عمر حلمي الغول
في خضم التحديات
الجسام التي تواجهها قيادة منظمة التحرير والشعب الفلسطيني، يحتل ملف النضال
الميداني، والمصالحة والشراكة السياسية، وإنهاء الانقسام وطي صفحة الانقلاب
الحمساوي أولوية لدى القيادة الفلسطينية وفصائل العمل السياسي والنخب والشعب
بقطاعاته المختلفة، لقناعة الجميع بأهمية وإستراتيجية ما تقدم، لإنه يمثل الرافعة
الحقيقية لكفاح الشعب والمنظمة والقيادة، ويعيد الاعتبار للمشروع الوطني والقضية
الفلسطينية على الصعد والمستويات المختلفة في الداخل الوطني وفي الخارج العربي
والإقليمي والدولي.
ولهذا اعتبرت محطة
الثالث من أيلول / سبتمبر الماضية (2020) نقطة تحول إيجابية، لإنها فتحت الأفق
لتجسير العلاقات بين حركتي فتح وحماس والكل السياسي داخل البيت الفلسطيني. بيد ان
حركة حماس لم تف بالتزاماتها حتى الآن لجهة عدم ارسالها رسالة نصية رسمية تؤكد التزامها
بما تم الاتفاق عليه في لقائي اسطنبول والدوحة، اللذين جاءا تتويجا لاجتماع
الأمناء العامين تحت قيادة الرئيس أبو مازن. مع ان قادتها وخاصة اسماعيل هنية،
رئيس الحركة الحالي، وخالد مشعل، رئيسها السابق يتحدوثون في تصريحاتهم المستمرة "عن
التمسك" بمخرجات اللقاءات المذكورة جميعها. إلآ انهم لم يقرنوا القول بالفعل
حتى اللحظة، ودون الإعلان عن أسبابهم ودوافعهم لعدم الوفاء بتعهداتهم. ليس هذا
فحسب، بل انهم ينحون منحاً غير ايجابي من خلال إثارة الآتي:
أولا التشكيك بجدية
حركة فتح والقيادة الفلسطينية؛ ثانيا إطلاق تصريحات معادية للمصالحة من أقطاب حماس
المتضررين من المصالحة أمثال محمود الزهار وغيره؛ ثالثا الإيحاء بأن قيادة المنظمة
عموما والرئيس عباس خصوصا يخضعون ل"إملاءات" أميركية وإسرائيلية، و"يرهنون"
المصالحة والتقدم باتجاهها من عدمه بما تحمله الانتخابات الأميركية والتطورات داخل
الساحة الإسرائيلية؛ رابعا حرف بوصلة الجهود والحوار إلى الحسابات الشخصية
والفئوية التنظيمية على حساب المصالح الوطنية العامة؛ خامسا السعي لانتزاع مكاسب
للحركة قبل الوفاء بالالتزامات المتفق عليها، وهو ما يضع علامة سؤال كبيرة على
مصداقيتهم تجاه مخرجات اللقاءات السابقة.
ودون الدخول في سجال
الرد على ما ورد أعلاه، لإن القاصي والداني في الساحة الفلسطينية عموما، في الوطن
والشتات والمهاجر يدركون الحقيقة، ويعلمون علم اليقين، ان كل ما تم ذكره باطل، ولا
يمت للحقيقة بصلة، والشواهد كثيرة وقاطعة. ودليل إضافي على اغتراب حركة حماس عن
لغة التوافق والشراكة، ما طالب به خالد مشعل يوم السبت الماضي الموافق 7/11/2020
في لقائه الافتراضي على الزوم مع المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات
الإستراتيجية (مسارات) من: أولا حل السلطة، أو كما عبر عنها بأسلوبه، عندما دعا
إلى " إعادة تغيير وظيفة السلطة"؛ وثانيا تركيز الجهود على بناء إمارة
غزة على حساب الكيانية الفلسطينية الجامعة، والذي صاغه بالتالي، "ضرورة وجود
توافق فلسطيني على كيفية إدارة غزة، في حال اختيار حلّ السلطة." وأدعى "عدم
قبوله دولة في غزة بمعزل عن الضفة الفلسطينية، أو الكل الفلسطيني." ؟!
وسأفتح قوس الأسئلة: لماذا
الإصرار على حل السلطة الوطنية؟ أين هي مصلحة حركة حماس في ذلك، إن كانت معنية
بالشراكة والوحدة؟ وهل حل السلطة يعزز النضال الوطني؟ او بتعبير آخر، هل تشكل
السلطة عائقا أمام النضال والمقاومة الشعبية، ام تعمقها وتعطيها ابعادها عبر
ارفاقها بالنضال السياسي والديبلوماسي؟ وإذا كان ابو الوليد لا يريد إقامة دولة في
غزة بمعزل عن الضفة والكل الفلسطيني، لماذا يُّصر على زج حل السلطة في كل حوار
وتصريح يدلي به؟ وهل هذة السياسة الحمساوية تشير إلى رغبة فرع جماعة الإخوان
المسلمين في فلسطين في بناءجسور الشراكة والوحدة أم العكس؟ ولماذا الإنتظار
والمراوحة حتى الآن في عدم الالتزام بمخرجات الحوارات واللقاءات السابقة؟
مما ورد وإستنادا إلى
المنطق العلمي، والتحليل الواقعي لخطاب قادة حركة حماس، يمكن الإستنتاج بشكل قاطع،
انهم ليسوا جاهزين لمواصلة خيار الشراكة والمصالحة، انما يقوموا، كما هي عادتهم في
كل المحطات السابقة ومنذ انقلابهم على الشرعية اواسط عام 2007 وحتى الآن، يعملون
على خلط الأوراق، وتبديد وإفشال كل خطوة إيجابية، عبر خطاب مراوغ، مع انهم عموما
ومشعل خصوصا يدسون السم في عسل خطابهم. ولإن حركتهم مازالت ترهن مواقفها بما يمكن
ان تحمله التغيرات الداخلية والعربية والإقليمية والدولية، إعتقادا منها، بإمكانية
عودة الإخوان المسلمين لصدارة المشهد العربي والإقليمي. وهذا الرهان اشبه بحلم
ابليس في الجنة. مع ذلك تملي الضرورة تشكيل قوة ضغط فلسطينية لإلزام حركة حماس بالاستجابة لإرادة الشعب
والمصالح العليا الوطنية.
0 تعليقات