بقلم : عمرو صابح
فى يوم 13 مايو 1971 وعقب قرار الرئيس السادات بإقالة شعراوى جمعه
من منصبه كوزير للداخلية الذى سبقه قراره فى 2 مايو 1971 بإقالة علي صبري من منصبه
كنائب للرئيس ، قرر رجال عبد الناصر من كبار الموظفين التنفيذيين الذين عملوا
بجوار الرئيس عبد الناصر-ممن اصطلح على تسميتهم بمجموعة مايو- تقديم استقالاتهم
للرئيس السادات فى تصرف من أغبى التصرفات السياسية فى تاريخ مصر الحديث ، بتلك
الاستقالات فقد هؤلاء الرجال سيطرتهم على الجيش والمخابرات والإعلام والتنظيم
السياسي الوحيد ومنحوا الرئيس السادات الحبل الذي يستطيع به شنقهم جميعاً به.
فى هذا الصراع على السلطة الذى تفجر بوفاة الرئيس جمال عبد الناصر
ضابط التوازنات السياسية والقادر على جمع اليميني واليساري فى إطار واحد مادام
ولاء كليهما له ، انحاز أشرف مروان صهر الرئيس عبد الناصر لجانب الرئيس السادات
كما كان الأستاذ محمد حسنين هيكل هو مهندس عملية سيطرة الرئيس السادات على السلطة
بخداعه لشعراوي جمعه أقوى أعضاء الجانب الأخر وأكثرهم ذكاءً ، استطاع هيكل خداع
شعراوي عبر الإيحاء له بأن السادات سوف يقوم بتعيينه رئيساً للوزراء، وظل شعراوي
جمعه ينتظر رئاسته للوزارة حتى باغته السادات بقرار الإقالة.
أسكر الانتصار المفاجئ رأس الرئيس السادات خاصة وأنه حدث بما يخالف
التوقعات والمنطق الحاكم لقوة جانبي الصراع ، وفى لحظة الانتشاء بالنصر وتحوله من
رئيس اسمي إلى رئيس حقيقي لمصر ومن أجل مكافأة الأستاذ هيكل على دوره الهام فى دعم
انقلاب السادات ، أمر الرئيس السادات حليفه أشرف مروان -الذى منحه منصب سامي شرف
فى الرئاسة مكافأة له على انحيازه لجانبه- بالسماح للأستاذ هيكل بتصوير وثائق
الدولة المصرية والتى كانت موجودة فى مكتب سامي شرف مدير مكتب الرئيس عبد الناصر
للمعلومات ووزير شئون رئاسة الجمهورية ، كان مكتب سامى شرف هو أرشيف الدولة
المصرية ، حصل هيكل على نسخة من الوثائق كما حصل أشرف مروان على نسخة لنفسه ، وتم
حفظ النسختين خارج مصر.
بحصول الأستاذ هيكل على أرشيف وثائق الدولة المصرية أصبح فى مأمن
من تقلبات السياسة المصرية ومنحه الرئيس السادات سلاحاً فتاكاً سوف يستخدمه ببراعة
فى كل معاركه الصحفية والسياسية حتى ضد السادات ذاته بعد أن افترقت الطرق بين
السادات وهيكل عقب لقاء السادات بكيسنجر فى 7 نوفمبر 1973 .
الشائع أن الرئيس عبد الناصر هو الذي منح الأستاذ هيكل الوثائق
التى استخدمها فى كتبه الوثائقية بالغة الأهمية والتى لا غنى لأى باحث وقارئ ومهتم
بالتاريخ عن قراءتها ، ولكن الحقيقة أن الرئيس عبد الناصر كان يأمر بإطلاع الأستاذ
هيكل على بعض الوثائق فى موضوعات محددة كان هيكل يكتب عنها ، بينما الرئيس السادات
هو من قرر منحه صور من كل الوثائق مكافأة له عن دوره فى مساندته ، وهو قرار لا شك
أن الرئيس السادات ظل نادماً عليه حتى اغتياله.
- الصورة من زيارة الرئيس جمال عبد الناصر لمبنى مؤسسة الأهرام
الجديد بشارع الجلاء فى القاهرة فى 13 فبراير 1969.
0 تعليقات