أحمد برهام
ربما يحتاج المقال للتركيز بعض الشيء في قراءته لهذا يستحسن ان
تقرأه في وقت مناسب .
فيه مواصفات متمايزة للحرب العالمية الدائرة منذ سنوات عن الحربين
العالميتين الأولى والثانية.
الحروب القديمة كانت بين أطراف واضحة ، دول متصارعة بشكل لا لبس
فيه ، تشكل فريقين ، ولكل فريق حلفاء و إتباع، وبين كل هؤلاء قليل من المحايدين.
حتى الحرب الباردة اللى ربما تطورت للشكل الحالي من الحروب ، تختلف
في أنها بين فريقين يسهل تمييز أفرادهم كأنك شايف فرقتين كوره في الملعب
حاليا الأمور أصبحت أكثر تعقيدا
الحرب العالمية الدائرة منذ سنوات بين (تحالف مصالح دولى ، يضم
((قوى)) نيوليبرالية استعماريه تسيطر على جوانب كثيرة في الاقتصاد و الإعلام، بل
وتهيمن على مراكز صنع واتخاذ القرار في دول ومؤسسات دوليه كثيرة )
والفريق الآخر هو باقى العالم الذى لم يسقط بعد تحت هذه الهيمنه
المشكلة إن أفراد الفريقين (غير ثابتين) ، ممكن نقول (القوى الكبرى
الأساسية) (كانت) ثابتة ، لكن الأدوات هي اللى بتتغير وبتزيد أو بتنقص حسب الوضع
!!!
لكن فى الفترة الأخيرة ، بدأت القوى الكبرى نفسها تتغير ، وسقطت من
تحت سيطرة تحالف المصالح العابر للقارات ، مناصب ثقيلة ، رؤساء دول وحكومات غربيه
، كانت شبه مضمونه منذ سنوات ومحسوبه على هذا التيار، ما اضطر بعضهم الآخر ان يغير
أولوياته طبقا للوضع الجديد..
طبعا روسيا والصين ثابتين في المعسكر الآخر !!
مصر كانت متذبذبة ، حاولت الحياد أيام مبارك، ثم كادت تسقط في يد
التحالف بعد 2011، الى ان قفزت فجأة وأصبحت من أهم قوى ما يمكن ان نسميه ( المعسكر
الآخر ، معسكر المقاومة ، معسكر القوميين ).
نظرا لان مصالح القوميين قد تضارب ، فلا تكون يدهم دائما واحده في
كل المواقف ، ونظرا لان مصالح الدول التي تخضع مراكز صنع القرار فيها أيضا قد
تتضارب مع مصالح التحالف ، فإنها هي أيضا قد تتخذ مواقف تبدوا (متضاربة)
تعال نترجم
شوف مثلا ألمانيا ميركل ، بلا أدنى خلاف ألمانيا كانت من قوى تحالف
المصالح في وقت ما ، لكنها لا تمانع التعاون مع روسيا في ملف الغاز، عكس ما يطلبه
التحالف ويستلزمه مع قوى النيوليبراليه ، موقف ألمانيا من مصر عموما والسيسى خصوصا
منذ 7 سنوات ، يختلف جذريا عن موقف ألمانيا اليوم ، يكاد يكون عكسيا ولو في بعض
الملفات !!!
🔹ألمانيا
التي كانت تعرب عن قلقها على مرسى ، اليوم تكرم الرئيس المصري بوسام مرموق ؟!! و
تتعاون مع مصر فى ملفات التسليح و الاستثمار !!
🔸بريطانيا
التي كانت ضد النظام المصري والدولة المصريه على طول الخط سرا وعلانية ، تتخذ
اليوم إجراءات جديدة تماما عكس ما سبق جميعا مع مجىء قومى كرئيس وزراء ، وتضاعف
استثمارات شركاتها تدريجيا !!
🔹طبعا
الكلام عن ترامب لا يحتاج شرح ، فموقف أمريكا اختلف بشكل جذرى بعد أوباما ، والكلام
سيتغير مره ثانية بعد مجىء بايدن ، خليفة اوباما فى المنصب !
🌹فرنسا
مثلا ، فى وجود ماكرون أصبحت حليف قوى لمصر فى ملف ليبيا و الغاز و محاربة الإرهاب
( التركقطرى والذى يعد ذراعا لتحالف المصالح) بينما لا يمنع هذا وجود خلافات فى
ملفات أخرى ، ونفس الكلام يقال عن ايطاليا !
يعنى بريطانيا وأمريكا ، مهماش في حرب مع مصر ولاو مع التيار اللى
فيه روسيا والصين عموما ، وانما الموضوع حسب ( من في مركز صنع القرار) وتبعيته
لانهى تيار ، الموضوع متغير ، ونقدر نقول ان الدول دى ((مختطفه حرفيا لصالح تحالف
مصالح عالمى بيخضعها لمصلحته فى اغلب الملفات لما بيوصل واحد تبعه فى اعلى منصب
تنفيذى فى البلاد ، اللى هو رئيس الجمهوريه فى امريكا و رئيس الوزراء فى بريطانيا
))
بمعنى ان متقدرش تحسب وتعرف مين هم (الدول) المتحاربة
وانما تقدر تعرف مين (القوى) المتحاربة !!
مين المصالح المتحاربة !!
ودى كلها متغيره ولو بنسب ، ومهياش دائما ثابتة !!
تعقيدات المشهد اللى يبدوا (ملخبط وضبابى) ، يؤثر سلبا على
الاقتصاد العالمى ، لان رؤوس الاموال نفسها تميل في اغلبها للتحالف النيوليبرالى
بحكم المصالح
--------------------------------------------------------------------------
لكن ماذا لو توفر لها مصالح مع التحالف الأخر فى ملف معين؟
--------------------------------------------------------------------------
طبعا هتدور على مصلحتها ولو في هذا الملف
شيء مشابه عملته وبتعمله مصر السنين الماضيه والقادمه ، يعنى
الجمهوريه الحاليه تحديدا ، انك توجد مصالح مشتركه حتى مع القوى اللى كانت بتشارك
ضدك طالما العداء موصلش للمرحله الصفريه ، يا انا يا انت (زى ما هو في حالة تركيا
وقطر بانظمتهم الحاليه)
مصر و التحالف القومى ، دايما بيحاولوا يفككوا التحالف
النيوليبرالى الضخم ، يعنى مصر تعمل مشروع كبير لغاز شرق المتوسط ، ده يجذب قوى أوروبيه
و امريكيه ، وربما يضايق روسيا ، لكن فيه تفاهم بين القوميين على ان مصالح دولهم
لها اولويه دائما
وفى نفس الوقت ستجد ان التنسيق الروسى والتركى تضاعف ، بسبب مصالح
الغاز والاتفاقيات التسليحيه ، و الاتفاق على نقل الإرهابيين من سوريا ، لليبيا
كل ده يضايق مصر ويزعجها ، لكن مصر متفهمه ان روسيا كقوميين
بيدوروا على مصلحتهم ، وعشان كده ، ملفات التعاون في التسليح والاقتصاد و غيرهم
شغاله عادى بيننا وبينهم
***********************************************************************
طبعا الناس العاديه بتتلخبط ، لانها اتربت على السياسه (السهله
المباشره بتاعة الحرب البارده) ، ان دول حلفاء او أعداء ، انما حلفاء وبيتعاونوا
مع أعداء بعض ، فهو موضوع ملخبط الناس ، لكن السبب ، ان معدش فيه غالبا (أعداء)
بالشكل والصورة التقليديه القديمه ، ولا (حلفاء ) بالشكل التقليدي القديم ايضا
***********************************************************************
مصر أيضا جذبت المانيا بملفات امنيه ومهاجرين و اقتصاد وتسليح
وشىء مشابه مع فرنسا ، وإيطاليا و النمسا و اليونان و قبرص مع
اضافة الغاز و مشاريع مشتركه امنيه
وحتى إسرائيل ، اللى مفيش ذرة شك ، ان فيه تعاون بين الموساد
وعمليات نقل الإرهابيين لسينا من سوريا بأسلحتهم عبر انفاق غزه ، انت بتهبطها و
بتخلي قياداتهم تلاقى مصلحتهم في إيقاف او تجميد او تخفيض التعاون ده لادنى مستوى
، وتقدر تشوف كم العمليات الارهابيه اللى تمت في 2019 بشمال سينا وتقارنها بماسبق
وانت تفهم ، بل ان سبق التصريح ان موضوع تصدير الغاز الاسرائيلى كان متعطل (لاسباب
و تهديدات امنيه) ، رغم ان الجيش المصرى كان متواجد فعلا في شمال سيناء برا وبحرا
وجوا ، ما لا يحتاج لكثير من الخيال لفهم (المشكله او الأسباب او التهديدات
الامنيه ) وطبيعتها ، ممكن نقول ان تأمين سينا عمليه ضخمه ، جزء منها الغاز
الاسرائيلى اللى هيتم تصديره من خلال المنشأت المصريه
***********************************************************************
موضوع الغاز ده اكبر بكتير من حسابات اشتريت بكم وبعت بكم ، وفيه
حسابات اكثر تعقيدا ، زى تكلفة التامين الدائم للمنطقه بحجم قوات كبير (مهو تحريك
الجيش مش ببلاش وله تاثير على الاقتصاد طبعا)
و تكلفة الخسائر الاقتصاديه (غير المباشره) للعمليات الارهابيه
وتاثيرها على الاقتصاد عموما والتي تتجاوز طبعا خسائر انفجار عبوه
ناسفه في عربيه
ملحوظه : الصوره المرفقه من خبر نشرته الوول ستريت جورنال من بضعة
اشهر كما ذكرنا
0 تعليقات