عمر حلمي الغول
بداية أود التأكيد
اني لست عضوا في حركة فتح، بيد اني كشخصية وطنية مستقلة يهمني متابعة هموم وشؤون
الساحة الفلسطينية بكل اطيافها السياسية، ومحاولة قراءة التطورات الجارية فيها،
وعليه استوقفتني بعض المواقف الصادرة عن عدد من الاخوة في حركة فتح بعد انعقاد
الدورة الاخيرة للمجلس الثوري قبل ايام، والتي طالت كلمة الرئيس ابو مازن امامه،
وقيل انه "هدد من لا يلتزم بتوجهات الحركة في الإنتخابات القادمة". ومبدئيا
أؤكد أن اي تهديد لايقبل القسمة على حرية الرأي والتعبير، وعلى مساحة الديمقراطية
الواسعة في الحركة الرائدة. والتي اعتقد انها اغنى واعمق من كل الفصائل في الساحة،
وبالتالي إن استخدم رئيس الحركة اية تعبيرات متعارضة مع الديمقراطية فلا اعتقد انه
يقصدها بالمعنى الحرفي للكلمة. وانا هنا لا اجامل ولا ادافع عن اي خطأ، لإني حسب
ما فهمت من بعض القيادات الفتحاوية، ان الرئيس عباس "كان يمازح إخوانه".
ومع ذلك إن كانت عبارة التهديد ب"القتل" وردت على لسانه، فهي تحسب عليه،
ولا يمكن تجميلها، او القفز عنها، وعليه توضيح موقفه.
لكن حتى يكون المرء
موضوعيا، تفرض الضرورة التأكيد على ان حركة فتح، هي تنظيم واحد، وله سياساته، وهي
ملزمة لإعضاء الحركة جميعا. ولا يجوز لبعض الأعضاء الخروج عنها تحت أي إعتبار. ومن
يعود لتجربة إنتخابات 2006، وما جرى فيها من خروج لعدد كبير من الكوادر القيادية
عن قوائم فتح المركزية، مما أدى لخسارتها الإنتخابات امام حركة حماس، يدرك أن
التأكيد على الإلتزام بمحددات وتوجهات الهيئات القيادية أمر لا يجوز القفز عنه او
تجاوزه تحت اية إعتبارات خاصة. وهو على ما اعتقد هدف ابو مازن من طرحه لموضوع
التقيد بالمرجعيات. ومازال الدرس ماثلا لإبناء الحركة ولعامة الشعب، وبالتالي من
حق الهيئات القيادية ضبط إيقاع الحركة، والتأكيد على وحدتها، ووقوفها صفا واحدا في
العملية الديمقراطية. ومن يخرج عن القوائم المركزية بغض النظر عن رأيه في القائمة،
التي ستشكلها الحركة لا يندرج تحت بند ومفهوم الديمقراطية، انما خروجا عليها،
وتجاوزا لها، وتشريع الباب امام فوضى شبيهة بما جرى في 2006، وهو ما ينبىء سلفا
بخسارة الحركة الإنتخابات. وهذا لا يقبله اي عضو من اعضاء الحركة، إلآ ان كان غير
معني بمصالح ودور فتح كقائدة للمشروع الوطني، باعتبارها العمود الفقري للكل الوطني.
نعم حركة فتح تضم في
صفوفها أعضاء من مختلف التيارات الفكرية والعقائدية، وهي بمثابة جبهة وطنية مصغرة،
لكنها بالمحصلة تنظيم واحد، له اهداف واحدة، وله لائحة تنظيمية واحدة تضم ابناء
الحركة جميعا وفق معاييرها ونظمها. ومن خلال معرفتي بطبيعة الحركة، لم تمنع، ولم
تحجب حرية الرأي والتعبير على اعضائها. غير ان من حق القيادات في اللجنة المركزية
والمجلس الثوري الحؤول في المعارك الحاسمة والهامة كالإنتخابات دون التجاوزات
والتسيب، وضبط سلوكيات اعضائها، وإلزامهم بخياراتها السياسية والكفاحية
والتنظيمية، وليس العكس. وبالتالي من يريد الحديث عن الديمقراطية، عليه ان يعي
ويعمل على تطبيقها وفق اصولها المرعية لحماية وحدة ودور الحركة في كل المحطات،
وخاصة في الإنتخابات.
ولا اريد هنا ان
اناقش اية مواضيع اخرى، لإني لست معنيا بها الآن. ولهذا تركيزي على العملية
الديمقراطية، التي من المقرر ان تجري في 22 ايار / مايو القادم. وإذا كان لتيار في
الحركة أو عضو فيها وجهة نظر مغايرة للموقف المركزي فليطرح مواقفه في داخل اطر
الحركة، ويدافع عن وجهة نظره. ولكن اذا حسم الرأي على توجه معين فيها، فتملي
الضرورة تبني ابناء الحركة للخيار المركزي. والإبتعاد عن الخلط بين الديمقراطية
والخروج عن ضوابطها ومحدداتها. فإما ان يكون الجميع تحت مظلة الحركة، او من لا
يريد الإلتزام بها ليغادرها ويمارس حقه كما يشاء. أما انه يريد البقاء في الحركة،
وفي ذات الوقت الخروج عن سياساتها، فهذا مناف لإبسط قواعد الديمقراطية. ويكفي حركة
فتح ما تواجهه من ازمات وارباكات داخلية وخارجية. وعلى الجميع حماية الحركة،
ودورها الريادي، وتطوير ادائها بما يخدم ابناءها والشعب والمشروع الوطني.
الوقت المتبقي لإجراء
الإنتخابات قصير ومحدود، وعلى الجميع من ابناء الحركة الإلتزام بقراراتها، والعمل
على تصليب وحدتها، وصب الجهود لتكريس مكانتها القيادية، لإن المستفيد من حالة
التسيب وعدم الإلتزام هو خصوم الحركة، والعدو الصهيوني، وكل من يريد إستهدافها،
ومن يريد للحركة التعافي من اية ظواهر سلبية، عليه معالجة الأخطاء والنواقص من
داخل الأطر التنظيمية لا من خارجها.
وتذكروا جميعا في
حركة فتح، بمقدار ما تنهض حركتكم، وتتخلص من ازماتها، بمقدار ما ينهض المشروع
الوطني. وهذة ليست مجاملة لإبناء الحركة، انما هي الحقيقة الثابتة، والكل الوطني
يدركها، ويتحدث فيها. كونوا مع حركتكم لتنتصروا لذاتكم، وللوطن والشعب والقضية
والأهداف الوطنية والنظام السياسي.
0 تعليقات