آخر الأخبار

إلى الدكتور.. أيمن منصور ندا

 

 


 

 

نصر القفاص

 

 

تشرفت بمعرفتك قارئا.. ولقد شرفت كلية الإعلام وجامعة القاهرة, بعلمك وشجاعتك فى قول الحق مجاهرا.. ثم أصابنى ذهول مما تعرضت له, ثمنا لحقك فى أن تقول كلمتك!

 

أعلم أن "الكلمة" ثمنها فادح فى كل "زمن اغبر"!

 

عبر عن ذلك "عبد الرحمن الشرقاوى" حين شرح معنى وقيمة وخطورة "الكلمة"!.. جسد "أحمد عبد المعطى حجازى" ذلك فى إحدى قصائده, وكان عنوانها "دفاع عن الكلمة" وصدرها بإهدائه الشهير "إلى من ماتت كلماتهم.. لأن ضمائرهم قد ماتت"!!

 

دفع "القاضي" و"عالم الأزهر" الشيخ "على عبد الرازق" ثمن "الكلمة" فادحا حين اجتهد وقدم كتابه "الإسلام وأصول الحكم".. وبعد سنوات استرد اعتباره باختياره وزيرا للأوقاف فى وزارة "محمود فهمى النقراشى" الثانية.. ثم قدم استقالته طائعا مختارا, عندما رفض أن يكون مدلسا ومشاركا فى جريمة سرقة أموال الأوقاف من جانب "الولد الذى حكم مصر" الذى يبكى عليه "خدم الملكية والاستعمار"!! وكانت التضحية بالمنصب الوزارى ثمنا "للكلمة".

 

تعرض "عميد الأدب العربى" الدكتور "طه حسين" لأكبر عملية تشويه.. بل تعرض للتجويع ثمنا لكتابه "فى الشعر الجاهلى".. أى ثمن "للكلمة", ثم أصبح وزيرا "للمعارف" بعدها بسنوات ليعلى قيمة "الكلمة" ويقدم لمصر "عبد الرحمن الشرقاوى" الذى أبدع فى رائعته "الكلمة" ضمن مسرحية "الحسين ثائرا".

 

الذين لا يقرأون ولا يفهمون لا يهمهم هذا التقديم.

 

الذين يقرأون ويفهمون هم الذين يهموننى.. وعندما قررت أن أكتب إليك, قصدت أن تكون "كلمتى" لهم معك.. ربما لأنك خرجت علينا بعلمك وشجاعتك فى قول الحق, لحظة أن راهن الجهلة والسفهاء على صمت شعب عظيم.. فهذا شعب يجيد الصمت, وجوده.. ومبدع حين يتكلم بجبروت حاسم وقاطع.. فالشعب الذى صمت عشرات السنين طوال حكم "حسنى مبارك", لحظة أن قرر قول "كلمته"..

 

 هدم أعمدة نظامه, وتعرض للخديعة فترك "فلول نظامه"!! وهو الشعب نفسه الذى استمر صمته على "عصابة الإخوان" عشرات السنين.. وحين قرر أن يقول "كلمته" نسف أخطر تنظيم سياسى وعقائدى على وجه الكرة الأرضية خلال أيام!!

 

يفهم سر هذا الشعب العظيم.. يا دكتور.. الذين قرأوا التاريخ بوعى, وفهموا علم الاجتماع بعمق.. وهذا السر كامن فى "شخصية مصر" التي جسدها أستاذ جامعى عظيم رأيتك تحاكيه, بقدر ما أخذت من "طه حسين" اجتهاده.. وذلك فقط هو سبب أننى أردت مشاركتك لحظة تتعرض فيها لأسوأ ألوان الابتزاز والإرهاب!!

 

الفرق بين زمنك وزمن "طه حسين" و"جمال حمدان" هو أنهم قالوا "كلمتهم" دون أن يفرض عليهم أحد إعتذارا صريحا أو مبطنا!!

 

أكتب إليك يا "دكتور أيمن" لأدعوك إلى استراحة محارب, بلا حزن أو ألم.. مع إدراكى أن ذلك أمر صعب, لأن من خرج للدفاع عن الباطل يحمل درجتك العلمية ذاتها!! لكن "الصبر" هو فى حد ذاته لون من ألوان القتال والإيمان.. وإلا ما قال رسولنا الكريم "صبرا آل ياسر"!

 

أكتب إليك يا "دكتور أيمن" لأقول لك أنك "بكلمة" نجحت فى أن تجعل "قصار القامة" يقدمون فقرات مطولة من فن راحت أيامه كان يقدمه "الأراجوز" ليفجر ضحكات الناس.. وكانت "كلمتك" سببا فى أن نتذكر "الخواجة بيجو وأبو لمعة" بما كانا يفعلان ويقدمان لكى نفهم الفرق بين "الفشر" و"الكذب".. فالذين "يفشرون" يفجرون الضحكات.. أما "الكذابين" فيفرضون علينا البكاء.. وإذا جمع أحدهم أو بعضهم بين "الفشر" و"الكذب" فهذا يستحق الرثاء!!

 

يا "دكتور أيمن منصور ندا"...

 

إعلم أنك كنت أمينا مع نفسك وطلابك وشعبك, وما قلته خلع عليك احتراما وتقديرا تستحقهما.. ولن أقول عنك "قيمة وقامة" لأنه وصف أصبح سىء السمعة بإطلاقه على السفهاء وقصار القامة!!

 

إعلم أن الأغلبية الواعية والفاهمة لأهمية وخطورة الإعلام يؤمنون بأن ما قلته كان صدقا.. وأن "كلمتك" هزت الذين باعوا الغالى بالرخيص!! وتلك تجارتهم ولا تعنينا.. أما أن تكون تلك التجارة نتيجتها تدمير ماض عظيم, وفرض واقع رخيص.. فذلك يجعل أشجعنا ينتفض خوفا على المستقبل.. وقد كنت بحق أشجعنا.. ولعلك تعرضت لأقل مما تعرض له "وزير دولة" سبوه وأهانوه و"شرشحوه" وقت جلوسه على مقعد الوزير.. واختار أن يصمت لأنه لا يملك علمك وقدراتك واحترامك لبلدك وتاريخك..

 

 

 

إرسال تعليق

0 تعليقات