عمر حلمي الغول
دولة الاستعمار الإسرائيلية تسابق الزمن مستغلة آخر عهد الرئيس المنتهية
ولايته، دونالد ترامب لتنفيذ عمليات الضم للضفة الفلسطينية لتكريس الحقائق على
الأرض، وفرض الوقائع الجيو سياسية بلوغا لهدف بناء "إٍسرائيل الكاملة" على
ارض فلسطين التاريخية ، وذلك عبر توسيع وتعميق عملية المصادرة والتهويد والهدم
للبيوت والمنشآت الفلسطينية، هذا من جانب، ولزيادة الحضور والوجود الإستطياني الاستعماري
في أراضي الدولة الفلسطينية المحتلة من جهة أخرى. عملية متداخلة ديالكتيكيا تمزج
بين الهدم والطرد والتشريد والتجويع والقتل والنفي، وبين فرض الوجود الاستعماري
الصهيوني من خلال البناء وإعلان المعطاءات، ومنح الامتيازات لتشجيع الاستيطان وفرض
الوقائع على الأرض المسلوبة والمغتصبة والخاضعة تحت نير الاستعمار، الذي يسمح
لنفسه "الحق" بالتصرف في الأرض الفلسطينية كيفما يشاء، وحيثما شاء، وعلى
أرضية التزوير الأكثر فجورا في التاريخ للرواية الصهيونية على حساب رواية الشعب
الفلسطيني، صاحب الأرض والتاريخ والهوية الأصلانية.
تغول استعماري صهيوني غير مسبوق على وفي اراضي الدولة الفلسطينية المحتلة
عام 1967 لتعميق الرواية الصهيونية المزورة والمنافية للحقيقة والتاريخ والموروث
الحضاري والعدالة الإنسانية بشقيها الوضعي والديني. لا سيما وان الشروط الموضوعية
مؤاتية وتتوافق مع أهداف القاعدة المادية للحركة الصهيونية، الأول غياب الإرادة
الدولية لتحقيق السلام؛ والثاني دعم الغرب عموما للمشروع الصهيوني؛ الثالث وجود
إدارة مارقة ومأفونة وشريكة فعليا وعلى الأرض للمشروع الصهيوني، وهي إدارة تاجر
العقارات؛ والرابع تهافت النظام الرسمي العربي، وانهيار جدار الثوابت الرسمية
العربية المدافعة عن الحقوق الوطنية والقومية بدءً من مبادرة السلام العربية إلى أخر
قرارات القمم والإجماع العربية والإسلامية.
إذا لا تقف الأمور عند حدود عدم وجود من يردع حكومة الرأس ونصف الصهيونية
عن إنتهاك مرتكزات القانون الدولي ومحددات خيار السلام وحل الدولتين على حدود
الرابع من حزيران عام 1967، أنما تذهب لابعد من ذلك، مع وقوف وتخندق الإدارة
الأميركية بعظمتها تحت قيادة ترامب المتصهين في خنادقها الإستعمارية، وغياب
وإنتفاء دور العرب الرسميين، وعليه فهي في لحظة استثنائية، كما وصفها السفير
الأميركي الحاخام، ديفيد فريدمان قبل ايام معدودة، الذي قال ان ما تحقق في ولاية
ترامب فرض وقائع لمئة عام لاحقة، وغير معالم الواقغ في المنطقة ككل. ولهذا ارد
بجملة صغيرة، ان ما حدث لم يكن مفاجئا، ولن يصمد بالحد الأقصى لعقد من الزمان في
احسن الأحوال، ولعله فتح ابواب جهنم على الدولة الصهيونية ومن تساوق معهم من عرب
وعجم.
هذا الوضع المثالي أمام إسرائيل الاستعمارية سمح لها في اليوم التالي للانتخابات
الأميركية اي في 4/11/2020 الحالي بهدم وتدمير تجمغ سكاني فلسطيني في الأغوار
الشمالية، وهو تجمع "حمصة الفوقا"، حيث فقدت 11 عائلة فلسطينية بيوتها، وأمسى
74 شخصا بينهم 41 طفلا وقاصرا في العراء. والذرائع الصهيونية فاقدة الاهلية
والمنطق، والتي لا يسندها اي قانون وضعي على الأرض كان "البناء غير القانوني".!
إضافة إلى ذرائعها الأخرى المفضوحة عند لجوئها لارتكاب جرائم حرب ضد الشعب
الفلسطيني، منها "إصدار أمر عسكري لاعتبار المنطقة محمية طبيعية، او للتدريب ...
إلخ" الأمر الذي اثار ردود فعل دول الإتحاد الأوروبي والأمم المتحدة،
واعتبروها تهديدا حقيقيا لخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران / يونيو 1967،
وإنتهاكا خطيرا للقانون الدولي.
لكن حكومة الفاسد نتنياهو والجبان غانتس لم تعد تبالي، ولم تعد مستعدة
للإستماع لردود الفعل الأوروبية والأممية، لانها مقتنعة وبغض النظر عمن سيكون
الرئيس الأميركي القادم، لن يغير من الأمر شيئا، وستبقى يديها طليقة الفعل لترسيخ
الحقائق على الأرض، وترسيخ عملية النفي للشعب العربي الفلسطيني عبر سياسة التهويد
والأسرلة وإعلان العطاءات للبناء في المستعمرات المقامة، وبناء مستعمرات جديدة في
اراضي الدولة الفلسطينية المستعمرة عام 1967.
طبعا ليس التجمع الوحيد الذي ازيل، او سيزال، بل هناك مسافر يطا والخان
الأحمر وغيرها من التجمعات السكنية الفلسطينية لترجمة عملية الضم تدريجيا، وعلى
حساب الحقوق والمصالح الوطنية الفلسطينية، وعلى حساب السلام والأمن والتعايش في
الإقليم. وهذا التوحش قي عملية التهويد والمصادرة والهدم لن يتم ايقافه بالنداءات
والبيانات والدعوات والإستنكارات العربية والدولية، انما بطريقتين متلازمتين اولا
تصعيد المقاومة الشعبية، وزيادة تكلفة الإستعمار؛ وثانيا إرتقاء المجتمع الدولي
لمستوى المسؤولية، وإراغام اسرائيل على دفع استحقاقات السلام وخيار حل الدولتين
على حدود الرابع من حزيران عام 1967، وضمان عودة اللاجئين لديارهم وفق قرار
الشرعية الدولية 194، وفرض العقوبات السياسية والديبلوماسية والإقتصادية عليها. دون
ذلك لن تتوقف اسرائيل نهائيا. وعليه فإن المراوحة في ذات الخطاب واليات العمل، لا
تغني ولا تسمن من جوع، لذا اخرجوا من الزاوية الميتة، وأوقفوا الهدم والإستيطان
والتغول الصهيوني الإستعماري برمته.
0 تعليقات