يوسف الكناني
في الآونة الأخيرة صارت القوى السياسية وبعض القوى الدينية بابوية
من حيث لا تشعر، وبدأت بيانات الترحيب بالبابا بالنحو المحموم وغير المسبوق، ولو
أنّ مرجعاً من مراجعنا الذي هو نائب الإمام (عليه السلام) قام بهذه الجولة لمّا
سلطوا أضواءهم الإعلامية، ولا الخطابية، ولا الترحيبية ولا التملقيّة عليه كما
سلطوها على زيارة البابا، وهو مرجع لطائفة في العراق تعدّ من الأقليات كما يقولون،
وهم إخواننا في الوطن سواء جاءهم البابا أم لم يجئهم، وقد برهن أبناء العراق
دفاعهم عنهم وحمايتهم قبل الجميع.
ولكن الذي يهمّني هو أنّ البابا الساكن في أقصى الدنيا (الفاتيكان)
جاء إلى العراق لتفقّد رعيته واتباعه والسؤال عنهم، واللقاء بكبار الشخصيات ليضمن
سلامة أتباعه، والحفاظ على مقدساتهم واحترامهم، فهل سيقوم أحد بسؤال البابا هذه
الأسئلة، ويعرض له هذه الحقائق بشكل علني أمام الله ورسوله (صلى الله عليه وآله
وسلّم):
١. من سيسأل البابا عمّا صنعه أتباعه في مسلمي البوسنا من جريمة
الإبادة الجماعية التي راح ضحيتها ٨٣٧٢ من المُسلمين البوشناق مُعظمُهم من الرجال
والشيوخ والأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 12 و77 سنة في مدينة سربرنيتسا.
وعدّت أسوء مذبحة شهدتها أوربا بعد الحرب العالمية الثانية، والتي نفذتها وحدات من
جيش جمهورية صرب البوسنة؟
٢. من سيسأل البابا عن سكوت أتباعه (الأسرة الدولية) التي يكون
غالبيتها من الدول المسيحية عمّا جرى للمسلمين من إبادة جماعية في بورما التي
أحرقت فيها جثث المسلمين من شيوخ وأطفال واغتصبت النساء وحرق آلاف المنازل، والتي
أدّت إلى هروب ٧٤٠ ألف مسلم إلى بنغلادش هرباً من العنف الذي حلّ بهم؟
ومن سيقول له أنّك زرت بورما والتقيت حياء بـ ١٦ عشر من مسلمي
الروهينغا، وفي نفس الوقت صافحت الجلاد الذي قتلهم وهو رئيس الجيش البورمي الجنرال
(مين أونغ هلينغ) المسؤول الأول عن عملية الإبادة العسكرية، بل الأنكى اجتماعك
بزعيمة ميانمار الحائزة على جائزة نوبل للسلام، (أونغ سان سو تشي)، التي أعلنت
بشكل رسمي أن مسلمي الروهينغا «لاجئون غير شرعيين»، مع أنهم يقطنون تلك البلاد قبل
القرن السادس عشر الميلادي، وإن اكتفاءك بالقول: «بورما دولة في طور النمو
السياسي، وهي تمر بمرحلة انتقالية. لذلك علينا دائما أن نتطلع إلى الأمام» يعني
إعطاء الشرعية لكلّ جرائم هذا النظام بحق المسلمين العزّل.
٣. من سيسأل البابا عمّا صنعه أتباعه من الإساءات المتكرّرة للقرآن
والنبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلّم)، ولماذا لم يصدر عن الكنيسة حتّى الآن
بياناً يمنع فيه الإساءة إلى الدين الإسلامي والقرآن والنبي باسمه، وعدم الاكتفاء
بعناوين فضفاضة قابلة للتفسير والتأويل كالتي قالها بابا الفاتيكان (بنديكتوس
السادس عشر): «أمر ضروري وملح أن يتم احترام الاديان ورموزها بهدف تسهيل نشر
السلام والتفاهم بين الشعوب والناس»، وهو أشبه بقرارات مجلس الأمن ضد إسرائيل الذي
لا يسمن ولا يغني من جوع؟
٤. من سيسأل البابا عمّا صنعه ولده ماكرون رئيس الوزراء الفرنسي
الحالي حينما أعلن رسمياً مقولته المشهورة: «لن نتخلى عن الرسومات والكاريكاتيرات
وإن تقهقر البعض». وعن حربه التي أعلنها ضد الجماعات الإسلامية، في فرنسا،
وإجبارهم على ممارسة العلمانية؟
٥. من سيسأل البابا عمّا صنعه أتباعه من منع الحجاب في الجامعات
والمدارس في أكثر الدول الأوربية ذات الديانة المسيحية، وفرض الدراسة المختلطة في
العديد من الدول على الجاليات الإسلامية؟
٦. من سيسأل البابا لماذا لا يصدر بيانا يحرم فيه دم المسلم كما
يحرم فيه دم المسيحي؟
٧. من سيسأل البابا عمّا صنعه عمّا صنعته أمريكا من قتل المسلمين
في مختلف بقاع الأرض وخصوصاً العراق وسوريا واليمن، ولا تزال جرائمهم مستمرة؟
٨. من سيقول للبابا بأن الذي دافع عن المسيحيين والمسيحيات، وغيرهم
من أهل الديانات هم أبناء ال حـ شــ د - ال شــ عـ بـ ي، والذي قتل الأمريكان
قادتهم، بل قصفوهم أكثر من مرّة ولا يزالون يسفكون دماءهم ويشوهون سمعتهم.
٩. من سيطالب البابا بالتنديد بالاحـ تـ لال الأمـ ـريكـ ـي للعراق
ولدول المنطقة سواء المباشر منه أم غير المباشر.
١٠. من سيسأل البابا لماذا صار مجيؤك الآن، هل تريد أن تكون الخطوة
الأولى نحو التطبيع التي يسعى لها بعض الإسلاميين بخطوات خجلة؟ هل ثمنها السكوت عن
جرائم الصهاينة والتسليم لهم بكل ما يريدونه؟
وأخيراً أسأل القادة والسادة والذادة من منكم سيسأل البابا كلّ هذه
الأسئلة؟ ومن سيطلب منه موقفاً؟ ومن منكم قد هيئ نفسه للانحناء أمام قداسته؟ ومن
منكم استعد للصلاة خلفه؟ ومن سيلثم يده أو أطراف ثيابه؟
فإن القيادة موقف، وليست خطابات، ولا السير في ركب مشاريع رسمها
لكم غيركم، وأحببتم السير على ما رسم لكم. «فإنّ العزة لله ولرسوله وللمؤمنين».
0 تعليقات