د. محمد إبراهيم بسيوني
اصبحت بريطانيا أول دولة في العالم تقر استخدام لقاح فايزر-بيونتيك المضاد
لفيروس كورونا على نطاق واسع. يعتقد البعض أن الحكومة البريطانية قد تسّرعت في
الأعلان عن منحها أجازة الأستعمال للقاح الكورونا وذهب البعض الى حد القول أن
هناك أهدافا سياسية من وراء منح الأجازة. واهتمت صحيفة الغارديان بموافقة
السلطات في بريطانيا على استخدام اللقاح، وجاءت افتتاحيتها بعنوان "يجب
النأي باللقاح عن السياسة". وتقول الغارديان إن بريطانيا وافقت على اللقاح
قبل جيرانها الأوروبيين، وهي نقطة أعلنها مجلس الوزراء على أنها ميزة للاستقلال
التنظيمي عن الاتحاد الأوروبي.
فالحكومة البريطانية كحال حكومات أخرى في العالم الغربي متلهفة لأخبار
حسنه حول وباء الكورونا بعد ما يقرب من عام على تسجيل أول حالة وبعد كل الملايين
من الأصابات والوفيات بين البشر وبعد كل الخسائر الأقتصادية الضخمة. الرأي
عندي أن الأجازة الممنوحة للقاح الكورونا الجديد لم تكن أجازة سياسية بل هي
أجازة هيئة حكومية علمية رصينة معروفة عالميا ومقرها لندن، وقد أجازت وتجيز
الآلاف من الأدوية والعقاقير واللقاحات والمستلزمات الطبية للأستعمال المحلي في
بريطانيا وهي لابد لها ضوابطها العلمية الرصينة التي تعطي المواطن الثقة بالدواء
المجاز وهكذا كان الحال مع لقاح الكورونا فقد أطلعت الهيئة (الأج أم أر أي) على
تفاصيل التجارب العلمية التي أجريت على هذا اللقاح، وأقتنعت بفعاليته أولا ضد
الفايروس وبسلامته ثانيا من ناحية أضراره الجانبية على البشر. فاللقاح بما عرف
عنه أنما هو مجهود عالمي أولا، ثم أن بريطانيا لا يمكن أن تسيطر على الكورونا
منفردة معزولة لوحدها. بل هي بحاجة الى التعاون مع كل دول العالم لتحقيق الهدف وهو
مبدأ يتوجب على كل دول العالم السير عليه. فالوباء عالمي الأنتشار ولن تكون
السيطرة عليه الا بجهود دول العالم كله، ومن خلال منظماتها الطبية والمهنية
المختلفة. وعليه فأذا كان لرجل السياسة من دور هنا فيتوجب عليه اليوم العمل الجاد
على وضع خطة طارئة فعالة لتوزيع اللقاح، وأعطائه لمن يحتاجه أولا من المسنين
ومن العاملين في القطاع الصحي وللمعلمين في المدارس والجامعات، فهم أكثر من غيرهم
عرضة للأصابة بالكورونا، وقبل ذلك لابد للسياسي من أن يقوم بحملة توعية وتثقيف
حول اللقاح وأهميته للأنسان، بغية أكتساب المناعة التي تكفل للشعوب السيطرة على
الوباء والتعايش مع الفايروس بشكل أيجابي، بحيث لن يؤثر هذا الفايروس على صحة
المجتمع عامة كما هم اليوم، ولن يؤثر على مستوى معيشة الشعوب. فلمثل هذا فليعمل
السياسيون ولمثل هذا فليسعى العلماء.
ثم
أننا لابد من أن ندرك أن الهيئات العلمية الأوروبية وهيئة الغذاء والدواء
الأميركية أنما تعمل أيضا وبمثابرة من اجل الأسراع بأجازة اللقاح المضاد
للكورونا (لقاح فايزر/بايونتك) وقد يحصل هذا خلال الأيام القريبة المقبلة مما
يؤكد صحة ما ذهب أليه علماء بريطانيا.
ومن المقرر توزيع ما مجموعه 800 ألف جرعة كافية لتطعيم 400 ألف شخص في
جميع أنحاء بريطانيا اعتبارًا من 7 ديسمبر.
وكالة تنظيم الأدوية ومنتجات الرعاية الصحية تجري أيضًا مراجعات للقاحي
شركة مودرنا ولقاح جامعة أكسفورد، مع اتخاذ قرار نهائي بشأن هذين اللقاحين في
الأسابيع المقبلة.
ويشار إلى أن هناك ثلاثة لقاحات أظهرت نتائج واعدة وهي لقاح شركة فايزر
بالتعاون مع بيونتيك، ولقاح شركة مودرنا، ولقاح جامعة أكسفورد مع شركة
أسترازينيكا.
لقاحي فايزر ومودرنا يعملان وفقا لتقنية جديدة كانت تُستخدم لفحص لقاحات
السرطان قبل فيروس كورونا.
وتعتمد تقنية اللقاح على تقديم تسلسل جيني للحمض الموجود في خلايا الجسم،
ويوجه الخلايا لإنتاج البروتين الخاص بفيروس "سارس كوف 2" المسبب
لكوفيد 19، ثم يبدأ جهاز المناعة في العمل لمحاربة ما يعتبره دخيلا معاديا. هذه
العملية تترك وراءها ذاكرة واقية تمكن الجسم من معالجة العدوى الحقيقية.
اللقاحات غالبًا ما تستغرق سنوات لتخضع للتجارب والتطوير قبل الحصول على
الموافقة واستخدامها لعلاج المرضى. لذلك مع استعداد اللقاحات للتسليم في غضون
أشهر من ظهور كوفيد 19، من المنطقي أن نسأل كيف يمكننا التأكد من أنها آمنة.
لن يتم التهاون على الإطلاق فيما يتعلق بسلامة اللقاح، فسيكون قد خضع
لجميع الضوابط والتوازنات اللازمة.
0 تعليقات