محمود جابر
مشروع الثورة الإسلامية ومشروع الإخوان المسلمين والذى يمكن ان
نسميهما – تجاوزا – ( مشروعا أصوليا ) كلا المشروعين ينزع إلى بناء أممية، وهذه
الأممية تصطدم بالقومية العربية .
وبالتالى فكل المشروعات التى تحيط بالمنطقة والتى تعتبر القومية
العربية حجر عثر فى سبيل تحيق أهدافهم يمكن ان يتقاطعوا جميعا فى نقطة واحدة وهى
هدف وتفكيك القومية العربية .
وحتى لا نشعب القضية هناك وهنا فالحديث هنا حصريا عن علاقة الثورة الإسلامية
فى إيران بجماعة الإخوان المسلمين، وبغض النظر عن الدخول إلى تاريخ طويل سوف نضبط
لحظة العلاقة عن قيام الثورة .
فقد تحالف الإخوان فى الداخل الايرانى فى صناعة الثورة الايرانية
مع الخمينى، وتعاونوا مع الإطاحة بشركاء الثورة الآخرين من الشيوعيين والليبراليين
والقوميين وغيرهم .
ووجد التنظيم الدولى للإخوان والتنيظم الأم ان فرصة وصول احد أجنحة
الإخوان أو حلفائهم فى إيران يمكن ان يكون مقدمة أو داعم لوصول الإخوان الى سدة
الحكم فى مصر مسقط رأس الجماعة الأم، ومن هنا بدأت لحظة الصدام مع حليفهم فى
الداخل المصرى كما حدث فى عملية محاكاة لما حدث فى إيران وقد بلغ هذا الصدام مداه
فى اغتيال الرئيس السادات يوم عيد الانتصار فى أكتوبر 1981.
ومع وصول الخمينى الى سدة الحكم عمل الجهاز الاعلامى الاخوانى بكل
طاقته الإعلامية من خلال صحفه ومجلة الاعتصام والمختار الاسلامى ومنابره فى دعم الثورة
الإيرانية ومهاجمة النظام المصرى بكل قوة، الهجوم لم يكن حصريا على السادات فى مصر
– رغم عدم قوميته- بل امتد إلى العراق ونظامه البعثى ورئيسه، ولم ينجو النظام
السورى من الهجوم وكان الهجوم متمثل فى احد منظرى البعث والقومية وهو المفكر مشيل
عفلق، وكذلك الهجوم على كلا من الجيشين العراقى والسورى، وبلغت الخيانة والعمالة
مبلغها بأن اصدر الاخوان بيانا يناشدون فيه كلا الجيشين بترك سلاحهما والانضمام
الى صفوف الثورة الإيرانية !!
كل هذا للوصول الى الهدف المنشور وهو تفكيك القومية العربية
والاستيلاء على أثرها فى المنطقة كلها ..
والمنشور الذى أتحدث عنه هو بيان (نداء) من الإخوان المسلمين إلى
الشعب العراقى البيان نشر فى مجلة ( المختار الاسلامى) احد إصدارات الجماعة فى مصر
.
نداء التنظيم الدولي للإخوان المسلمين الموجه للشعب العراقي فى بداية
الحرب العراقية الإيرانية، يدعو فيه العراقيين للثورة على نظام حكم حزب البعث الملحد
الكافر!! ( هذا الوصف الذى ما يزال متداول فى كل أدبيات الشيعة المواليين لإيران)
ونصرة المستضعفين فى إيران
بعدم الاشتراك فى جرائم حزب البعث ، فالشعب الإيراني استطاع تحرير نفسه بثورة
إسلامية عارمة فريدة من نوعها - حسب وصف البيان- لذا فعلى الشعب العراقي أن ينضم له ضد حكامه
الطغاة الكفرة الملحدين الذين يحاربون الإسلام والمسلمين ويريدون تنصيب ميشيل عفلق
إماماً للمسلمين!!!
- البيان لم ينسى
أن يضع السم فى العسل مستغلا اسم مشيل عفلق للطلاق حرب دينية داخلية يمكن
استغلالها فى اى وقت –
كما يدعو البيان ضباط وجنود الجيش العراقي إلى إلقاء أسلحتهم
والانضمام إلى المعسكر الإيرانى فلا طاعة ولا ولاء للوطن العراقي بل لله فقط ،
فالولاء للعراق باطل والدفاع عنه حرام ، ولا بد من الثورة على نظام صدام والغضب
لدين الله بالحرب تحت رايات النظام فى طهران!!
وهذا الحلم الاخوانى الايرانى الامريكى الصهوينى التركى وكلهم
شركاء فى هدم الجيش العراقى تحطيم القومية وجودا وقوة على الأرض وقد تحقق الحلم
بعد الاحتلال الأمريكي للعراق فى عام 2003 ، تحقق الحلم كل هؤلاء على اختلاف
مشاربهم ومشاريعهم فقد تم حل الجيش الوطنى
العراقي وتسريح ضباطه وجنوده ، وقام الأمريكيون بدعم ايرانى ومباركة اخوانية بتكوين
جيش عراقي جديد لخدمة مشروعهم فى العراق.
البيان السابق مر عليه أربعة عقود، ولكن هدف الإخوان وشركاءهم ما
يزال فعال على الأرض وهو ما حاول الحلفاء فعله فى أثناء الربيع العربى من تحطيم
الدول والجيوش وقد صدر نداء مماثل لضباط وجنود الجيش المصرى والهجوم على وزارة
الدفاع المصرى، وفى المقابل حدث نفس السيناريو فى سوريا، وحدثت بالفعل انشقاقات
وتكوين ما يسمى الجيش الحر .
وفى اليمن جرى الاستيلاء على الجيش وتقسيم ولاءاته بين القبائل حتى
أصبحت اليمن كدولة اسم من الماضى وأصبح جيشها فى طى النسيان .
وحينما تتفحص كل هذه الحالات تجد شراكة قوية ومتناغمة ومتقاطعة فى الأهداف
والنتائج بين كلا من تنظيم الإخوان المسلمين ونظام الثورة فى إيران ...
0 تعليقات