موضوع تحت النقاش النظرية الشيعية المعاصرة…. والحمولة الزائدة

 

عز الدين البغدادي

 

الأفكار هي من تحرك الإنسان، مفاهيمه هي التي تحدد له طريقه وخياراته. اعتقد جازما ان معظم ما يمر به العراق يرجع إلى نجاح الأحزاب الدينية الشيعية بممارسة عملية خداع مستمرة للقاعدة الشعبية تحت مفاهيم دينية غير صحيحة.

 

من أهم أخطاء النظرية الشيعية هو أنها كانت تؤكد على الأشخاص على حساب المفاهيم، رغم ان الفكرة دائما أهم ممن يحملها والفكرة هي الأول والشخص هو وسيلة حملها ولو كان نبيا مرسلا، ولهذا انتقد القرآن الكريم المسلمين عندما وهنوا في معركة احد حيث شاع بينهم ان النبي (ص) قد قتل، فنزل قوله تعالى: ( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل افإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ).

 

ومن أخطائها الأخرى ضياع المنهج في التعامل مع تراث هائل مع الروايات، مما أدى الى نزاع لا زال مستمرا ومستعرا الى الآن، وضياع في الأولويات وغياب للمنطق الحياتي جعلت الإيمان يقتضي ان نصدق الخرافات، فضلا عن كارثة توسع المقدس، حجر مقدس، قطعة قماش مقدسة، شجرة مقدسة، خروف مقدس، ماكنة مقدسة، طعام مقدس.

 

القبور الوهمية تنتشر بشكل عجيب، والمنبر صار اداة سهلة للكسب دون وجود نظام للتصفية.

 

تضخمت النظرية بشكل كبير، وتحملت كثيرا من الأفكار الزائدة التي لا معنى لها، نظرية الإمامة تحولت الى فكرة ثقيلة مملوءة بتفاصيل لا معنى لها ولا أدلة وهو ما ساهم بتعقيدها وتصعيب قبولها وتحولها في نظر الناس الى حالة معقدة غريبة لا يمكن للمخالف تمثلها أو تصديقها، وأفضل ما يظهر منه هو ان يحترم هذا الرأي دفعا لتأزيم الوضع الاجتماعي او اثارة الطائفية. التقليد تحول من سيرة عقلائية بموجلها يرجع الجاهل الى العالم الى حالة ثقيلة تربك المجتمع وتستهلكه ولا تنفعه. تحول المذهب الى أداة لسلب الهوية الوطنية عند كثيرين ممن يخدعون بحجة المذهب، وأداة لتبرير الفساد بحجة فتاوى مجهول الملك ولا مشروعية الدولة.

 

نحن بحاجة الى رؤية علمية تزيل هذه الحمولة، وترجع الأمور الى نصابها، وترجع الدين الى بساطته، وتعطي للقيم أهمية اكبر من الفقه، وللإيمان أهمية اكبر من العقيدة، وللسياسة فكرتها الأساسية في بناء الأوطان والمواطن بدل شعارات المقاومة التي لا تنتج غير الدم والهزائم لأنها تعتقد ان المقاومة سلاح وحسب، وللتلقائية في الحياة دورها، تلك التلقائية التي ترتكز على أخلاق اجتماعية فطرية لا تخترقها التبريرات الفقهية.

 

ينجح الشيعي عندما ينطلق من فكرة المواطنة، واما اذا أصر على ان ينطلق من الأفكار المذهبية فلن يحقق شيئا، ولن يكون الناتج الا خرابا، ولن يكون الا بناءا على شفا جرف هار.