عمر حلمي الغول
الانتخابات الرئاسية الأميركية الجارية نهار أمس الثلاثاء الموافق الثالث
من نوفمبر 2020، والتي تعتبر ذروة العملية الانتخابية الأكثر إثارة في التاريخ
الأميركي، على الأقل خلال القرن الأخير، والتي لن تنتهي بانتهاء التصويت وفق كل
المؤشرات، ليس من زاوية ما قد تحمله عملية الاستقطاب والتجاذابات غير المسبوقة بين
أنصار الحزبين والمرشحين الرئيسيين الجمهوري والديمقراطي، ولكن مما قد يحدث خلالها
من تطورات دراماتيكية عاصفة تهدد العملية الديمقراطية برمتها. لاسيما واني اكتب
بتوقيتنا مساء الثلاثاء، الذي يتوافق مع الثانية عشر ظهرا بتوقيت اميركا تقريبا.
انتخابات الرئيس رقم 46 للولايات المتحدة في ضوء ما حملته من أحداث وتطورات
داخلية عاصفة، وما قد تحمله الساعات القادمة تجعل المرء يكتم أنفاسه تحسبا لكل
السيناريوهات والفرضيات المتوقعة من داخل الصندوق، وغير المتوقعة من خارجه. لان
حجم التنافر والتناحر بين فريقي المرشحين والحزبين بلغ حدا غير مسبوق، ولم تشهده
الحملات الانتخابية الأكثر إثارة خلال القرن الأخير.
ومن ابرز المؤشرات الملفتة للاهتمام، أولا صوت بالضبط ما يزيد عن 99 مليونا
من الأميركيين بشكل فردي وعبر التصويت الاليكتروني، وقبل يوم الانتخابات الرسمي، أي
قبل أمس الثلاثاء.
وهي سابقة في تاريخ الانتخابات الرئاسية الأميركية؛ ثانيا حسب معطيات
ومعلومات المصادر الأميركية الرسمية متاجر الأسلحة والذخيرة باتت فارغة، لتهافت الأميركيون
على شراء الأسلحة والذخيرة خشية من وقوع الحرب الأهلية؛ ثالثا كذلك السوبر ماركات
ومحلات الأغذية والأطعمة الجاهزة أيضا أمست فارغة، لاندفاع المواطنين لتخزينها
لذات الاعتبار؛ رابعا حدوث اشتباكات بين أنصار الحزبين والمرشحين بالسلاح الأبيض
في العديد من المدن، منها نيويورك على سبيل المثال لا الحصر؛ خامسا أعلن الرئيس
الجمهوري ترامب بشكل واضح وحاسم أمس، أن لديه القناعة بأنه الفائز، مما زاد من
الخشية في أوساط الدوائر الديمقراطية وداخل أروقة الدولة العميقة أن يعلن المرشح
ترامب فوزه دون انتظار النتائج النهائية، وهذا استئثار بالسلطة، وخروج عن السياق
الديمقراطي، او بتعبير أخر ضرب للعملية الديمقراطية؛ سادسا قامت بعض الولايات بفرز
الأصوات فيها، وقبل انتهاء عملية الانتخابات، الأمر الذي يسمح لترامب وفريقه استعمال
هذه الذريعة للذهاب للقضاء في حال هزم في الانتخابات، وهو ما يعني التهرب من تسليم
السلطة بالذريعة التي أعلن عنها أكثر من مرة في تصريحات متوالية، عندما شكك سلفا
بنزاهة الانتخابات عبر البريد الاليكتروني والتصويت الحر؛ سادسا حذر مكتب
التحقيقات الفيدرالي الأميركي " إف بي آي" أمس الثلاثاء من احتمال
اندلاع مواجهات في العديد من المدن والولايات، ومنها مدينة بورتلاند في ولاية
اوريغون، التي تقع شمال غرب البلاد، والتي شكلت نموذجا للاستقطاب الحاد بين
الحزبين، وفقا لوكالة "فرانس برس." سابعا انتشار عصابات البيض العنصرية أمام
مراكز الاقتراع في أكثر من مدينة وولاية، وتهديدهم للمقترعين بالويل وعظائم الأمور
ان لم يصوتوا لصالح المرشح الجمهوري؛ ثامنا دعوة عدد من أقطاب الحزب الجمهوري مثل
جون بولتون، مستشار الأمن القومي السابق بضرورة إعلان أقطاب الحزب بان ترامب لا
يمثلهم، لأنه يشكل تهديدا للحزب ومستقبله، وهو ما يضع علامة سؤال كبيرة على مستقبل
الحزب.... إلخ
وهنك ظواهر في المدن والولايات المختلفة تشي بأن الولايات المتحدة، التي
نعرفها تموج بالتحولات الدراماتيكية حتى لو نجح ترامب نفسه. اميركا لم تعد اميركا،
وهي في طريقها لانبلاج مرحلة جديدة، ونظاما سياسيا مختلفا، او يمكن الاستشراف بإمكانية
تفكك الولايات المتحدة، وهذا السيناريو بات من السيناريوهات المحتملة جدا كنتاج
لما يرتكبه الرئيس الجمهوري.
وكاستنتاج ووفقا أيضا لتصريحات ترامب نفسه، وعدد كبير من المراقبين، قد لا
تظهر النتائج النهائية فجر اليوم الأربعاء بتوقيتنا، وسيستغرق الأمر وقتا من
الزمن، وهو ما سيسمح لساكن البيت الأبيض مواصلة سياسة العبث والفوضى خدمة لإغراضه
الشخصية، وحتى يحافظ على كرسي الحكم.
لا املك إلا ان أتمنى للسلامة للشعب الأميركي، والخروج من الأزمة الراهنة
بأقل الخسائر. رغم ان التطورات السياسية لا تحتمل لغة التمنيات والدعوات
الإبتهالية. مع ذلك ومن الموقع الإنساني يكون التمني مشروعا.
0 تعليقات