عمر حلمي الغول
منذ لقاء رئيس المجلس
السيادي الانتقالي السوداني، عبدالفتاح البرهان مع نتنياهو في عنتيبي، عاصمة أوغندا
يوم الاثنين الموافق 3/2/202 الماضي والأزمة تتصاعد بين قوى الحرية والتغيير،
والمشاركة في الائتلاف الحاكم الانتقالي وبين الحاكم العسكري ومن لف لفه في المجلس
السيادي، لإن ممثلي قوى الشعب السوداني، الذين قادوا ثورة شعبية ضد نظام الرئيس
المخلوع عمر حسن البشير في نهاية كانون أول / ديسمبر 2018، والتي توجت في نيسان/ ابريل
2019 بالإطاحة بالنظام الإخواني، وتمكنوا من تأكيد حضورهم ومكانتهم في الحكومة الانتقالية
برئاسة عبد الله الحمدوك في أيلول / سبتمبر العام الماضي، رفضو، ومازالوا يرفضون
التطبيع مع دولة الاستعمار الإسرائيلي، ولم يقبلوا مقايضة حرية واستقلال السودان
برفع اسمه من قائمة الإرهاب الأميركية، التي مازالت تشكل عنوانا للابتزاز الرخيص
للشعب والقيادة في البلد الشقيق. بيد ان هناك مجموعة تم العمل عليها من قبل ال (سي
آي إيه) والموساد الإسرائيلي تقف على رأسها ثلة من عسكر النظام البائد، الذين
تمكنوا من انتزاع مكانا أساسيا لهم على رأس الحكم الانتقالي بعد ان قاموا بقتل 87
مواطنا سودانيا في حزيران / يونيو 2019 لترهيب قوى الثورة والشعب عموما.
وتعميقا لخيار
التطبيع والانبطاح أمام إدارة ترامب المتصهينة، وترويجا لبضاعة زمرة محمد بن زايد
الفاسدة في الإمارات والمتهالكة على ترويج بضاعة الاستسلام مع دولة إسرائيل
الخارجة على القانون، قام وفد سوداني في يوم الأحد الموافق ال20/9/2020 برئاسة
البرهان يرافقة وزير العدل، نصر الدين عبد الباري ومجموعة من الخبراء السودانيين
للقاء وفد أميركي برئاسة رئيس مجلس الأمن القومي الأميركي، ابراين لفرض التطبيع الاستسلامي
على الشعب والحكومة السودانية، بعد ان رفض رئيس الوزراء الحمدوك في لقائه مع وزير
خارجية أميركا، بومبيو التطبيع، وابلغه ان حكومته لا تملك الصلاحية للموافقة على
التطبيع. غير ان إدارة ترامب لم تقبل الرفض السوداني، خاصة وان رئيس المجلس
السيادي التقى نتنياهو، وهو على تماس مع القيادات الرسمية العربية المطبعة والمتواطئة
مع اسرائيل، وفي مقدمتهم ابن زايد، لهذا أرسلت وفدا برئاسة مستشار الأمن القومي
للإمارات، وتم استدعاء البرهان ومعه وزير العدل، القريب من خياره، بهدف إحداث نقلة نوعية من خلال ممارسة المزيد من الضغط على
السودان الشقيق للانخراط في عملية التطبيع المذلة والجبانة. لا سيما وان إدارة
ترامب وضعت كل ثقلها لتركيع كل الأنظمة العربية الهشة والتابعة لمنطقها وخيارها
لفرض صفقة العار الأميركية، وذلك خدمة لحملتها الانتخابية أولا، ولإنقاذ حليفها
الفاسد، نتنياهو ثانيا، ولتطويع أهل النظام الرسمي العربي وفق مشيئة الإدارة الأفنجليكانية
ثالثا، ولقلب معادلة السلام العربية، التي تضمنتها مبادرة السلام العربية رابعا.
ووفق ما ذكر احد أعضاء
الوفد السوداني (من قوى إعلان الحرية والتغيير) لم يذكر اسمه، رغم انه نشر حديثه
الصوتي في شريط فيديو، قال ان الوفد وجد أمام وثيقة استسلام من 47 نقطة، من أهمها:
أولا لا يمانع السودان بقبول التطبيع مع إسرائيل؛ ثانيا قبول السودان بتهجير
الفلسطينيين من الأراضي المحتلة عام 1967، ومن مخيمات الشتات لتوطينهم في أراضيه. ليس
هذا فحسب، بل كل عربي يعارض التطبيع يتم نفيه إلى السودان؛ ثالثا قبول السودان
بمبدأ المنفعة العامة، وأهمها القبول بإقامة قواعد أميركية على أراضية؛ رابعا
التعاون مع جنوب السودان وفق المخطط الأميركي لتعزيز دور الجنوب على حساب
الجمهورية السودانية؛ خامسا تملك أميركا حق التقرير في شكل العلاقات السودانية مع أية
دولة خارجية؛ سادسا سن تشريعات للحؤول دون منح الصين الحق في الاستثمار في
السودان، كجزء من الحرب الدائرة بين القطبين؛ سابعا الإشراف على الموانئ والمياه
الإقليمية السودانية؛ سابعا يقبل السودان الإدارة التكاملية لحدوده وفق معايير
الإدارة الأميركية؛ ثامنا تعديل المناهج الدراسية وفق المنظومة الفكرية السياسية
للعدو الصهيو أميركي؛ تاسعا تعديل القوانين والتشريعات السودانية لتتوافق مع
المتطلبات الصهيو أميركية؛ عاشرا القبول بصفقة القرن الأميركية ... إلخ
ويخلص عضو الوفد
السوداني، إلى ان أميركا في مجمل النقاط ال47 لم تشر من قريب او بعيد إلى اي من احتياجات
السودان السياسية والمالية، وإنما كل ما تم ذكره، هو تقديم مساعدات إنسانية فقط. وكل
ما أشير من أقاويل عن المليارات الثلاثة أو السبعة، هو مجرد هراء وأكاذيب. وبالتالي
لم تأتي المطالب الأميركية على اي ذكر لرفع اسم السودان من قائمة الإرهاب
الأميركية، ولم يتم الحديث عن تعويض السودان عن فترة الحصار، ولا عن جدولة ديونه،
ولا عن أية حقوق سياسية أو اقتصادية أو مالية أو أمنية لصالح السودان، والنتيجة
لجملة المطالب تمزيق وتفتيت السودان لخمس دويلات أو إمارات، وهو ما يعني أنهم لم
يكتفوا بتقسيم السودان إلى جنوب وشمال في 2009، إنما يتابعوا العمل لتفتيته.
رغم ذلك الشعب
السوداني ونخبه الوطنية والقومية والديمقراطية يرفضون سياسة الإذلال والاستسلام،
رغم وجود ثلة فاسدة ومتصهينة. لكنها مجموعة صغيرة، لا تمثل إلآ نفسها، وبالضرورة
سيتمكن الشعب السوداني البطل الذي قاد ثورة شجاعة، وتمكن من إسقاط نظام البشير،
الذي تربع ثلاثين عاما على سدة الحكم من الرد عليهم، بالعمل على عزلها، وتطويق
خطواتها المذلة والاستسلامية، والحؤول دون تمرير عملية التطبيع الجبانة والرخيصة،
ومحاكمة كل يسعى لزيارة دولة الاستعمار الإسرائيلية.
0 تعليقات