عمر حلمي الغول
محاولة الرئيس دونالد
ترامب الإنقلابية الفاشلة يوم الأربعاء الماضي الموافق 6 كانون ثاني / يناير 2021،
وما تمخض عنها من أخطار آنية على صورة الولايات المتحدة العالمية، وما تحمله
تداعياتها الإرتدادية اللاحقة على مستقبل اميركا، وإهتزاز وتشوه العملية
الديمقراطية برمتها، لم تنحصر شظاياها في الداخل الأميركي، انما تناثرت إنعكاساتها
على المشهد الإسرائيلي، ومنذ اللحظة الأولى قارب عددا من السياسيين والإعلاميين
بين الصديقين ترامب نتنياهو، وذهبوا إلى إستنتاج أجزم انه علمي وواقعي، مفاده أن
ما سيرتكبه رئيس الوزراء الإسرائيلي في حال خسر الإنتخابات المقبلة في 23آذار/مارس
2021 سيكون أكثر همجية وخطرا مما إرتكبه الرئيس المنتهية ولايته في بلاد العم سام.
وهذا افيغدور
ليبرمان، رئيس حزب "إسرائيل بيتنا" يعقب على الفضيحة الترامبية وهجوم
وإقتحام انصاره مبنى الكابيتول هيل وآثارها على الساحة الإسرائيلية يوم السبت
الماضي (9/1/2021) على القناة "12 العبرية" ، فيقول إن "نتنياهو
سيأمر بأعمال مماثلة في إسرائيل إذا شعر أنه يخسر الإنتخابات". وأضاف إن "خطة
بيبي ستكون أكثر حدة. ما رأيناه في الكابيتول لا شيء مقارنة بما يعده رئيس حكومة
تصريف الأعمال". وتابع مؤكدا أن ساكن شارع بلفور "أعطى بالفعل تعليمات
في الماضي لشطب النتائج (الإنتخابات)، ومن الواضح أنه يستعد للرد على سيناريو
خسارته، وسوف يروج لخطة أعنف وأكثر عبثية مما رأيناه في الولايات المتحدة." ولم
يتوقف عند ردود فعل الملك الفاسد، انما ضم إليه نائبه الجنرال الكسيح، بيني غانتس،
وأفترض انه سيكون شريكا لنتنياهو في ما يقدم عليه.
موقف ليبرمان حسب ما
أعتقد ليس إنفعاليا هنا، ولا يندرج في خانة التحريض على زعيمه وصديقه السابق، ولا
يقع في دائرة تصفية الحسابات، ولا ايضا لتشويه صورة نتنياهو أكثر مما هي مشوهة،
انما ما نطق به يأتي في سياق قراءة إسرائيلية عامة، لا تخص زعيم "اسرائيل
بيتنا" لوحده، لا سيما وان العديد من القادة السياسيين وكبار أصحاب الراي في
المنابر الإعلامية يعتقد بها، وهذة القراءة الموضوعية لها اسبابها وخلفياتها
ومتشابهاتها مع المنطق الترامبي الفوضوي والعبثي والعنصري، ومنها على سبيل المثال
لا الحصر: اولا كلاهما يغوص في دوامة الفكر اليميني المتطرف؛ ثانيا عنصريان حتى
النخاع، ولا يقبلا القسمة على مبدأ السلم الأهلي؛ ثالثا نرجسيان حتى النخاع، ومن
عبدة كرسي الحكم، ونموذجهما أسوأ من نماذج حكام وزعماء العالم الثالث؛ رابعا لا
يؤمنان بالديمقراطية نهائيا، انما تعاملا معها كما يتعامل الإخوان المسلمين معها
لمرة واحدة، ولكن إن هزما، فلا يعترفا بنتائج صناديق الإقتراع، ويديرا ظهر المجن
لها؛ خامسا دمرا القضاء في كلا البلدين مع الفارق في خصوصيات كلا البلدين، ولا
يقبلا بوجود قضاء نزيه ومستقل؛ سادسا لا يؤمنا بالسلام العادل والممكن والمقبول لا
في فلسطين ولا في غيرها من أقاليم العالم؛ سابعا يعتبرا نفسيهما فوق القانون، اي
قانون، لإن ما يحكمهما، هو منطقهما النرجسي المتغطرس الفوقي؛ ثامنا أسيرا
الميثولوجيا والإساطير والخزعبلات الدينية ومركباتها السياسية، ويدفعا بالحروب
الدينية في العالم؛ تاسعا كلاهما منتج ومعمم للإستعمار والإرهاب والبلطجة والفوضى
والفلتان وإستباحة حقوق الضعفاء في فلسطين وأصقاع الدنيا كلها؛ عاشرا كلاهما أعداء
للأمم المتحدة ومنظماتها وهيئاتها، وعملا، ويعملان لهدمها، والإنقضاض على مبادئها
ومواثيقها ومعاهداتها ومنظومتها الحقوقية والإنسانية .. إلخ
هذة الركائز الناظمة
لكليهما سينجم عنها أخطار محدقة في كلا البلدين، الرئيس ترامب ساهم بقسطه الكبير
والخطير في تحطيم مكانة الولايات المتحدة الداخلية والخارجية. ونتنياهو دمر،
وسيدمر ما تبقى من الدولة الإستعمارية إن تمردت عليه، ولم تذعن لإحتفاظه بكرسي
الحكم. ولهذا فإن ردة فعل الحاوي الفاسد ستكون أضعاف ما ذهب إليه الرئيس المنتهية
ولايته في اميركا.
ولا يجوز ان ينخدع
احد ما بتصريح بيبي الكاذب حول إقتحام مبنى الكابيتول، فهذا التصريح لذر الرماد في
العيون، ولتضليل الرأي العام الإسرائيلي والأميركي والعالمي، لإنه كان يتمنى ان
يتمكن رجل العقارات المجنون من النجاح في الإنقلاب، والبقاء في الحكم، لإن ذلك
يعزز منهجه ورؤيته، وموقفه، ويعطيه ثقلا وقوة في اوساط انصاره ومعارضيه. وعليه فإن
الخطر داهم على الدولة الكولونيالية وعلى انصار السلام وعلى الشعب العربي
الفلسطيني خصوصا والعرب عموما وعلى السلم الإقليمي والعالمي من نتنياهو وانصاره
ومن هم على شاكلته.
0 تعليقات