علي الأصولي
الإسلام منظومة متكاملة دين ودنيا. جاء عن طريق النقولات التاريخية
بحمولتها الثقيلة تداخل فيه النص الشرعي مع الرأي الشخصي. اجتهادا أو استحسانا.
فإذا أريد البحث في الإسلام فلا بد من بحثه كمنظومة متكاملة
ومتماسكة.
فالإسلام أشبه باللوحة لا تكتمل أجزائها إلا بعد ربطها بالأجزاء
الأخرى. وفهم ظروف هذه الأجزاء البواقي وملابساتها.
وتأريخيانية بعضها وعدم إمكانية تعميمها بحسب الإطلاق الزماني ليوم
القيامة.
وأما النظر المركز على ظل اللوحة أو جزء منها فسوف لا يقف الناظر
على الصورة التاريخية والنصية الشرعية بشكل دقيق وبالتالي سوف يحكم على قبح المنظر
تبعا لزاوية الرؤية ومساحتها.
أجل: من يجعلك تحكم على قباحة المنظر هو من قدم لك الجزء باعتباره
الكل والزاوية باعتباره كل الزوايا. وهذه هي مهمة الإعلام المضلل قنوات وفضائيات
ومنصات اجتماعية وأقلام ونحو ذلك.
إذن: الإعلام هو من يحدد لك الرؤية وفق منهجية مسبقة لخلق رأي عام
مناهض مستغلا الظروف السياسية السيئة أو التوظيفات المخزية للنص الشرعي والإسلام
المحمدي الأصيل.
تعالوا معي للوقوف على ما سطره (فرانسوا جيري) وكتابه(قاموس
التضليل الإعلامي)الناشر( ارمان كولان باريس 2011) لمعرفة كيفية إدارة العقل
الجمعي وفق التوجيهات الإعلامية المضللة.
والكاتب فرنسي مختص بحرب الدعاية النفسية منذ أواسط عقد الثمانيات
الماضي.
يذكر الكاتب بأن غاية الإعلام المضلل تتمثل في “تشوّش” الرأي
العام. ويؤكد عبر تحليلاته، بأشكال عديدة، أن عملية التضليل الإعلامي تتم دائما
بصورة واعية، من أجل صياغة رأي عام مؤيد لأولئك الذين يصدر عنه. يكتب: “يعتمد
التضليل الإعلامي على مشروع منظّم ومخطط يهدف إلى تشويش الأذهان والتأثير على
العقل كما على العواطف والمخيّلة.
وليس له سوى هدف واحد هو إدخال الشكوك وخلق الاضطراب وهدم
المعنويات. وهو يعمل على جميع المستويات من أصحاب القرار حتى المواطنين العاديين،
كما يجعل من وسائل الإعلام هدفا له بحيث تقوم بنشر وتعميم الرسالة التضليلية
باتجاه الرأي العام”. انتهى موضع الشاهد:
أجل: ان تجعل تركيزك في نشر مقاطع تاريخية بلا بيان ظروفها
وملابساتها وقصة السبي والغزوات والاستشهاد بما علا وسفل من المصادر وبالتالي تقدم
نتيجة مفادها أن هذه هي أخلاقيات الإسلام وأخلاقيات نبيه(ص) فهذا العرض نعتبره من
حصة التضليل الإعلامي.
أو أن تحاول التركيز على كتاب(الكفاح المسلح في الإسلام) للسيد
الحائري. وكأنه النموذج الأمثل والوحيد والحصري للاجتهاد الفقهي الإمامي بمعزل عن
اجتهادات فقهية أخرى مخالفة ومختلفة تبعا لطبيعة المباني والرؤى والأنظار والافهام
فهذا أيضا من مصاديق التضليل الإعلامي.
وكيف كان: كما يتم التركز على (الكفاح المسلح في الإسلام) لا بأس
وللأمانة العلمية والأخلاقية وعرض كتاب(فقه العنف المسلح في الإسلام) للفقيه محمد
شمس الدين ضمن منشورات ثقافة التسامح. والتي يحاول من يستثمر الاضطرابات السياسية
وانعكاساتها على الواقع النفسي استغلالها بمعزل عن الآراء الأخرى وبالتالي الناس
تفكر في عيونها لا في عقولها في زمن الاضطرابات والفتن والى الله تصير الأمور ..
0 تعليقات