عمر حلمي الغول
يوم الجمعة الفائت
الموافق 15/1/2021 تصاعد الدخان الأبيض من مقر الرئاسة (المقاطعة) في رام الله مع
اصدار الرئيس ابو مازن مرسوم الانتخابات البرلمانية والرئاسية والاستكمالية للمجلس
الوطني حيثما امكن ذلك. وقطع المرسوم الرئاسي الشك باليقين، وافسد على المشككين
سوء نواياهم، وإفتراضاتهم غير الايجابية، وحسم الجدل بهذا الشأن. لا سيما وان
الانتخابات المتوالية في محطاتها ومواقعها الثلاث مصلحة فلسطينية بحتة اولا وقبل
اي شيء آخر، وكونها تشكل بارقة أمل لاتمام المصالحة، وخطوة هامة للامام في تجسير
العلاقات البينية بين القوى السياسية المختلفة.
وعلى إثر ذلك بدأت
عجلة العملية الإنتخابية تتحرك من خلال الترتيبات، التي تجريها لجنة الانتخابات
المركزية، وما احدثته من نشاط ملموس بين مختلف قطاعات الشعب ونخبه السياسية
والإقتصادية والإجتماعية والثقافية لجهة الشروع في البحث الجدي لتشكيل القوائم. ومازال
من المبكر الحديث عن المآل، الذي ستكون عليه تشكيلة تلك القوائم، بمعنى هل ستكون
هناك قائمة مشتركة تضم جميع القوى والنخب، أم ستكون هناك اكثر من قائمة وفق معايير
القوى والفصائل والحركات السياسية والمستقلين؟ وما هي المعايير الناظمة لكل قوة او
شخصية سياسية، التي تشكل الاساس لتشكيل القوائم من حيث التوجهات السياسية
والكفاحية والأوزان، وأولويات المقاعد في كل قائمة او القائمة المشتركة؟ وهل ستكون
الانتخابات بوابة المصالحة الوطنية، أم انها ستكون منفصلة عن الموضوع والملف
الأساس، وبالتالي تكون تكريسا للواقع الإنقسامي؟ وكيف نجعل من الإنتخابات المدماك
الأهم لطي صفحة الإنقلاب على الشرعية؟ وهل يمكن لصانع القرار القبول بالفصل بين
المسألتين، ام ان لديه رؤية واضحة ومحددة وحاسمة للربط الديالكتيكي بينهما؟ وما
اثر ودور الأشقاء العرب عموما وكل من مصر والأردن والسعودية خصوصا للمساهمة في
ترميم الجسور بين كل من حركتي فتح وحماس، وإنهاء حالة الإنقسام؟
من المؤكد ان الضرورة
تملي على كل مدافع عن الوحدة والمشروع الوطني رفض الفصل الميكانيكي بين الإنتخابات
والمصالحة، والعمل لتكون الإنتخابات جزءً أصيلا لتوحيد البيت الفلسطيني، ونبذ
الإنقسام مهما كان مستواه وشكله، ورفض الإستئثار بالواقع البائس لتعميق حالة التمزق القائمة، والعمل على تعزيز
عملية الشراكة السياسية بما يخدم المصالح الوطنية العليا أولا من خلال توسيع
وتطوير الحوار، الذي تم خلال الفترة المنصرمة منذ تموز / يوليو 2020؛ ثانيا ضرورة
ان يشكل الإجتماع القادم في القاهرة بعد ايام قليلة للقوى السياسية الفلسطينية
مدخلا حقيقيا لترسيخ القواسم المشتركة وفق الإتفاقات المبرمة بين حركتي فتح وحماس
والكل السياسي؛ ثالثا ممارسة الدول العربية والإسلامية ذات الصلة بالقوى السياسية
المختلفة دورا هاما في الإسهام بطي صفحة الإنقلاب، والعمل على تنفيذ الآليات
المحددة في الإتفاقات السابقة في ارض الواقع، بحيث تتلازم الإنتخابات مع المصالحة.
أما بشأن القوائم وما
يمكن ان تكون عليه خلال الأسابيع القليلة القادمة، فمن الأفضل الإبتعاد كليا عن
فكرة القائمة الواحدة، لإكثر من إعتبار، اولا هناك تباين كبير بين الحركتين
الأساسيتين فتح وحماس في العديد من الملفات؛ ثانيا من الصعوبة بمكان التوافق على
كل الملفات بينهما؛ ثالثا دون ان يعني ذلك رفض إمكانية تشكيل قائمة لفصائل منظمة التحرير؛
رابعا لوجود قوى ونخب ترفض من حيث المبدأ الإنخراط في هكذا قائمة، وبدأت بعضها
الإعلان عن نيتها تشكيل قوائمها الخاصة خارج نفوذ الحركتين؛ خامسا وجود كل فتح
وحماس في قائمة واحدة سيبعد قطاعات عديدة من الشعب عن التصويت للقائمة لإعتبارات
خاصة وعامة؛ سادسا لفتح الباب واسعا أمام نخب جديدة للإنخراط في العملية
الديمقراطية بغض النظر عن النتائج اللاحقة؛ سابعا لإغناء الساحة بعملية التنافس
الديمقراطي وفقا لبرامجها؛ ثامنا لإعطاء مصداقية أعلى للعملية الدمقراطية أمام
الذات الفلسطينية والعربية والعالمية.
العرس الديمقراطي في
ايار/ مايو القادم، إن قدر له النجاح والتحقق على الأرض سيكون محطة هامة وأساسية
ونوعية في مسار التحولات الكيفية في الساحة الفلسطينية، وسيعزز مكانة الشعب
والقضية الفلسطينية امام العالم، ويسقط عملية التشكيك بوحدانية التمثيل الفلسطينية
لمنظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد، أضف إلى انه سيكون الرد
المباشر على المشروع الإستعماري الإسرائيلي، وعلى كل القوى المتربصة بالأهداف
الوطنية. لذا على الكل الفلسطيني الإنتصار لإنجاح الإنتخابات وطي صفحة الإنقلاب.
0 تعليقات