د. محمد إبراهيم
بسيوني
حدثت تغيرات عميقة
وعنيفة في المجتمع المصري بظهور النزعة المظهرية وتراجع واختفاء دور الاسرة كصانعة
للقيم وتغولت وسائل الاعلام التي تتحكم في احلام الانسان المصري وترشيده من الداخل
والخارج، وزادته وسائل التواصل الاجتماعي التي كرست فيه التركيز على ذاته ورغباته
الحسية والمادية. الدولة غائبة تماما عن صناعة القيم وترشيد المجتمع بل صنع هذا
الواقع لاستيعاب الشعب وضبطه اجتماعيا بخلق الافق الضيق واتساع الاحساس بأن حق
المواطن الوحيد هو الاستهلاك والحصول على سكن في كومباوند وسيارة كأقصى حد مما خلق
جيلا جديدا يتكيف مع واقعه ولا يجاريه وغير قادر على التحكم في حياته ومصيره
وصناعة محيطه. جيل أهم خصائصه الاستسلام للاستهلاك وتحقيق اللذة صاحب ذلك تزايد
استهلاك المخدرات بجميع انواعها. تزايد الاحساس عند الشباب بعدم الجدوى وانعدام
الهدف وبأنه لا يملك من أمره شيئا، واهتزاز الايمان بأي شئ وكل شئ. سادت النسبية
المعرفية والاخلاقية وأصبحت فكره الصالح العام مصدر سخرية واستهزاء. هذه الصفات
والخصائص في شباب اليوم تؤدي مستقبلا الى التعجيل باختفاء الاسرة المصرية ونهاية
لتعريفها التقليدي وتشريع لتدميرها واختفائها تماما.
بداية انهيار القيم
الاخلاقية تبدأ من الأسرة والتعليم، كما يعود للانهيار الثقافي الذي يعاني منه
المجتمع المصري منذ أكثر من عدة عقود، وأصبحت تسيطر على الشعب المصري هي
اللامبالاة، والتي جعلت المواطن يقف موقف المتفرج عند حدوث أي موقف سلبي.
غياب دور المدرسة في
التربية والتعليم الصحيح، وانحصار المدرس في البحث عن الدروس الخصوصية، وتحويل
منظومة التعليم إلى منظومة اقتصادية بحتة، أفقدت الطالب احترامه للمدرس والمدرسة،
وشعر وكأنه يمتلكه بفلوسه، فقد تخلت المدرسة منذ فترة من الزمن عن دورها الأساسي
والأول وهو التربية، وظلت على التعليم حتى انهار تمامًا، ولا يوجد لدينا لا تربية
ولا تعليم.
نحن نحتاج خبراء
سلوكيون على مستوى الجمهورية للعمل على التأهيل النفسي للاطفال وإعادة السلوك
القويم للمجتمع ومتخصصين في التنمية البشرية، ومحاولة دمج الطفل داخل مجموعة من
الأفراد؛ للعمل في شكل جماعي، وليس بشكل فردي. فلقد كان المجتمع المصري حتى وقت
ليس ببعيد متمسكًا بالقيم المجتمعية والدينية، ومنها احترام الكبير، والعطف على
الصغير، والنخوة، والشرف، واحترام الكلمة، والإيمان بالمساواة، والعدالة
الاجتماعية، وغيرها من الفضائل التى كانت تزيد أبناء المجتمع تماسكًا وثقة بالنفس،
وتوفر لديهم الإحساس بالطمأنينة والأمن.
0 تعليقات