عز الدين البغدادي
تمثل الإنسانية بلا شك قيمة عليا، وبرأيي أنّها تمثل قاعدة القيم،
وقبل القيم الدينية لأنها قيمة تتعلق بالبنية النفسية للإنسان السوي، وطريقة
تفكيره. لكن في هذه المرحلة التي نعيشها وبسبب القراءة المتحجرة للدين وفشل مشروع
ما يسمى "الإسلام السياسي" ظهر الحديث بقوة عن الأنسنة، وتم التأكيد
عليها باعتبار أن القيم الإنسانية هي التي يجب أن تتبع وهي التي ينطلق منها.
إلا أني اعتقد أن الأمر يحتاج الى نظر يتجاوز الرؤية العاطفية
الانفعالية، لأن الفكرة الإنسانية التي تطرح الآن ليست فكرة واضحة كما يعتقد وليست
محددة، بل هي رؤية مائعة، وليس هذا فقط بل إنه يراد لها أن تكون حصان طروادة ليتم
عبرها إدخال كثير من الأفكار المدمرة اجتماعيا وغير الصحيحة علميا. هناك من يستغل
هذه الفكرة ليبرر المثلية أو ليبرر إسقاط هوية للأمة والمجتمع، أو ليبرّر السقوط
والخضوع أمام المشاريع الأجنبية، والاهم أن هذه الفكرة لا يمكن أن تغير واقعا أنها
باختصار فكرة لا تصلح أن تستعمل كمنطلق ومبدأ.
ما نحتاج اليه وما ينفعنا فعلا هو العقلانية، والتفكير المنهجي
الذي سيمكننا من تقديم رؤية اكثر واقعية وانسانية ومنطقية للدين، هي التي تمكننا
من فهم التاريخ، هي التي تمكننا من فهم المجتمع وعوامل الضعف والقوة فيه، هي التي
تجعلنا قادرين على ان نتنفكر بشكل منطقي وان نطور انفسنا. والاهم ان العقلانية هي
التي تنتج النزعة الإنسانية التي ستتفرع عنها بايجابياتها دون سلبياتها التي يراد
لها ان تمرر علينا دون ان نشعر.
0 تعليقات