عز الدين البغدادي
من العجائب التي رواها الغلاة ونسبوها إلى الأئمة مما لا يمكن ان
يثبت بأي صورة ما ذكروه أن من خصائص النبي (ص) والأئمة من بعده أنهم بلا ظل‼
وقد ورد في ذلك روايات منها ما رواه الكليني عن سهل بن زياد…. عن
أبي جعفر عليه السلام قال: كان في رسول الله (ص) ثلاثة لم تكن في أحد غيره: لم يكن
له فيئ (أي ظل)، وكان لا يمر في طريق فيمر فيه بعد يومين أو ثلاثة إلا عرف أنه قد
مر فيه لطيب عرفه، وكان لا يمر بحجر ولا بشجر إلا سجد له.
ويكفي أن في سندها سهل بن زياد، وهو ضعيف وإن حاول البعض توثيقه،
لكن كما قال المحقق الخوئي: وكيف كان فسهل بن زياد الآدمي ضعيف جزما أو أنه لم
تثبت وثاقتة.
وفي سنده أيضا سالم بن أبي حفصة العجلي، وهو ضعيف، قال العلامة
الحلي في: …. لعنه الصادق (عليه السلام) وكذبه وكفره.
وروى الشيخ الصدوق: حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي
الله عنه قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة الكوفي قال: حدثنا علي بن الحسن
بن علي بن فضال عن أبيه عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا عليهما السلام قال: للإمام
علامات يكون اعلم الناس واحكم الناس واتقى الناس واحلم الناس وأشجع الناس وأسخى
الناس وأعبد الناس ويلد مختونا ويكون مطهرا ويرى من خلفه كما يرى من بين يديه ولا
يكون له ظل.
وروى أيضا: عن أبي عبد الله جعفر الصادق (ع): عشر خصال من صفات الإمام:
…… ولا يكون له فيئ…..
من حيث السند، فإن في سند الرواية الأولى محمد بن إبراهيم بن إسحاق
الطالقاني، ولم يرد فيه مدح ولا قدح، إلا أن يقال بأن الصدوق ترحّم عليه وفي هذا
إشعار بتوثيقه، إلا المحقق الخوئي صرّخ برفض ذلك، فقال: ..... وأما وثاقته فهي لم
تثبت، وليس في ترضي الصدوق (قده) عليه دلالة على الحسن، فضلا عن الوثاقة.
وأما الرواية الأخرى فسندها أضعف، ويكفي أنه ورد فيه "تميم بن
بهلول" وهو مجهول تماما، لم يرد له أي ذكر في أي من كتب الرجال، وباقي سندها
أيضا غير نقي.
وواقعا فإن مناقشة السند في روايات كهذه ليس صوابا الا من باب إقامة
الحجة وحسب، وإلا فإن هذه الروايات وأمثالها لا يجوز لها إلا أن تطرح رأسا، لنكارة
متنها. وذلك أنّ كل جسم مادي لا بدّ أن يتكون له ظل عندما يسقط عليه الضوء.
لو كان جميع الأئمة لم يكن لهم ظل في جميع أيام حياتهم، فهذا أمر
معجز كما تقدم وهو ملفت للنظر، ولو كان كذلك لنقل لنا روايات متواترة عن كل إمام
بأن الناس رأته وليس له ظل، وعلى الأقل أن ينقل عن كل إمام بعض الروايات.
ومن الإنصاف أن نذكر هنا بأن هذا ليس أمرا انفرد به الشيعة، فقد
ذهب قوم من أهل السنة إلى أن ذلك من خصائص ألنبي (ص)، قال البهوتي الحنبلي: ولم
يكن له صلى الله عليه وسلم فيء أي ظل في الشمس والقمر؛ لأنه نوراني والظل نوع ظلمة
ذكره ابن عقيل وغيره.
ومن الشافعية نقل هذا الشيخ زكريا الأنصاري، إذ قال: وكان إذا مشى
في الشمس أو القمر لا يظهر له ظل.
0 تعليقات