عز الدين البغدادي
إن قبول الأعمال مشروط بالإيمان بالولاية ، أي أن يكون الإنسان
شيعيا كشرط لقبول عمله ، أي ان السني أو غير الشيعي عموما ، فإنه مهما فعل ومهما
اتصف بمكارم الأخلاق ومهما قام بالواجبات الدينية ، فإنه الجحيم هي المأوى ،
والسبب أنه ليس مواليا ، وقبول الأعمال منوطة بالولاية ، وليس هذا فقط ، بل إن
الشيعي الفاسق سيدخل الجنة بسبب ولايته .
هذا الطرح المؤسف ، يتعارض مع قوله تعالى : ( فمن يعمل مثقال ذرة
خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ) وهي الآية التي تنص على أن أي عمل يقوم به الإنسان
فهو محسوب له أو عليه مطلقا دون اعتبار للعقيدة ، كما تتعارض مع قوله تعالى : ( إن
الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل
صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) ، والتي توضح أن الإسلام
ليس شرطا في قبول الأعمال فضلا عن التشيع ، لأن العمل الصالح قيمته ذاتية .
وفي حديث النبي صلى الله عليه واله ، عندما سأله حكيم بن حزام
بعدما أسلم فقال : أرأيت أمورا كنت أتحنث بها في الجاهلية من صلة وعتاقة ( اي عتق
) وصدقة ، فهل لي فيها من شيء ..؟؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه واله : أسلمت
على ما أسلفت من خير .
أي إن عمل الخير محسوب له وإن فعله في زمن الشرك ، وفي حديث آخر
يقول النبي صلى الله عليه واله : بينما كلب يطيف برَكية ( أي بئر ) كاد يقتله
العطش إذ رأته بغي ( مومس ) من بغايا بني إسرائيل فسقته فغُفر لها به .
غفر الله لها بكلب سقته ، فانظر كيف تؤكد هذه الروايات على علوية
العمل الأخلاقي على اي اعتقاد .
ان هذا الطرح مع مخالفته للقرآن والسنة المحمدية الشريفة ، يهدر
القيمة الأخلاقية للفعل تماما ، فالإنسان الذي لا يؤمن بما أؤمن به فإنه مهما فعل
من مكارم الأخلاق ومهما أعطى ومهما نفع الناس ومهما قدم فإن كل ما يفعله لا قيمة
له ، كما إن الشيعي ( وفق هذا الرأي ) ، مهما فعل من الامور السيئة فهو في الجنة ،
وفي الحالين فإن الفعل الأخلاقي لا قيمة له وفق هذه النظرية ، فضلا عن ان الفطرة الإنسانية
السليمة لا تقبل بحديث كهذا ، بل وتنفر منه تماما .
ثم هل تنبه المتكلم قبل ذلك إلى ما روي عن أئمة أهل البيت من
التأكيد على أن الولاية ليست موقفا نظريا او عاطفيا ، بل هي موقف أخلاقي كما في
قول الإمام الباقر عليه السلام : أيكتفي من ينتحل التشيع أن يقول بحبنا أهل البيت
..؟ ؟ فوالله ما شيعتنا إلا من اتقى الله وأطاعه وما كانوا يعرفون ( أي الشيعة )
إلا بالتواضع والتخشع والأمانة وكثرة ذكر الله والصوم والصلاة والبر بالوالدين
والتعاهد للجيران من الفقراء وأهل المسكنة والغارمين والأيتام وصدق الحديث وتلاوة
القرآن وكف الألسن عن الناس إلا من خير، وكانوا أمناء عشائرهم في الأشياء .
فقال له جابر: يا ابن رسول الله ما نعرف اليوم أحدا بهذه الصفة،
فقال : يا جابر لا تذهبن بك المذاهب ، حسب الرجل أن يقول : أحب عليا وأتولاه ثم لا
يكون مع ذلك فعالا ..؟؟ .
فلو قال : إني أحب رسول الله فرسول الله صلى الله عليه خير من علي
، ثم لا يتبع سيرته ولا يعمل بسنته ما نفعه حبه إياه شيئا ، فاتقوا الله واعملوا
لما عند الله ، ليس بين الله وبين أحد قرابة ، أحب العباد إلى الله عز وجل وأكرمهم
عليه أتقاهم وأعملهم بطاعته .
وأما الروايات التي ذكرت اشتراط الولاية في قبول الأعمال رغم ضعف
سند معظمها ( سندها لا يكاد يخلو من ضعيف مثل محمد بن سنان والمعلى بن خنيس ومحمد
بن سليمان الديلمي أو مجهول الحال ) ، فانها تُطرح أمام كل هذه الاعتبارات وفي
أحسن الأحوال يحمل عدم قبول العمل على خصوص الجاحد فقط .
0 تعليقات