آخر الأخبار

تركيا 2021 كيف ستكون ؟

 




 

فادي عيد



 

 

لم تأتي العقوبات الأمريكية على تركيا بسبب تحرش الأخيرة بزميلتها في الناتو اليونان، أو بالمياة الإقليمية لجارتها قبرص، ولا حتى بسبب تدخلها السافر في ليبيا، وشحنها للإرهابيين عبر الخطوط الجوية التركية لنقل المرتزقة من سوريا الى غرب ليبيا، ضاربة بكل الاتفاقات الدولية في ليبيا عرض الحائط، وفي مقدمتها الاجتماعات التي تراعها المبعوثة الأمريكية نفسها ستيفاني ويليامز، ولكن جائت العقوبات الأمريكية على تركيا بسبب السلاح الروسي الذي تواجد على أرض تركيا الأطلسية.

.

أذا العقوبات الأمريكية الأخيرة على تركيا ما هي إلا رسالة من واشنطن لموسكو، لذلك كانت تلك أول عقوبات توقع على تركيا ثم ترتفع بعدها الليرة أمام الدولار، على عكس العقوبات السابقة.

.

🖋 أما العقوبات الأوروبية، فلم يكن هناك طرف جاد في أوروبا لمعاقبة تركيا عن جرائمها سوى فرنسا واليونان، بينما نسفت ميركل كل جهود ماكرون بالأونة الأخيرة، كي تنتهي اللقاءات والمشاورات الأوروبية لمعاقبة تركيا بنتيجة صفر، في ظل إنحياز إيطاليا وأسبانيا بجانب المانيا لتركيا، وهو نفس ما حدث في إجتماع ميد7 بجزيرة كورسيكا الفرنسية سبتمبر الماضي، حيث أول إحباط لماكرون من الأوروبيين.

.

■ فأردوغان يعلم علم اليقين أن أوروبا لن تتوحد يوما، وأنهم جميعا كالخراف البيضاء أمرهم محسوم بعصا راعي البقر العم سام، في ظل الضغف الأوروبي أمام بريطانيا التي تتعمد كل يوم اهانة الاوروبيين منذ خروجها من الإتحاد، والتي وقعت اول إتفاق تجاري بعد خروجها من الإتحاد الأوروبي مع تركيا.

.

مما جعل أردوغان يتوسع في طموحه ليخطو أهم خطواته قبل عام الحسم لتركيا الأردوغانية عام2023م، مع ذكرى مرور مئة عام على "معاهدة لوزان" التي يراها أردوغان أنها كبلت الأمبراطورية العثمانية، وبإنتهائها بعد عامين من الأن سيكون في حل عن تلك القيود.

.

🖋 فذهب أردوغان يرتب أوضاعه في سوريا مع روسيا (التي لم تهان من أحد كما أهينت من أردوغان) على حساب ليبيا، فأنسحب من نقاط مراقبة عديدة لجيشه بشمال سوريا، على حساب تتريك الأخرى، بعد أن سرق من تلك المدن التي تركها كل ما يستطيع بداية من الحجر وصولا للشجر كما فعل قدوته الغازي سليم الأول عند غزوه الشام ومصر.

.

ثم جاء الأخطر بعد أن تمدد المشروع الطوراني في القوقاز، عبر سعي أردوغان لتشيكل تحالف إسلامي مناهض لتحالف "مصر، الإمارات، السعودية"، ففتح قنوات سرية مع أندونيسيا وماليزيا وباكستان، وفي الأخيرة وجد ضالته، مستغلا صراعها مع الهند، والضغوط الخليجية عليها للتطبيع مع إسرائيل (برغم التواصل السري القوي بين عمران خان وتل أبيب عبر مستشاره سيد بخاري)، بعد أن قررت باكستان تغيير إستراتيجية تعاملها مع السعودية، كي ترد لسعودية قرض بقيمة 3مليارات دولار، عبر ثلاث دفعات كل دفعة بمليار دولار، فجائت الاولى في يوليو الماضي والثانية في ديسمبر الماضي، والثالث والأخير في يناير الجاري، ومن هنا كان سر لقاء الشيخ محمد بن زايد بملك ماليزيا مؤخرا.

.

🖋 فأستقدم أردوغان باكستان في شرق المتوسط عبر مناورات بالذخيرة الحية، ثم في الملف الليبي عبر لقاءات متفرقة جمعت السفير الباكستاني في طرابلس والملحق العسكري مع قادة حكومة الصخيرات، وهي اللقاءات التي تمت بإشراف السفير التركي في طرابلس، كي يحدث أردوغان توازن بين القوى النووية المتداخلة في المنطقة العربية التي يتم تقسيمها بوتيرة متسارعة منذ سقوط بغداد، بعد أن جلب باكستان(النووية) في شرق المتوسط وليبيا لتكون أمام فرنسا(النووية)

في الوقت الذي ألقى الخليج كل بيضه في سلة إسرائيل(النووية)، ويستعد فيه أردوغان لتدشين أول حاملة طائرات تركية بصناعة محلية، والتي ستحمل أسم "الأناضول"، والتي ستكون مهامها في شرق المتوسط، وهو يعلم أن بمرور الأيام ستعود الليالي المخملية مع البيت الأبيض الذي ينتظر ولاية ثالثة لـ باراك أوباما متمثلة في شخص جو بايدن، ومأ أكد للتركي ذلك هي دعوة رئيسة الكونجرس نانسي بيلوسي لنظيره التونسي والحاكم الفعلي لتونس راشد الغنوشي لزيارة واشنطن بالأيام القادمة، في مشهد يؤكد أن ما بدء في 2011م لم ينتهي بعد.

.

🖋 ولأن البراجماتية هي فصيلة دم أردوغان الحقيقية، فلم يتردد في إرسال أكثر من إشارة للمجتمع الدولي بتخليه عن إيران، وما كان الإستقبال المهيب لرئيس وزراء العراق في تركيا 19ديسمبر إلا للتفرد بالعراق في ظل أنتظار ساعة الصفر لتكرار سيناريو العراق2003 ضد إيران، وهو ما جعل مصر تهتم بتفعيل "الشام الجديد" مع الأردن والعراق، كي لا تكرر أخطاء الخليج مع العراق بعد 2003م، وأخطائهم الحالية مع الجزائر، مما جعل الأخيرة مجبرة بعد التطبيع بين المغرب وإسرائيل للإرتماء في حضن تركيا، برغم أن ما يربط الأخيرة بإسرائيل أضعاف ما بين إسرائيل والعرب مجتمعين معا.

.

خلاصة القول لم تمثل أيا من العقوبات الغربية الوهمية على تركيا نهاية العام الماضي أي عائق أمام سياسات أردوغان التوسعية، بالعكس صعدت بشعبيته في الداخل، في ظل دعم الدولة العميقة بواشنطن من جانب (ليس حبا فيه ولكن لإستنزاف روسيا وتمزيق العرب على يده)، ورفض بريطانيا سقوط تنظيم الإخوان المسلمون في أخر بلاد الخلافة من جانب أخر.

.

وأصبح يفصل المنطقة عن الحرب بأي جبهة بها خطوة واحدة، وبين التهدئة خطوة واحدة أيضا، ولكن شتان بين كل خطوة منهما، فخطوة الحرب ستأتي بالحسم النهائي بمنتصر ومهزوم، أما خطوة التهدئة فستكون أشبه بتعادل بين الخصمين كي تدخل المبارة لمرحلة الوقت الأضافي لتكون فيه الغلبة لصاحب النفس الطويل، وحينها سيكون إستنزاف الجميع، وهو الهدف الأول للغرب وربما لكل الأطراف الدولية المتداخلة في المنطقة العربية.

.

وفي كل الحالات سيبقى عام 2021م بداية الطريق القصير لعودة الأمبراطورية العثمانية، وكلما مر الوقت دون تلجيم الغازي العثماني الجديد بات أقرب لتحقيق "حلم" راود ذلك الجيل من أبناء الإسلام الأطلسي، و "مشروع" تم اعادة صياغته في مقر الأطلسي (الناتو) نفسه.

 

إرسال تعليق

0 تعليقات