عمر حلمي الغول
في كل المحطات
السياسية الهامة في مسيرة الشعب اٌصر على التوقف أمام الواقع الفتحاوي، وتسليط
الضوء على النواقص والأخطاء، وتقديم ما أعتقد من وجهة نظري مفيدا وايجابيا لاستعادة
الحركة دورها ومكانتها الريادية، كونها صاحبة الطلقة الأولى ومفجرة الثورة
المعاصرة، ولإنها مازالت تشكل العامود الفقري للثورة الفلسطينية المعاصرة، رغم كل
ما شاب تجربتها ومسيرتها الكفاحية من نواقص، وهي القائد الفعلي لمنظمة التحرير
وسلطتها الوطنية، ولاعتقادي الراسخ حتى الآن، أن نهوض حركة فتح، وخروجها من أزمتها
يشكل الحلقة الأهم لاستعادة الحركة الوطنية عموما عافيتها ودورها، ولأثر ذلك
المباشر على المجتمع الفلسطيني وكفاحه التحرري.
الآن وبعد إصدار
الرئيس عباس المرسوم الخاص بإجراء الإنتخابات البرلمانية والرئاسية والإستكمالية
للمجلس الوطني، وهو المرسوم الأول منذ خمسة عشر عاما. ولإن هذة الإنتخابات لها ما
بعدها من تداعيات أعظم مما حدث في إنتخابات المجلس التشريعي الثاني 2006، وقد تؤشر
لمستقبل ومكانة ودور الحركة في المنظومة السياسية الفلسطينية لإسباب عدة، منها: اولا
لم تعد بعد إنقلاب حركة حماس على الشرعية اواسط عام 2007، وسيطرتها على المحافظات
الجنوبية اللاعب الأساس المقرر في الشأن الفلسطيني، رغم إحتفاظها وإمساكها
بالشرعية الفلسطينية؛ ثانيا عدم تمكنها من الخروج من ازماتها، مع انها تمكنت من
حماية شرعيتها كقائد للمشروع الوطني بعد عقد المجلس الوطني في دورته ال23 في النصف
الأول من عام 2018؛ ثالثا ما تقدم لم يلغِ إحتدام المنافسة بينها وبين حركة حماس،
التي تعمل بكل قواها وبمساندة قوى عربية وإسلامية وإقليمية بما في ذلك دولة
إسرائيل الإستعمارية على سحب البساط من تحت اقدامها، والحلول محلها، ووراثة دورها،
رابعا تغير المعادلة في المشهد العربي، وعدم الرهان على مساندته الكاملة لإحتفاظها
بمكانتها المركزية. لإن العديد من الدول الشقيقة لها اجنداتها الخاصة في البيت
الفلسطيني؛ خامسا رغبة بعض الأقطاب الدولية في إحداث تغييرات في المنظومة السياسية
الفلسطينية.
وحركة فتح الرائدة لا
تستطيع أن تحافظ على مكانتها الريادية إستنادا لمقولة "غلابة يافتح غلابة"،
أو "انا ابن فتح ما هتفت لغيرها"، هذة المقولات في الظروف والمحطات
التاريخية السابقة كانت مهمة، ولها تأثيرها، وكانت الحركة أكثر تماسكا وقوة على
الأرض، وكان القرار الفلسطيني أكثر تحررا وقدرة على تجاوز كل الضغوط. كما أن حركة
الإنقلاب لم تكن ذات شأن وتأثير. وبالتالي لحماية الدور الريادي والمركزي لها في
الساحة، وتعزيز ثقلها ومكانتها، فإنها بحاجة إلى الآتي: اولا العمل على ترتيب
البيت الفتحاوي، وتجاوز كل المنغصات الداخلية بما يحمي ويقوي وحدتها، وتفعيل دور هيئاتها
المركزية والفرعية (الأقاليم) وخاصة في العاصمة القدس وقطاع غزة؛ ثانيا تعزيز
الشراكة السياسية مع فصائل منظمة التحرير كلها ودون إستثناء؛ ثالثا تجسير العلاقة
مع الجماهير الفلسطينية كلها وخاصة في المحافظات الجنوبية والشتات وفي اوساط
الجاليات الفلسطينية في المهاجر؛ رابعا معالجة قضايا موظفي السلطة في قطاع غزة
بسرعة ودون تردد وقبل فوات الآوان؛ خامسا تعزيز المقاومة الشعبية بشكل منهجي ووفق
خطة عمل وطنية شاملة؛ سادسا تكريس دور منظمة التحرير وتفعيل مؤسساتها كمرجعية اولى
للشعب الفلسطيني، والعمل على عقد دورة قريبة للمجلس المركزي قبيل الإنتخابات
القادمة؛ سابعا توسيع دائرة حضورها في اوساط المستقلين بمختلف مشاربهم؛ ثامنا
توسيع وتعميق عوامل الثقة مع الدول العربية، وعدم حصر العلاقة ببعض الدول وفق
سياسة مدروسة، وإازالة كل المعيقات والإرباكات، والإستفادة من التناقضات بين العديد
من الدول وجماعة الإخوان المسلمين عموما وفي فلسطين خصوصا؛ تاسعا التأكيد على
دورها في الحقل الدولي كقوة مركزية ومقررة في الساحة، وكعنوان اساسي للتقرير في
عملية السلام إستنادا لخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967... إلخ
وهناك الكثير من التفاصيل
ذات الصلة بإختيار ممثليها في قائمة الإنتخابات، التي تدركها القيادات الفتحاوية
بمختلف مستوياتها القيادية، يمكن العمل على هندستها بما يخدم تعزيز وتطوير مكانة
الحركة في الشارع الفلسطيني. مرة اخرى لا يجوز الرهان على المنطق العاطفي
والإتكالي غير المدروس. هذة الجولة والمحطة تحتاج إلى رؤية علمية وتنظيمية وسياسية
وإجتماعية مختلفة، وأكثر إستيعابا للواقع بجوانبه الكلية لتفادي اية اخطاء او
خطايا لا تحمد عقباها في المستقبل المنظور.
0 تعليقات