آخر الأخبار

إقالة ترامب ضرورة

 


 

عمر حلمي الغول

 

محاولة الإنقلاب التي نفذها الرئيس دونالد ترامب على الحكم ومؤسساته التشريعية والشعب من خلال الرعاع وقطاع الطرق والعصابات العنصرية الإجرامية، وعبر عملية التحريض المتواصلة طيلة شهور سابقة، والتي توجت في السادس من كانون ثاني / يناير الماضي (2021) باقتحام أنصاره لمبنى الكابيتول، وإنتهاك القانون والنظام والمعايير الديمقراطية، وتحطيم العديد من النوافذ والأبواب، وإقتحام المكاتب وسرقة وثائق تمس الأمن القومي، وسقوط اربعة ضحايا، وإعتقال 55 شخصا، كان لها تداعيات مباشرة وسريعة من قبل العديد من اقطاب الحزبين الجمهوري والديمقراطي، وإعتبروا ما قام به المقيم في البيت الأبيض جريمة بحق الرئاسة والمؤسسات التشريعية والدولة الفيدرالية بمكوناتها، وهي سابقة خطيرة لم تشهدها الولايات المتحدة منذ ثلاثة قرون خلت، وطالبوا مايك بنس، نائب الرئيس بتفعيل المادة 25 من الدستور، والتي تمنحه بدعم من وزراء الحكومة العمل على عزل الرئيس ترامب، الذي بات يشكل تهديدا خطيرا على وحدة الدولة والشعب، وغَّلب المصالح الشخصية على مصالح البلاد.

 

وكان النائب الجمهوري، آدم كينزينجر، ورئيسة مجلس النواب، بيلوسي، ونائب زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس النواب وغيرهم طالبوا بعزل الرجل. وترافق مع ذلك إستقالة العديد من اركان إدارة المهزوم ترامب، بينهم مستشارون ووزراء، كما وتخلي العديد من زعماء الحزب الجمهوري عن الرجل وخياره الفوضزي والعبثي بمن في ذلك نائب الرئيس، وزعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ، ومرشحو رئاسة، ورؤساء سابقون، وعلى الصعيد الدولي كل زعماء الدول الأوروبية الغربية وحلفاء اميركا من القارات الأخرى، حتى نتنياهو الفاسد أدانوا إقتحام مبنى المجلسين، وإعتبروا ذلك تهديدا للديمقراطية الأميركية، وللسلم الأهلي، وضمنا للسلم العالمي، وضمنا أجمعوا على إقالة الرئيس النرجسي وفاقد الأهلية .

 

وما زالت كرة النار تتدحرج، ويتضاعف الضغط على مايك بنس لتمثل الشجاعة الكافية واتخاذ الخطوة الضرورية لمطالبة الرئيس المنتهية ولايته للتنحي طوعا، رغم انه لم يبق سوى 12 يوما على مغادرته البيت الأبيض. لكن لا احد يضمن ما يمكن ان يرتكبه من خطايا وجرائم خلال الأيام المتبقية في الداخل الأميركي، او على المستوى الدولي. لا سيما وان الدستور يمنحه كافة الصلاحيات لتقرير ما يريد.

 

ووفقا لكل المسؤولين والمختصين الأميركيين، فإن المادة 25 المعدلة تسمح في النقطة الرابعة منها لنائب الرئيس بحشد أغلبية وزراء الحكومة الفيدرالية، والتوجه للرئيس لمطالبته بالتنحي، وإن رفض ذلك، يمكنهم اللجوء إلى مجلس النواب لتبني ودعم عملية الإقالة في حال إستشعر الجميع الأخطار المحدقة بالولايات المتحدة من سياسات الرجل، او فقدانه الأهلية السياسية أو العقلية أو بسبب المرض. وإن لم يفعل بنس ذلك، فإن رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي وأقرانها في الحزب الديمقراطي أكدوا انهم سيقودوا حملة داخل البرلمان لمحاكمة تاجر العقارات المهدد للسلم الأهلي، والذي يعتبر رجلا خطرا على أمن البلاد، حسب وصفها له. ويدعم هذا التوجه العديد من ممثلي الحزب الجمهوري. ولم يعد ينفع ترامب إقراره بالهزيمة من عدمها، لإنه حطم كل جسور التواصل مع أقرانه ومعارضيه، ولن تنفعه ايضا إمكانية إصدار مرسوم بتأمين الحصانة له، وإعفائه من المساءلة. لإن ما إرتكبه من عمل إنقلابي هدد فيه مصير الديمقراطية والبلاد على حد سواء يتيح لخصومه الطعن في المرسوم. كما اني لا اعتقد في ضوء الفجوة بينه وبين نائب الرئيس بنس، بعدما رفض الإستجابة لطلبه بعدم الموافقة على فوز بادين، ان يقبل في حال تولى الرئاسة العفو عنه.

 

وضرورة وأهمية إقالة ترامب مصلحة حيوية للحزبين، وللدولة الفيدرالية، ولحماية الأمن القومي، ولدرء الأخطار من تعميق الانقسام داخل البيت الأميركي، ولبعث الأمل مجددا في توسيع دائرة السلم الأهلي، ولتعزيز الروح الديمقراطية، ولإعادة الاعتبار للدستور، وتجسير العلاقات بين الحزبين شركاء المصير تاريخيا في قيادة الولايات المتحدة، ولحماية العملية الديمقراطية، التي طعنها ترامب ألف طعنة وعلى مرآى ومسمع العالم كله.

إرسال تعليق

0 تعليقات