مرتضى المياحي البصري
صار الشغل الشاغل لمتوسطي العلم و المتطفلين على التحقيق ما يذكره
المحقق النحرير و المدقق الكبير السيد كمال الحيدري إما لمنازعات شخصية أو مقاربات
سياسية أو لفهم ساذج للمباني الأصلية التي اعتمدها علمائنا الأبرار بما منحوا من
فهم للأخبار..
و سأعرض على عجالة للآراء المذكورة في كتبنا المعتمدة و المبحوثة
نصرة للحق الواضح و دفعا للإيهام اللائح دون توجيه فإن العبارة التي ذكرها السيد
الأستاذ كمال الحيدري دام ظله و التي مضمونها ( و اقطع بضرس قاطع بالقول بتكفير
علماء الشيعة للمسلمين) لا تحتاج إلى توجيه كما فعل بعض المطالعين بل هذا هو
المبنى و هذا نتاجه و أليك مباني العلماء :
المبنى الأول : أن الإمامة أصل من أصول الدين كالنبوة منكرها يلزم كفره لأن
الناكر لأصل من أصول الدين كافر...
و إليك أقوال هذا المبنى :
أولا
: يقول محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي الملقب بالصدوق في رسالة الاعتقادات
(ص103- ط مركز نشر الكتاب - إيران 1370) ما نصه:
".واعتقادنا فيمن جحد إمامة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب
والأئمة من بعده - عليهم السلام - أنه كمن جحد نبوة جميع الأنبياء، واعتقادنا فيمن
أقر بأمير المؤمنين وأنكر واحدًا ممن بعده من الأئمة أنه بمنزلة من أقر بجميع
الأنبياء وأنكر نبوة نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم".
ثانيا :
يقول العلامة جمال الدين الحسن بن يوسف بن المطهر الحلي. في كتابه الموسوم الألفين
في إمامة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ص١٣ ط٣ مؤسسة الأعلمي للمطبوعات – بيروت..
" الإمامة لطف عام والنبوة لطف خاص لإمكان خلو الزمان من نبي
حي، بخلاف الإمام لما سيأتي. وإنكار اللطف العام شر من إنكار اللطف الخاص، وإلى
هذا أشار الصادق عليه السلام بقوله عن منكر الإمامة أصلاً ورأسًا وهو شرهم".
ثالثا :
يقول المحدث العالم يوسف البحراني في موسوعته: " الحدائق الناضرة في أحكام
العزة الطاهرة (١٨/ ١٥٣) دار الأضواء - بيروت – لبنان
":وليت شعري أي فرق بين من كفر بالله سبحانه وتعالى ورسوله،
وبين من كفر بالأئمة عليهم السلام مع ثبوت كون الإمامة من أصول الدين".
رابعا
: يقول العلامة المجلسي في (بحار الأنوار) ٣٩٠ ج٢٣ :
" اعلم أن إطلاق لفظ الشرك والكفر على من لم يعتقد إمامة أمير
المؤمنين والأئمة من ولده عليهم السلام وفضَّل عليهم غيرهم يدل أنهم مخلدون في
النار".
خامسا :
و يقول الشيخ الكبير و العلامة النحرير محمد حسن النجفي في جواهر الكلام (٦٢ ج ٦)
ط دار إحياء التراث العربي - بيروت -:
" والمخالف لأهل الحق كافر بلا خلاف بيننا.. كالمحكي عن
الفاضل محمد صالح في شرح أصول (الكافي) بل والشريف القاضي نور الله في إحقاق الحق
من الحكم بكفر منكري الولاية لأنها أصل من أصول الدين".
سادسا
: يقول العلامة الحجة عبد الله الماقاني الملقب بالعلامة الثاني في تنقيح المقال
(٢٠٨ ج١ ) باب الفوائد – ط النجف
"وغاية ما يستفاد من الأخبار جريان حكم الكافر والمشرك في
الآخرة على من لم يكن اثني عشريا".
سابعا
: و قال اية الله العظمى الإمام السيد محسن الطباطبائي الملقب بالحكيم ... كفر من
خالفهم بلا خلاف بينهم في كتابه مستمسك العروة الوثقى (٣٩٢ ج١ ط٣ مطبعة الآداب –
النجف
ثامنا
: يقول آية الله العظمى السيد عبد الأعلى السبزواري في تفسيره مواهب الرحمن ج٢ ص
٢١- ٢٣ ط انتشارات دار التفسير " و بعد التدبر في مجموع الآيات المباركة و
الروايات يظهر أن الإمامة كالنبوة..... و أن الإمام يجب أن يكون معصوما كالنبي صلى
الله عليه وآله و الا استلزم الخلف"...
و بطبيعة الحال المنكر لها كالمنكر للنبوة و ناكر النبوة كافر...
تاسعا
: يقول السيد الشهيد الصدر قدس سره في موسوعته ماوراء الفقه ج١٠ ص ٣٠١ ط هيئة تراث
السيد الشهيد الصدر : " و الكلام عن أصول الدين و قد قسمها لنا سلفنا الصالح
إلى قسمين أحدهما : أصول الإسلام و هي ثلاثة منها هي التوحيد و النبوة و المعاد
بحيث ان من إنكارها أنكر الإسلام و ثانيها أصول المذهب و هي الباقي من الخمسة من
حيث أن من إنكارها أنكر المذهب و لم يخرج عن الإسلام ".
ثم يجري قدس سره نقاشا في العدد فيقول : " فهذا عدد معتد به
من الآيات التي تؤكد على أصول الدين خمسة اصلا اصلا و فصلا فصلا ".
فبجمع العبارتين ينتج :
من أنكر أصل من أصول الدين خرج عن الإسلام.... كبرى
أصول الدين خمسة.... صغرى...
من أنكر واحد منها خرج عن الإسلام... نتيجة
و باعتبار أن المسلمين ينكرون الإمامة فهم خارج الإسلام...
عاشرا
: ماذكره الشيخ السند في الإمامة الإلهية ج١ ص ٢٥٨ ط الأميرة..
" أن مسألة الإمامة تدخل في ضمن المسائل الاعتيادية الأصلية
في الدين لأنها تكون بمنزلة النبوة و ان اختلف عنها و تكون هذه المسألة ما بها
النجاة يوم القيامة"...
المبنى الثاني : الإمامة أصل من أصول المذهب لا من أصول الدين
و يلزم هذا المبنى القول بالإسلام الظاهر و الكفر الباطن و من
أصحاب هذا المبنى..
أولا : يقول السيد الخوئي قدس سره في التنقيح ج٣ ص٨٠
" وأمّا الولاية بمعنى الخلافة فهي ليست بضرورية بوجه وإنما
هي مسألة نظرية ، وقد فسّروها بمعنى الحب والولاء ولو تقليداً لآبائهم وعلمائهم ،
وإنكارهم للولاية بمعنى الخلافة مستند إلى الشبهة كما عرفت ، وقد أسلفنا أنّ إنكار
الضروري إنما يستتبع الكفر والنجاسة فيما إذا كان مستلزماً لتكذيب النبي (صلّى
الله عليه وآله وسلّم) كما إذا كان عالماً بأن ما ينكره مما ثبت من الدين بالضرورة
وهذا لم يتحقّق في حق أهل الخلاف ، لعدم ثبوت الخـلافة عندهم بالضرورة لأهل البيت
(عليهم السلام) نعـم ، الولاية بمعنى الخلافة من ضروريات المذهب لا من ضروريات
الدين ."
ثم يرتب على ذلك فيقول قدس سره : " فالصحيح الحكم بطهارة جميع
المخالفين للشيعة الاثني عشرية وإسلامهم ظاهراً بلا فرق في ذلك بين أهل الخلاف
وبين غيرهم وإن كان
جميعهم في الحقيقة كافرين ، وهم الذين سمّيناهم بمسلم الدنيا وكافر الآخرة"..
ثانيا
: ما قاله السيد الخميني قدس سره الشريف في الأربعون حديثا ص ٥٩١ / فصل في بيان إن
ولاية أهل البيت شرط لقبول الأعمال ط مؤسسة تنظيم و نشر تراث الأمام الخميني قدس
سره..
" أن ولاية أهل البيت و معرفتهم شرط في قبول الأعمال يعتبر من
الأمور المسلمة بل تكون من ضروريات مذهب التشيع المقدس"
و هذا يلزم الإسلام ظاهرا و الكفر واقعا.
فيتضح مما تقدم أمور :
أولا
: ما ذكره و نقله سيدنا الأستاذ دام ظله هو الحق في فهم عبارات الإعلام من فقهاء
الأمامية رحم الله الماضيين و حفظ الباقيين..
ثانيا
: القائل أن الإمامة أصلا دينيا يلزم من كلامه الكفر الظاهري و الواقعي و القائل
أن الإمامة أصلا مذهبيا يلزم قوله الإسلام الظاهري و الكفر الواقعي و من قال
بالإسلام الظاهري و الواقعي لمنكر الإمامة فيلزم عدم أصلية الإمامة لا دينا و لا
مذهبا و إنما أصلا مقاميا و إيمانيا أو بنى على أن منكر الضروري ليس كافرا و لا
نجسا...
ثالثا
: لا يوجد عندنا ركن يسمى بحب أهل رسول الله صلى الله عليه وآله كما قال بعض
المتسطحين بل هذا بيانا لمعنى من معاني الولاية التي ذكرها السيد الخوئي قدس سره
فنقلها دون معرفة.
رابعا
: القول بالإسلام و مخالفة المباني أما للتقية و أما للاضطرار و أما لاجتماع
السلمي أو لأي عنوان فقهي ثانوي هذا و في المسألة تفصيلات نسأل الله أن نوفق
لتوضيحها
٢٠-١٠-٢٠٢٠
0 تعليقات