آخر الأخبار

حزب الوفد وتركة جمال عبد الناصر.

 




 

بقلم : عمرو صابح

 

منذ عودة حزب الوفد إلى الساحة السياسية المصرية فى عهد الرئيس أنور السادات ، يبدو أن هم هذا الحزب وسبب عودته ومشكلته الرئيسية فى الحياة تتمثل فى الثأر والانتقام من الرئيس جمال عبد الناصر و ثورته وعهده وسياساته و أفكاره بصورة تبدو غير منطقية وتفتقر لأى حيادية فى التناول والمعالجة ، و إذا صادفك سوء الحظ وأطلعت على محتويات عدد من جريدة حزب الوفد ، ستجد أن جريدة الحزب رغم مرور كل تلك الأعوام على زوال الحقبة الليبرالية وعلى وفاة الزعيم الخالد جمال عبد الناصر تركز على موضوعين أساسيين عبر صفحاتها الأول تقديم صورة وردية شديدة الروعة عن العصر الملكى وما أصطلح على تسميته بالحقبة الليبرالية من عام 1923 -1952 من تاريخ مصر المعاصر

والثانى تقديم صورة شديدة السلبية والسواد عن شخصية وعهد الرئيس جمال عبد الناصر ، وتحميل جمال عبد الناصر مسئولية كل ما يحدث فى مصر من كوارث ومشاكل .

 

المدهش أن حزب الوفد القديم مات وانتهى دوره السياسى فى تاريخ مصر بتوقيعه معاهدة 1936 التى قال عنها مصطفى النحاس باشا أنها أتت لمصر بالاستقلال ، لقد نشأ الوفد لكى يفاوض الإنجليز على الاستقلال وبكلمة النحاس باشا فقد انتهت مهمته ، فى 4 فبراير عام 1942 عاد الوفد إلى الحكم عبر الدبابات البريطانية التى حاصرت القصر الملكى ، وأجبرت الملك فاروق على تعيين النحاس باشا رئيسا للوزراء على أساس أنه الأقدر هو و حزبه على تحقيق الاستقرار لمصر بما يخدم مصالح بريطانيا التى كانت تواجه موقفا عصيبا وهزائم متتالية فى الحرب العالمية الثانية ، وقبل النحاس باشا الوزارة بفضل المعاهدة التى وقعها والتى لم تجلب لمصر الاستقلال بل جعلت من مصر مسرحا لمعارك الحرب العالمية الثانية ، وأصبحت أراضيها وطرق مواصلاتها حكرا للمجهود الحربى البريطانى ، ولولا انتصار الإنجليز على الألمان فى العلمين لأغرق الإنجليز مصر كلها فى حالة الهزيمة لمنع تقدم القوات الألمانية، وبعد ضمان النصر فى الحرب عام 1944 ترك الإنجليز الملك فاروق يقيل النحاس باشا ووزارته ويطردهم من الحكم ، شهدت تلك الفترة بداية الحديث عن الفساد الضارب فى حزب الوفد فخرج منه قطبه مكرم عبيد فى مايو 1942بعدما رفض تمييز بعض أقارب النحاس باشا و أصهاره فى طلبات تصدير مريبة فى زمن الحرب كما رفض طلب النحاس باشا بترقية بعض أنصار الوفد استثنائيا، فيقرر النحاس باشا فصله من الوزارة ومن الهيئة الوفدية ،فيكتب مكرم عبيد كتابه الشهير (الكتاب الأسود ) الذى فضح فيه فساد الحزب وقادته بالوثائق و الأدلة .

 

وفى عام 1946 يذهب النقراشى باشا رئيس وزراء مصر وقتها إلى مجلس الأمن الدولى عارضا قضية مصر و السودان مطالبا بجلاء الاحتلال البريطانى عن وادى النيل ، وقبل أن يعرض النقراشى باشا قضية بلاده على المجلس تصل برقية من النحاس باشا زعيم حزب الوفد إلى مجلس الأمن وإلى السكرتير العام للأمم المتحدة يعلن فيها أن حكومة النقراشى باشا غير شرعية و لا تمثل شعب وادى النيل وأن مطالبها لا قيمة لها !!!

 

ظل الوفد خارج الحكم حتى انتخابات عام 1950 والتى نجح فيها باكتساح كان مفاجئا حتى لقادة الوفد أنفسهم ، خلال تلك الفترة العصيبة من تاريخ مصر من عام (1942 – 1950 ) خرج من الوفد أعظم وأكثر كوادره ثقافة واستنارة وانضم له أغنى أغنياء مصر سواء من التجار أو من كبار ملاك الأراضى الزراعية وعلى رأسهم فؤاد باشا سراج الدين .

 

وبعد فوز الوفد فى الانتخابات يذهب النحاس باشا لمقابلة الملك فاروق ليتلقى منه التكليف الملكى بتشكيل الوزارة ، وفى المقابلة يطلب النحاس باشا ذو ال73 عاما من الملك فاروق ذو ال30 عاما أن يأذن له بتقبيل يده الكريمة قبل أن يبدأ معه أى كلام ليسقط بهذا الوفد سقوطه الأخير .

 

يقول رئيس الديوان الملكى حسن باشا يوسف والذى كان حاضرا للمقابلة ، أن الملك فاروق عقب المقابلة قال له انه كان يتمنى أن تكون روح والده الملك فؤاد حاضرة للقاء ، لكى ترى كيف نجح أبنه فيما فشل الملك فؤاد فيه بانحناء زعيم الوفد العتيد مصطفى النحاس لتقبيل يد الملك الشاب فاروق ، ويكون من أول قرارات حكومة الوفد الأخيرة الموافقة على إصلاح اليخت الملكى ( الحرية ) لدى شركة إيطالية معينة حددها الملك فاروق بمبلغ قدره مليون جنيه مصرى ، يوافق النحاس باشا على طلب الملك فاروق رغم سابق رفض النقراشى باشا لنفس الطلب عام 1946، ورفض إبراهيم عبد الهادى باشا للطلب ذاته عام 1948 عندما كانا رئيسان لوزراء مصر لما فى الطلب من رائحة عمولات كريهة ولما تعانيه مصر من أزمات اقتصادية ، يوافق النحاس باشا على الطلب الملكى بمليون جنيه بل ويضيف عليها دون طلب من الملك فاروق مبلغ عشرين ألف جنيه فروق نتيجة تخفيض سعر الجنيه المصرى !!

 

يقول السير رالف ستيفنسون السفير البريطانى فى مصر فى تقريره لوزير خارجيته عام 1951 عن حزب الوفد (من المدهش أنه لم يعد هناك مصدر لقوة الوفد إلا فساده ، أن الفساد فى هذا الحزب أصبح العنصر الوحيد الذى يجمع كل المستفيدين بمواقعهم فيه ، ويقرر موقف كل واحد منهم ، ويدعوهم جميعا للبقاء معا مهما كان الثمن، فقد تخلى الحزب عن دوره كممثل لتحالف شعبى عريض يعتمد أساسا على الطبقة المتوسطة ، وبدلا من ذلك أصبح حزبا من الأغنياء جدا و للأغنياء جدا).

 

أعتقد أنه سوف تزول أى علامة للتعجب عندما نعرف أن المشروع القومى لوزارة الوفد الأخيرة كان مشروع مكافحة حفاء الشعب المصرى ، وفى الوقت الذى كان الشعب المصرى يعانى فيه من الحفاء و الجوع والجهل و المرض ، كان الأغنياء فى مصر بما فيهم أقطاب وزعماء حزب الوفد يزدادون غنى والفقراء يزدادون فقرا.

 

ننتقل الآن إلى قرار النحاس باشا بإلغاء معاهدة 1936 فقد أكتشف بعد توقيعه لها ب15 سنة أنها لم تجلب الاستقلال لمصر ، فقام بإلغائها مما ترتب عليه مذبحة الإسماعيلية فى 25 يناير 1952 التى قتلت فيها قوات الجيش البريطانى50 شهيدا مصريا وجرحت 80 غيرهم من قوات البوليس المصرى بمدينة الإسماعيلية ، وفى اليوم التالى 26 يناير 1952 اندلع حريق القاهرة واحترقت عاصمة البلاد لنلق نظرة تبين لنا أين كان حكام هذا الزمان الكئيب فى وقت الحريق ؟

 

كان الملك فاروق يقيم حفلة لكبار قادة الجيش ولألف ضابط من ضباط الجيش المصرى فى قصر عابدين احتفالا ببلوغ ولى عهده أربعين يوما من العمر.

 

وكان مصطفى النحاس باشا فى منزله وتعذر الوصول إليه لأنه كان مشغولا مع مدام جورجينا وهى سيدة أرمينية متخصصة فى قص أظافر اليدين و القدمين ( الباديكور و المانيكور ) ، وكانت تقصد منزله كل عشرة أيام للعناية بأظافره ، بينما كان وزير الداخلية فؤاد سراج الدين مشغولا بما هو أهم و أخطر ، كان يشترى العمارة رقم 23 شارع عبد الخالق ثروت من الخواجة فتحى عريضة بمكتبه بوزارة الداخلية، وطلب أن لا يزعجه أحد حتى ينهى عملية البيع والشراء .

 

كان هذا يحدث والقاهرة تحترق وعندما فطن حكام هذا الزمان الكئيب لما يحدث بالعاصمة ، كانت الأمور قد خرجت عن نطاق أى سيطرة ممكنة ، ولم يعد هناك حل حتى لا تحترق مصر كلها إلا نزول الجيش إلى شوارع القاهرة لإيقاف الفوضى والدمار والنيران ، وبالفعل نزل الجيش للشوارع وأستعاد السيطرة على البلاد .

 

فى هذا اليوم الأسود من تاريخ مصر سقطت الحقبة الليبرالية التى يتغنى بها حزب الوفد حتى الآن ويشيد بإنجازاتها ، الحقبة الليبرالية التى فشلت فى تحقيق الاستقلال السياسى لمصر ، وفشلت فى تحقيق العدالة الاجتماعية ، الحقبة الليبرالية التى لم تكن فيها مصر ملكا لأهلها بل ملكا للأجانب من شتى الملل ومن مختلف البلاد ، كان الأجانب يملكون البنوك و الأراضى ووسائل النقل وأعمال البناء والمقاولات وحتى شركات الملح و الصودا ،الحقبة الليبرالية التى شهدت تشكيل الملك لتنظيم الحرس الحديدى الذى تم تكليف أعضائه باغتيال أعداء الملك وخصومه السياسيين ، الحقبة الليبرالية التى شهدت اغتيال حسن البنا مؤسس جماعة الأخوان فى الشارع وعلى رؤوس الأشهاد بتدبير القلم السياسى وفى يوم عيد ميلاد الملك فاروق ، وعندما لم يمت البنا من الرصاص تم الإجهاز عليه فى المستشفى التى نقل لإسعافه فيها ،الحقبة الليبرالية التى شهدت اعتقالات جماعة الأخوان عام 1948 وشهدت فضائح العسكرى الأسود الذى كان يعتدى على من يرفض الاعتراف من المعتقلين ، الحقبة الليبرالية التى شهدت كم من الفضائح الأخلاقية التى نسفت جذور الأسرة التركية الدخيلة على مصر بدء من فضائح الملك فؤاد وانتهاء بفضائح زوجته الملكة نازلي وبناتها عندما سافروا لأمريكا وتنصروا هناك وعاشوا حياة كلها لهو وعبث ، إضافة لفضائح الملك فاروق وسرقاته وفضائح زيجاته وعلاقاته الغرامية ، الحقبة الليبرالية التى كان الملك فاروق يقيل ويعين فيها الوزارات بالرشاوى ،الحقبة الليبرالية التى كانت مصر فيها مجتمع تسوده العلاقات شبه الإقطاعية و الرأسمالية المتخلفة وكان المحتل البريطانى يسيطر على كل مقدرات البلاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية مدعوما بجيش الاحتلال المكون من 80 ألف جندى بريطانى ومن الطبقة العميلة التى أنشأها من المصريين ومن الجاليات الأجنبية التى استوطنت مصر لتمص خيراتها وتنهب ثرواتها ومن الأسرة المالكة الدخيلة التى غرقت فى الفساد والانحلال وأصبحت فضائحها السياسية والاقتصادية والاجتماعية على كل لسان. وكان حزب الوفد ذاته قد تخلى عن قيادة الحركة الوطنية منذ موقفه المعيب فى 4 فبراير 1942 ، وأصبح حزبا للأغنياء جدا وظهرت انتماءاته اليمنية الرجعية المعادية لمصالح الأغلبية .الحقبة الليبرالية التى استمرت 29 عاما حكم حزب الوفد منها سبع سنوات فقط بسبب تزوير الانتخابات وإقالة الوزارات ويتباكون عليها الآن باسم الديمقراطية ، عن أى ديمقراطية تتحدثون ؟ !!

 

الحقبة الليبرالية التى تفتت فيها الوطن العربى إلى دول ودويلات واقعة تحت سيطرة الاستعمار الإنجليزى والفرنسى والأمريكى الجديد الداخل إلى المنطقة بعد الحرب العالمية الثانية وكانت إسرائيل قد تم زرعها عنوة فى قلب العالم العربى على أرض فلسطين لتفصل العالم العربى لمشرق ومغرب ولتعمل كقاعدة إمبريالية لحماية مصالح الغرب فى أهم منطقة إستراتيجية بالنسبة للغرب حيث أنها مخزون النفط الأول فى العالم ، ولوأد أى مشروع للنهوض القومى فى الوطن العربى فى تلك الظروف تفجرت ثورة عبد الناصر فى مصر ، عندما تسلم عبد الناصر حكم مصر كانت مصر دولة فقيرة متخلفة صناعيا ، محصولها الزراعى الأساسى هو القطن الذى كان حكرا بيد طبقة من الإقطاعيين والمضاربين والأجانب .

 

كان الاقتصاد المصرى متخلف وتابع للاحتكارات الرأسمالية الأجنبية ، كان هناك 960 شخصا فقط يسيطرون على كل الوظائف الأساسية فى مجالس إدارات الشركات الصناعية ، من بين هؤلاء نجد 265 مصرى فقط .

 

وكان بنك باركليز الإنجليزى يسيطر وحده على 56 % من الودائع ، وكان بنك مصر قد تمت السيطرة عليه من جانب رؤوس الأموال الإنجليزية والأمريكية .

 

كان الاقتصاد المصرى عاجزا بسبب ارتباطه بالمصالح الأجنبية عن طريق البنوك و شركات التأمين والتجارة الخارجية فى الصادرات والواردات وكانت كل مرافق الاقتصاد المصرى بيد الأجانب واليهود .

 

الأمر الذى دعا الإقتصادى المصرى الكبير الدكتور عبد الجليل العمرى أن يصفه : ( لقد كان الاقتصاد المصرى كبقرة ترعى فى أرض مصر ، ولكن ضروعها كانت كلها تحلب خارج مصر).

 

إن الوثائق التاريخية تقدم لنا حقائق حالكة السواد عن أوضاع مصر الداخلية قبل الثورة فى الحقبة الليبرالية التى يتباكى عليها حزب الوفد .

 

كانت أخر ميزانية للدولة عام 1952 تظهر عجزا قدره 39 مليون جنيه .

 

كما أن مخصصات الاستثمار فى مشروعات جديدة طبقا للميزانية سواء بواسطة الدولة أو القطاع الخاص كانت صفر .

 

كما أن أرصدة مصر من الجنيه الإسترليني المستحق لها فى مقابل كل ما قدمته من سلع وخدمات وطرق مواصلات لخدمة المجهود الحربى للحلفاء أثناء الحرب العالمية الثانية وكان يبلغ 400 مليون جنيه إسترليني قد تم تبديده ولم يتبق منه إلا 80 مليون جنيه إسترليني .

 

)أثارت جريدة الوفد فى الثمانينيات هذه القضية أن مصر كانت دائنة لبريطانيا قبل الثورة والوثائق التاريخية تثبت أن المبلغ المتبقى من الدين وهو 80 مليون جنيه أسترلينى رفضت بريطانيا إعطاؤه لمصر طوال فترة حكم الرئيس جمال عبد الناصر نكاية فى عبد الناصر وسياساته ضدها ، ولم تفرج عنه إلا فى منتصف السبعينيات فى عهد السادات الذى أعترف بذلك فى مذكراته (

 

وكان النهب الذى لحق بالأرض الزراعية فى مصر طوال القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين ، نهب احتكرته أسرة محمد على فى البداية ثم أباحت نصيبا منه للمرابين الأجانب ، ولطبقة من المصريين محدودة جدا عملت على خلقها لكى تكون ظهيرا لها أمام الغالبية.

 

، ثم أحتل الإنجليز مصر عام 1882 فعملوا على خلق طبقة تدين لهم بالولاء وتتبنى نمطهم الحضارى ووزعوا على أفرادها ألاف الأفدنة ، فى ظل ظروف مريبة وشديدة القسوة على الفلاح المصرى المقهور الذى تم تركه فريسة للجهل والفقر والمرض ، لا يمتلك إلا جلبابا واحدا ، ولا يجد قوت يومه ، ويعامل كالعبيد لخدمة أسياده من الإقطاعيين.

 

وكانت شركة قناة السويس تجسد المأساة المصرية بكل أبعادها ، فالقناة التى حفرت فى أرض مصر وبأيدى عشرات الآلاف من المصريين الذين جرت دماؤهم فيها قبل أن تجرى مياه البحر ، تم سرقتها من مصر ، وأصبحت شركة قناة السويس دولة داخل الدولة لها علم خاص وشفرة خاصة وجهاز مخابرات خاص وحى خاص محرم دخوله على المصريين.

 

وكان رئيس الشركة يعامل كرؤساء الدول محاطا بكل مراسم التبجيل والاحترام ولا يجرؤ مسئول مصرى على حسابه عن شئ .

 

و تثبت الوثائق الأمريكية و الفرنسية والإسرائيلية أن هذه الشركة دفعت من أموال مصر 400 مليون جنيه إسترلينى لدعم الجهد العسكرى للحلفاء أثناء الحرب العالمية الثانية ، كما قامت بدفع مبالغ مالية طائلة تقدر بعشرات الملايين للحركة الصهيونية فى فلسطين كتبرعات داعمة للمشروع القومى لليهود .

 

وبعد قيام إسرائيل أقامت معها إدارة شركة قناة السويس مكاتب للتنسيق المعلوماتى والمخابراتى بالتعاون مع جهاز الموساد ، كما واصلت دفع الأموال للكيان الصهيونى دعما له .

 

، وكانت خططها المستقبلية كلها مرتكزة على تمديد عقد امتياز القناة لمدة 99 عاما جديد .

 

تم كل هذا أثناء تلك الحقبة الليبرالية التى يتباكى عليها حزب الوفد ، بينما ينسى أن عبد الناصر هو الذى أسترد شركة قناة السويس من يد الأجانب ورد القناة إلى مصر رغما عن أنوف بريطانيا و فرنسا و حزب الوفد القديم و الجديد .

 

كانت خيرات و ثروات مصر مسلوبة من أهلها تمتصها طبقات عميلة وأسرة حاكمة دخيلة وأجانب مرابون ويهود مستغلون.

 

لم تكن مصر ملكا لأهلها

و لم تكن لمصر سياسة خارجية مستقلة بل كانت سياستها تدور فى فلك السياسة البريطانية ، وكان السفير البريطانى فى مصر حاكما بأمره تهتز لكلماته وإشارته ورغباته رؤوس الملك والباشوات وقادة حزب الوفد ، ويقيم النحاس باشا حفلات التكريم له .

 

وعندما قرر الملك فاروق أن يدخل حرب فلسطين ، فشل الجيش المصرى فى المعركة بسبب خيانة الجيوش العربية الأخرى ونقص الاستعداد ، وغياب الكفاءة عن القيادات ، وسوء التخطيط ، وترتب على الهزيمة ضياع 78 % من مساحة فلسطين التاريخية وإقامة الدولة اللقيطة ( إسرائيل ) خلال الحقبة الليبرالية تلك الحقبة الكئيبة والفاشلة فى التاريخ العربى التى ضاعت فيها فلسطين .

 

هذه هى حصيلة ونتائج الحقبة الليبرالية التى يتباكى عليها حزب الوفد وجريدته.

 

فشلوا فى كل شئ ، وجاءت ثورة عبد الناصر كنتيجة ورد فعل على فشلهم ، ورغم ذلك تركوا كل هذا وتفرغوا للهجوم عليه وتشويه عهده.

 

ولنقرأ سويا ماذا تخبرنا الأرقام و الوثائق عن عهد عبد الناصر؟

 

عقب نجاح ثورة عبد الناصر فى 23 يوليو 1952 .

 

صدر قانون الإصلاح الزراعى الأول فى 9 سبتمبر 1952

 

يتكون القانون من 6 أبواب تشمل 40 مادة ، حددت المادة الأولى الحد الأقصى للملكية الزراعية بـ 200 فدان للفرد، وسمحت المادة الرابعة للمالك أن يهب أولاده مائة فدان. وقد سمح القانون للملاك ببيع أراضيهم الزائدة عن الحد الأقصى لمن يريدون، وأعطى لهم الحق في تجنب أراضي الآخرين المبيعة. كما قرر القانون صرف تعويضات للملاك، فلقد قدرت أثمان الأراضي بعشرة أمثال قيمتها الإيجارية، وأضيف إليها الملكيات والتجهيزات الأخرى (الأشجار والآلات …الخ) القائمة على الأرض بقيم عالية. ونظم صرف التعويضات بسحب مستندات على الحكومة تسدد على مدى ثلاثين عاما بفائدة سنوية قدرها . وقرر القانون توزيع الأراضي الزائدة على صغار الفلاحين بواقع (2 إلى 5 أفدنة) على أن يسددوا ثمن هذه الأراضي على أقساط لمدة ثلاثين عاما وبفائدة 3% سنويا، يضاف إليها 1.5% من الثمن الكلي للأرض؛ وفاء للموجودات التي كانت على الأرض (الأشجار الآلات... الخ). وتناول الباب الثاني من القانون تنظيم الجمعيات التعاونية في الأراضي الموزعة. أما الباب الرابع فقد حدد عددا من الإجراءات لمنع تفتيت الأراضي الموزعة، كما حدد ضريبة جديدة للأرض. وتناول الفصل الخامس العلاقة بين الملاك والمستأجرين. أما الفصل السادس والأخير فيتعلق بوضع حد أدنى لأجور عمال الزراعة، وبإعطائهم الحق في تنظيم نقاباتهم الزراعية. وبلغ مجموع الأراضي التي يطبق عليها قانون سبتمبر سنة 1952 مساحة 653,736 ألف فدان تنتمي إلى 1789 مالكا كبيرا، ولكن الأرض التي طبق عليها القانون في واقع الأمر بلغت 372,305 آلاف فدان، أما البقية وهي حوالي النصف فقد قام الملاك ببيعها بأساليبهم الخاصة حتى أكتوبر سنة 1953 حينما ألغت الحكومة النص الذي كان يتيح للملاك بيعها بأساليبهم ، ثم صدر قانون الإصلاح الزراعى الثانى عام 1961وهو القانون (رقم 127 لسنة 1380هـ=1961م)، وأهم ما في هذا القانون هو جعل الحد الأقصى لملكية الفرد 100 فدان، يضاف إليها 50 فدانا لبقية الأسرة (الأولاد) للانتفاع فقط، وتحريم أي مبيعات للأرض من المالك لأبنائه، كما ألغى القانون الاستثناءات السابقة الخاصة بالأراضي قليلة الخصوبة. وتقدر الأراضي التي آلت إلى "الإصلاح الزراعي" نتيجة هذا القانون بـ214,132 ألف فدان، ثم صدر قانون الإصلاح الزراعى الثالث عام 1969 وهو (القانون رقم 50 لسنة 1969 ) والذي جعل الحد الأقصى لملكية الفرد 50 فدانا. على أن هذا القانون الأخير لم يجد فرصة للتطبيق في واقع الأمر. وتقول الإحصائيات الرسمية بأنه حتى سنة 1969 تم توزيع 989,184 ألف فدان على الفلاحين منها 775,018 ألف فدان تم الاستيلاء عليها وفقا لقوانين الإصلاح الزراعي، و184,411 ألف فدان كانت تتبع بعض المؤسسات المختلف، أما الباقي وقدره 29,755 ألف فدان كان حصيلة أراضي لطرح لنيل.

 

ووفقا لنفس هذه الإحصائيات الرسمية فقد وزعت تلك الأراضي على 325,670 ألف أسرة كما تم إنشاء الجمعيات الزراعية فى كل قرى مصر .

 

وقامت الدولة عبر هذه الجمعيات بعمل نظام تخطيط شامل للزراعة على امتداد الجمهورية فتولت الدولة تحديد أنواع المحاصيل المزروعة وقدمت للفلاحين البذور والمبيدات و الأسمدة، كما قامت بشراء المحاصيل من الفلاحين .

 

كان تفتيت الملكية الزراعية فى ظل التخطيط الشامل للزراعة عبر الدورة الزراعية يقضى على مشكلة البطالة فى الريف ويرفع المستوى الاقتصادي للفلاح المصرى فى إطار موازى لخطة الدولة الاقتصادية بتحقيق اكتفاء ذاتى من المحاصيل الزراعية.

 

كان الأهم و الأعظم من كل ذلك هو التغير الذى طرأ على أوضاع الفلاح المصرى وأسرته حيث دخلت المدارس والوحدات الصحية إلى القرى وارتفعت نسبة الوعى و معدلات التعليم وتحسنت الأوضاع الصحية والاقتصادية فى الريف بفضل الثورة. وكان أضخم وأهم مشروعات الثورة وهو السد العالى من أجل الزراعة فى المقام الأول حيث وفر كميات المياه اللازمة لتحويل رى الحياض إلى رى دائم ، وبفضله تم استصلاح ما يقرب من 2 مليون فدان .

 

وقد استطاعت مصر فى عهد عبد الناصر أن تحقق الاكتفاء الذاتى من كل محاصيلها الزراعية ماعدا القمح الذى حققت منه 80% من احتياجاتها .

 

وفى عام 1969 وصل إنتاج مصر من القطن إلى 10 ملايين و800 ألف قنطار ، وهو أعلى رقم لإنتاج محصول القطن فى تاريخ الزراعة المصرية على الإطلاق .

وصلت المساحة المزروعة أرز فى مصر إلى ما يزيد على مليون فدان وهى أعلى مساحة زرعت فى تاريخ مصر .

 

كما تم تجربة زراعة أنواع جديدة من القمح كالقمح المكسيكى ، والقمح جيزة 155 .

 

وفى المجال الصناعى تم إنشاء المجلس الدائم لتنمية الإنتاج القومى فى سبتمبر 1952 .

 

وقام المجلس بإصدار خطة الاستثمارات العامة فى يوليو 1953 وهى خطة طموحة لمدة 4 سنوات بدأت بمقتضاها الدولة باستصلاح الأراضى

 

وبناء مشروعات الصناعات الثقيلة كالحديد والصلب ،

و شركة الأسمدة كيما ،

ومصانع إطارات السيارات الكاوتشوك ،

ومصانع عربات السكك الحديدية سيماف ،

ومصانع الكابلات الكهربائية ،،

كم تم بناء المناجم فى أسوان والواحات البحرية

وتم تمويل كل هذه المشروعات ذاتيا

 

وفى 26 يوليو 1956 أمم الرئيس جمال عبد الناصر شركة قناة السويس وردها إلى مصر

 

وبعد السد العالى، وفى الستينات تم مد خطوط الكهرباء من أسوان إلى الإسكندرية وعقب العدوان الثلاثى تم تمصير وتأميم ومصادرة الأموال البريطانية والفرنسية فى مصر

 

وتم إنشاء المؤسسة الاقتصادية عام 1957 و التى تعتبر النواة الأولى للقطاع العام المصرى ، وألت إليها كل المؤسسات الأجنبية الممصرة .

 

وفى 13 فبراير 1960 أمم الرئيس عبد الناصر بنك مصر أكبر مصرف تجارى فى البلاد وكل الشركات الصناعية المرتبطة بعدما سقط هذا الصرح العملاق تحت سيطرة الاحتكارات البريطانية و الأمريكية أسترده عبد الناصر لمصر

 

وفى يوليو 1961 صدرت القرارات الاشتراكية وبدا واضحا أن النظام يتجه نحو نوع من الاقتصاد المخطط تحت إشراف الدولة وبقيادة القطاع العام.

 

وقد استطاعت مصر عبر تلك الإجراءات تحقيق نسبة نمو من عام 1957 – 1967 بلغت ما يقرب من 7 % سنويا ومصدر هذا الرقم تقرير البنك الدولى رقم [870 - أ] عن مصر الصادر فى واشنطن بتاريخ 5 يناير 1976.

 

وهذا يعنى يعنى أن مصر استطاعت فى عشر سنوات من عصر عبد الناصر أن تقوم بتنمية تماثل أربعة أضعاف ما استطاعت تحقيقه فى الأربعين سنة السابقة على عصر عبد الناصر.

 

كانت تلك نتيجةً لا مثيل لها فى العالم النامى كله حيث لم يزد معدل التنمية السنوى فى أكثر بلدانه المستقلة خلال تلك الفترة عن اثنين ونصف فى المائة بل أن هذه النسبة كان يعز مثيلها فى العالم المتقدم باستثناء اليابان، وألمانيا الغربية، ومجموعة الدول الشيوعية.

 

فمثلا ايطاليا وهى دولة صناعية متقدمة و من الدول الصناعية الكبرى حققت نسبة نمو عن تقدر ب4.5 % فقط فى نفس الفترة الزمنية .

وبدأت مصر مع الهند و يوغوسلافيا منذ بداية الستينيات مشروعا طموحا لتصنيع الطائرات والصواريخ والمحركات النفاثة والأسلحة .

وحتى سنة 1967 كانت مصر متفوقة على الهند فى صناعة الطائرات والمحركات النفاثة .

 

وتم صنع الطائرة النفاثة المصرية القاهرة 300 .

 

وصنعت مصر أول صاروخين من إنتاجها بمساعدة علماء الصواريخ الألمان ولكن شابهما عيوب فى أجهزة التوجيه .

 

فى عام 1966 كان الفارق بين البرنامج النووى المصرى ، ونظيره الإسرائيلى عام ونصف لصالح البرنامج النووى الإسرائيلي ، ورغم النكسة كانت مصرعلى وشك تحقيق توازن القوى فى المجال النووي بينها وبين إسرائيل بحلول سنة 1971 .

 

ولكن للأسف الشديد بعد وفاة الرئيس عبد الناصر أوقف الرئيس السادات كل هذه المشاريع ووأدها .ولننظر الآن إلى أى مدى وصلت الهند فى مجال الصواريخ والطائرات والسلاح النووى لندرك مدى بعد نظر جمال عبد الناصر وخطورة مشروعه النهضوى على المشروع الأمريكى الصهيونى فى المنطقة .

 

و فى يوم 5 يونيو 1967 جاء يوم الحساب لتجربة ومشروع جمال عبد الناصر فى الحرب العدوانية التى شنتها أمريكا وإسرائيل على الأمة العربية لإجهاض مشروع النهضة العربى الذى يقوده جمال عبد الناصر ، تلك الحرب التى وصفها الرئيس الفرنسى شارل ديجول بأنها ( المعركة أمريكية و الأداء إسرائيلى ).

 

ورغم عنف الضربة وفداحة الهزيمة العسكرية .

هل انهارت مصر وانتهت كما يحاول بعض العملاء من مدمنى تكريس الهزيمة إقناعنا ، أن حرب 1967 هى سبب كل مشاكل مصر ؟!!

 

بإلقاء نظرة على أوضاع مصر عقب الهزيمة يتضح لنا الأتي تحمل الاقتصاد المصرى تكاليف إتمام بناء مشروع السد العالى العملاق ، ولم يكتمل بناء هذا السد إلا سنة 1970 قبيل وفاة الرئيس عبد الناصر .

 

السد العالى الذى اختارته الأمم المتحدة عام 2000 كأعظم مشروع هندسى و تنموى فى القرن العشرين.

 

كما تم بناء مجمع مصانع الألمونيوم فى نجع حمادى وهو مشروع عملاق بلغت تكلفته ما يقرب من 3 مليار جنيه .

 

وفى ظل النكسة حافظت مصر على نسبة النمو الإقتصادى قبل النكسة .

 

بل أن هذه النسبة زادت فى عامى 1969 و 1970 وبلغت 8 % سنويا .

 

وأستطاع الاقتصاد المصرى عام 1969 أن يحقق زيادة لصالح ميزانه التجارى لأول و أخر مرة فى تاريخ مصر بفائض قدرها 46.9 مليون جنية بأسعار ذلك الزمان .

 

تحمل الاقتصاد المصرى عبء إعادة بناء الجيش المصرى من الصفر وبدون مديونيات خارجية كانت المحلات المصرية تعرض وتبيع منتجات مصرية من مأكولات وملابس وأثاث و أجهزة كهربية

وكان الرئيس عبد الناصر يفخر أنه يرتدى بدل وقمصان غزل المحلة ويستخدم الأجهزة الكهربائية المصرية ( إيديال)

كما ترصد تقارير البنك الدولى بعض مظاهر التحول الاجتماعى العميق الذى شهدته مصر مابين عامى (1952- 1970)

حيث زادت مساحة الأرض الزراعية بأكثر من 15% .

 

ولأول مرة تسبق الزيادة فى رقعة الأرض الزراعية الزيادة فى عدد السكان .

 

لقد كان جمال عبد الناصر أول حاكم مصرى منذ عهد الفراعنة يوسع رقعة وادى النيل

وزاد عدد الشباب فى المدارس والجامعات والمعاهد العليا بأكثر من 300 %

وزادت مساحة الأراضى المملوكة لفئة صغار الفلاحين من 2,1 مليون فدان إلى حوالى 4 مليون فدان .

 

كما حدث تقدم ملحوظ فى مجال المساواة ، والعدالة الاجتماعية فى المدن أيضا بفعل الضرائب .

 

وتم وضع حدود دنيا وعليا للرواتب والمرتبات.

 

فلا أحد يعيش برفاهة وبذخ ولا أحد يعيش دون مستوى الكفاف .

 

وقبيل وفاة الرئيس عبد الناصر أتمت مصر بناء حائط الصواريخ الشهير وأتمت خطط العبور وتحرير الأرض العربية كلها وليس تحريك الموقف .

 

وبقبول الرئيس عبد الناصر لمبادرة روجرز .

 

أستطاع أبطال القوات المسلحة تحريك حائط الصواريخ العظيم حتى حافة قناة السويس .

 

وبذلك تم إلغاء دور الطيران الإسرائيلى ذراع إسرائيل الطويلة فى الهجوم على مصر غرب قناة السويس

 

و أصبح اندلاع حرب التحرير،وعبور الجيش المصرى للضفة الشرقية مسألة وقت .

 

كان الرئيس عبد الناصر يقدرها بزمن لا يتأخر عن أبريل 1971.

 

وقبيل وفاة الرئيس صدق على الخطة جرانيت 1 وجرانيت 2 والقاهرة 200 وهى من أجل بدء عملية العبور وتحرير الأراضى العربية المحتلة.

 

صعدت روح الرئيس عبد الناصر إلى بارئها و اقتصاد مصر أقوى من اقتصاد كوريا الجنوبية ، ولدى مصر فائض من العملة الصعبة تجاوز المائتين والخمسين مليون دولار بشهادة البنك الدولى .

 

وثمن القطاع العام الذى بناه المصريون فى عهد الرئيس عبد الناصر بتقديرات البنك الدولى بلغ 1400 مليار دولار .

 

ولدى مصر أكبر قاعدة صناعية فى العالم الثالث حيث كان عدد المصانع التى أنشأت فى عهد عبد الناصر 1200 مصنع منها مصانع صناعات ثقيلة وتحويلية وإستراتيجية .

 

وتم بناء السد العالى أعظم مشروع هندسى وتنموى فى القرن العشرين باختيار الأمم المتحدة والذى يعادل فى بناؤه 17 هرم من طراز هرم خوفو .

 

كما تم خفض نسبة الأمية من 80% قبل 1952 إلى 50% عام 1970 بفضل مجانية التعليم فى كل مراحل الدراسة .

 

المجانية التى أنجبت لنا علماء من طراز ( أحمد زويل ، محمد النشائى ، مجدى يعقوب ، مصطفى السيد ، يحيى المشد ، سعيد بدير ) وغيرهم كثيرون رغم كل افتراءات الجهلة والحاقدين على عهد عبد الناصر وسياساته الطموحة وليقرأ من يريد مذكرات و أراء هؤلاء العلماء الأفذاذ عن الرئيس عبد الناصر وعهده .

 

كما تم دخول الكهرباء والمياه النظيفة والمدارس والوحدات الصحية والجمعيات الزراعية إلى الكثير من قرى مصر .

 

وتم ضمان التأمين الصحى والاجتماعي والمعاشات لكل مواطن مصرى كل ذلك تم بدون ديون على مصر

فمصر فى ليلة وفاة الرئيس عبد الناصر كانت ديونها حوالى مليار دولار ثمن أسلحة أشترتها من الاتحاد السوفيتي ، وقد تنازل عنها السوفيت فيما بعد ولم يتم سدادها.

 

ولم تكن عملة مصر مرتبطة بالدولار الأمريكى بل كان الجنيه المصرى يساوى ثلاثة دولارات ونصف ، ويساوى أربعة عشر ريال سعودي بأسعار البنك المركزي المصرى.

 

ولم تكن هناك بطالة ، ولم تكن هناك أزمة تعيينات أو وسائط أو رشاوى .

 

رحل الرئيس عبد الناصر والجنيه الذهب ثمنه 4 جنيه مصرى .

 

وبعد رحيل الزعيم دخلت مصر حرب أكتوبر وهى محكومة بكل آليات النظام الناصري .

 

القطاع العام الذى يقود التنمية .

 

والجيش المصرى الذى بناه عبد الناصر عقب الهزيمة .

 

وحائط الصواريخ الذى حركه عبد الناصر لحافة القناة قبيل وفاته .

،والخطط العسكرية الموضوعة منذ عهده .

 

لم يكن فيما قام به الرئيس جمال عبد الناصر معجزة أو أمر خارق للمألوف.

 

بل إن ذلك هو الطبيعي لبلد مثل مصر حباه الله كل المميزات والإمكانيات والثروات ليصبح دولة كبرى.

 

امتزج موقع مصر العبقري وإمكاناتها وثرواتها مع نزاهة الرئيس عبد الناصر وبعد نظره ووطنيته وذكاؤه وثاقب فكره مما أدى لكل هذا النجاح. الذى تم فى فترة محدودة بعمر الزمن لا تزيد عن 18 عام ، شابتها الكثير من المؤامرات ، والحروب لإجهاض المشروع الناصري.

 

وبوفاة الرئيس عبد الناصر والانقلاب الذى تم فى السياسات المصرية عقب حرب أكتوبر 1973، بدأت معاول الهدم تضرب فى الصرح العملاق لتركة الرئيس عبد الناصر فى مصر ، ومازالت تضرب حتى الآن كل هذه الانجازات العملاقة التى كان تبدو حلما مستحيل الحدوث قبل عبد الناصر لا يرضى عنها حزب الوفد وجريدته وكأن هناك حالة مرضية من عمى البصر و البصيرة تسيطر على ذلك الحزب إزاء كل تاريخ الرئيس جمال عبد الناصر وفترة حكمه رغم أن عبد الناصر سمح لهم بكل شئ عدا العمل السياسى الذى صالوا وجالوا فيه فسادا قبل ثورته ، وحفظ لهم رؤؤسهم و أموالهم و أرواحهم ورغم ذلك لم يتركوا نقيصة إلا وحاولوا لصقها به ؟؟

 

لماذا لا يقدم لنا حزب الوفد تصوره لحلول المشاكل الحالية فى مصر بدلا من الهجوم غير المبرر على جمال عبد الناصر وعهده ؟

يبدو حزب الوفد كملوك أسرة البوربون الذين وصفهم نابليون بأنهم ( لم يتعلموا شيئا ، و لم ينسوا شيئا ، ولم يغفروا شيئا ).

يا حزب الوفد

الرئيس عبد الناصر توفى شهيدا فى سبيل أمته بعدما أنجز وأخطأ ، أصاب و أخفق و لكنه حقق أعظم مشروع تنموى نهضوى عروبى فى التاريخ العربى الحديث .

 

فماذا فعلتم أنتم غير النواح والبكاء على أطلال الماضى الكريه وتشويه أنبل وأعظم زعيم عربى مصرى فى التاريخ الحديث ؟

.................

- فصل من كتاب " معارك ناصرية .. قراءة جديدة فى تاريخنا المعاصر " ... عـمرو صـابح

 

إرسال تعليق

0 تعليقات