عمر حلمي الغول
تبنت جلسة مجلس الأمن المفتوحة أول أمس الاثنين (26/10/2020) توصية من
الغالبية الساحقة من ممثلي الدول بضرورة تحرك الأمين العام للأمم المتحدة، غوتيرش
مع الدول عموما، ودول اللجنة الرباعية الدولية خصوصا لعقد مؤتمر دولي للسلام
لترجمة مبادرة الرئيس محمود عباس، التي طرحها سابقا مطلع عام 2018 على المجلس
الأممي، والمستندة إلى قرارات الشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية بمحدداتها
الأربع. ورغم ان الجلسة مفتوحة، ولم تتخذ اية قرارات ذات صفة إلزامية، إلآ أنها
تعتبر نجاحا للدبلوماسية الفلسطينية، كونها أعادت تسليط الأضواء على القضية
الفلسطينية، التي اختطفت من وسط ابواق الإعلام الأميركي والإسرائيلي ومن لف لفهم
من المطبعين العرب الحضور والتأكيد على أهميتها وأولويتها العالمية، وتوجت
بالتوصية المذكورة آنفا، والتي تنبتها الدول الأعضاء باستثناء الولايات المتحدة،
وتمكنت من تحريك المياه الراكدة في عملية السلام.
وتكمن أهمية الجلسة في كون روسيا الاتحادية قادتها بشخص نائب وزير
الخارجية، سيرغي فيرشينين، ومشاركة عدد من وزراء ونواب وزراء خارجية بعض الدول،
وللمواقف التي تبناها ممثلوا الدول المختلفة من دعم للقضية والشعب والقيادة
الفلسطينية، وفي ذات الوقت، رفضهم لصفقة العار الأميركية، وللسياسات التدميرية،
التي تنتهجها دولة الاستعمار الإسرائيلية ضد أبناء الشعب العربي الفلسطيني،
والمتمثلة بإعلان العطاءات لبناء آلاف الوحدات الإستيطانية، وهدم البيوت والمدارس،
وحرق وقطع اشجار الزيتون من قبل قطعان المستعمرين بهدف تخريب الموسم، الذي ينتظره
الفلاحون الفلسطينيون سنويا على احر من الجمر لجني محاصيلهم. وتعذيب وقتل الأطفال،
كما حصل مع الفتى عامر صنوبر في قرية ترمسعيا، ومحاولة إغتيال الأسير بطل معركة
الأمعاء الخاوية لما يزيد عن الثلاثة أشهر، ماهر الأخرس، من خلال رفض ما يسمى
بمحكمة العدل العليا الإفراج عنه، وإلغاء الاعتقال الإداري بحقه تحت ذرائع واهية.
وكان الملفت في الجلسة المذكورة محاصرة المندوبة الأميركية، كيلي كرافت،
التي خرجت عن الإجماع الدولي، عندما تفوهت بمواقف انعزالية، مرفوضة فلسطينيا
ودوليا، ومتناقضة مع قرارات ومواثيق ومعاهدات الأمم المتحدة، وطالبت بغطرسة
وعنجهية بإسقاط "مبادرة السلام العربية" باعتبارها من وجهة نظر إدارتها
المتصهينة "لم تعد ضرورية"، وادعت كاذبة عكس الإجماع الأممي، عندما
تبجحت بالقول أن "تجربة ترامب أدت إلى السلام!" .
وأضافت دون خجل، بان رؤيتهم (صفقة العار) "ممكنة" ليس هذا فحسب، إنما
ذهبت ابعد من ذلك في تلفيق وتزوير الحقائق المعلومة للعالم اجمع، حينما ذكرت قائلة
" وقمنا بالكثير من العمل لتقديم خطة السلام؟" ولم تمتلك الشجاعة ولا
الجرأة لقول إنها وإدارتها عملوا الكثير من اجل تدمير منهجي لعملية السلام،
وهددوا، ومازالوا يهددون مع حكومة بنيامين نتنياهو الأمن والسلام الإقليميين. والأخطر
في فجورها الإرهابي عندما دعت مجلس الأمن الدولي إلى "التوقف عن طرح ملف
القضية الفلسطينية على طاولته." لإن مجرد طرحها يقض مضاجع إدارتها وحليفهم
الفاسد ساكن شارع بلفور، واضافت بصلافة ووقاحة نادرة أن "المعادلة في المنطقة
تتغير، وهناك فصل جديد يبدأ." في إشارة لعمليات هرولة التطبيع الاستسلامية
لبعض الدول العربية مع دولة الاستعمار الإسرائيلية، والتي كانت أخرها التطبيع مع
جمهورية السودان يوم الجمعة الفائت الموافق 23/10/2020.
وتناست أو تجاهلت المندوبة الأميركية ان كل ما جرى ويجري من قبل بعض العرب
الرسميين لم ولن يغير من معادلة الصراع طالما القيادة والشعب العربي الفلسطيني
صاحب الأرض والحق والكفاح المشروع متمسك بأهداف نضاله، ويرفض التسليم والإستسلام
لمشيئة ترامب ونتنياهو ومن غاص في مستنقعهم الاسن. ولم تكتفِ بما ذكرته في خطابها
المتقيح، بل دعت الدول الأعضاء ل"عدم دعم الشعب والقضية الفلسطينية، والتخلي
عن خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران / يونيو 1967، وضمان حق العودة
للاجئين الفلسطينيين على اساس القرار الدولي 194، والمساواة الكاملة لإبناء الشعب
الفلسطيني داخل دولة الإستعمار الإسرائيلية." على إعتبار أن ما طرحه رئيسها
الأفنجليكاني يمثل "الحل السحري"، وهي تعلم ان صفقة العار ولدت ميتة،
ولن تقوم لها قائمة حتى لو حالف الحظ رئيسها في الإنتخابات الرئاسية القادمة بعد
ايام.
نجحت القيادة الفلسطينية بدعم القوى المؤيدة لخيار السلام في عزل أميركا
وإسرائيل مجددا، حتى لو كانت الجلسة مفتوحة، ولم تحمل صفة إلزامية. لا سيما وان
مجرد عقد الجلسات في مجلس الأمن يؤرق أدارة ترامب وحكومة اليمين المتطرف الصهيوني.
0 تعليقات