آخر الأخبار

"هي" بين عهدين

 




 

حسناء علي



إذا أردت تقييم قائد أو حقبة تاريخية فعليك بالنظر إلي الفئات الأضعف في المجتمع.

 

مات السادات وترك وريثه ليستكمل مساره السياسي والاقتصادي، ويحافظ وينمي ما تركه له من آلاف المنابر الدعوية المتشددة التي شوهت وعي المجتمع، وكأنه كان حريصا حتي بعد موته ان يستكمل مشروع "محو إرث عبد الناصر".

 

لقد استطاع بدون قرارات رسمية ولا قوانين حكومية أن يمحو ما فعله عبد الناصر لتحرير نصف المجتمع.

 

استطاع السادات عن طريق ميليشياته الدعوية أن يعود بالمرأة لعصر الحريم، بعد ان جعلها ناصر وزيرة وقاضية وسفيرة وبرلمانية.

 

السادات الذي منح لقب سيدة مصر الأولي إلي زوجته السيدة المتحررة التي لم يجد زوجها غضاضة في تقبيلها لرؤساء الدول. لكنه سمح لدعاته بتحويل سيدات مصر إلي جواري..

 




فعبد الناصر الذي رفض فرض الحجاب علي نساء مصر، ليس رفضا منه للدين ولكن باعتبار الملبس حرية شخصية، وحرص علي تعليم وعمل المرأة والمساواة بينها وبين الرجل في الراتب وفي تكافؤ الفرص، ومنحها حق الترشح والانتخاب، واستطاعت في عهده أن تتقلد المناصب العليا في الدولة.

وليس أكثر من قانون التأمينات والمعاشات الذي كان ومازال ستراً لملايين الأسر المصرية، فبالإضافة إلي مساواة البنت مع أخيها في ميراث المعاش، ميزها أكثر بأن جعل من حقها ميراث المعاش مدي الحياة في حالة البطالة وغياب العائل.

 

فقد كان هدفه حماية المرأة وتحريرها واستقلاليتها.

 

وبالرغم من محاولات الأخوان المتكررة لفرض الحجاب ومنع عمل المرأة، إلا ان الزعيم عبد الناصر كان له رد استنكاري ووحيد "لماذا تستهدفون المرأة".

 

بل إن ناصر ذهب إلي أبعد من ذلك في جهوده للنهوض بالمرأة المصرية، ففي حديث له مع الكاتبة الفرنسية" سيمون دي بوفوار" عن تعدد الزوجات يقول ناصر "وبالنسبة لتعدد الزوجات فأنا لا أرى الإسلام يتركها رخصة مفتوحة وإنما هي رخصة مقيدة بشروط تجعل التعدد صعبا بل تكاد تجعله مستحيلا والدليل على ذلك ما نراه عمليا أمامنا ومؤداه أن ظاهرة تعدد الزوجات تتلاشى تدريجيا في المجتمع المصري".

 

ولأن السينما هي عين علي المجتمع وتأريخ للحقب الزمنية، فالمتتبع لتاريخ سينما الستينات وأعمالها مثل "مراتي مدير عام" و"الباب المفتوح"، وبالمقارنة بفيلم "الإرهابي" و مسلسل " العائلة"، سيجد المشهد نفسه بين بلدين مختلفين تعرضت إحداهما لغزو ثقافي تتري، أو كأنه بين حقبيتن زمنيتين بينهما قرون من السنين.

 

كل هذا وأكثر لتعيش نساء مصر عصرها الذهبي منذ مصر القديمة، وكأنه كان حلما استيقظت منه علي واقع قبيح يحاصرها كالوباء أينما ولت وجهها، في العمل والشارع ونظرات الناس وحتي في عيون زوجها. بفضل رئيس أراد ان يمحو حب جمال عبد الناصر من قلوب الناس فأطلق أعداءه وأعداء الإنسانية ليعيثوا في أرض الكنانة فسادا.

 

لقد استيقظت لتجد المجتمع تحول إلي كائنات "زومبي"، لقد وأدوا حلمها، بل وأدوها هي كأنثى وكإنسان، تماما مثلما وأدوا حلم الوطن الذي لم يكتمل.



 

إرسال تعليق

0 تعليقات