

وإذا خسرتها فلم تحقق إلا القليل.

 

قاومت الطغيان، وأعطت الشهداء وملأ أبناؤها السجون، ملأت قلوب الطغاة حنقا حتى سموها الشجرة الخبيثة.

 

في حرب الخليج الأولى أعطت أعدادا كبيرة من الشهداء، وكان السفهاء يتهكمون ويسمونها "مدينة المليون عريف".

 

وعندما سقطت مدن العراق بيد داعش هب أبناؤها كما هب غيرهم من أبناء العراق لكن هنا أيضا أبت الناصرية إلا أن يكون لها الحصة الأكبر من الحزن ومن الشهداء.

 

هي اليوم بوصلة الثورة وقائدة الوعي، من سرق أموال البلد ومن سفك الدم الحرام لا يحدد للثورة بوصلتها ولا يقيم جهود أبنائها.

 

أقول لكم شيئا: المدينة التي علمت الناس الكتابة… لا تعلموها.

نعم، تعلموا من الناصرية ولا تعلموها.