حمدى عبد العزيز
أمس - وأنا أطالع صفحات العالم الاتصالي - شعرت بصدمة شديدة ، وأسي
وحزن يقترب حد الفجيعة ، وأنا أري وأقرأ بعيني كيف أن هناك مصريون ومن بينهم للأسف
عدد لابأس به من الشباب الذين ينتمون عمرياً إلي المستقبل يستخدمون العالم الاتصالي
الحديث المتمثل في مواقع التواصل الاجتماعي بغرض التمثيل بجثث الموتي ، ومنح ومنع
صكوك الغفران والرحمة ..
حزين لذلك التناقض العجيب المتمثل في استخدام آدوات تنتمي لمنجزات
العصر الحديث لأغراض تنتمي من حيث القدم إلي الجماعات والتكوينات العشائرية
والقبلية في أزمنة الهمجية البدائية ، التي تخطتها البشرية منذ قرون ، وتجاوزت عن
مسالبها عبر تأسيس قيم التحضر الإنساني ..
لم أكن أتصور أن كل إعلان عن انتهاء لأجل شخص ما اختلفنا حوله أو
اتفقنا .. أصبح مناسبة لتصفية حساباتنا معه قبل أن يجف غسله وقبل أن يغلق باب
مقبرته عليه ..
أصبحنا نرقص علي جثث الموتي فرحاً ، ونودعهم بأفظع اللعنات ، ونسمح
لأنفسنا بالتدخل نيابة عن السماء لتقرير الحرمان من الرحمة الغفران ، ونمنح صكوك
العبور إلي الجنة لمن رضينا عنه ، ونمنعها عمن لم نرض عنه ، وأصبحنا نحدد للسماء
حتي درجات حرارة السعير التي ينبغي أن تكون من نصيب من اختلفنا معه ..
أين ذهبت عقولنا ؟
أين ذهبت قيم التسامح والرحمة والإخاء التي تميز بها المصريون
قروناً من الزمان ؟
وماهي القيم التي تحكمنا الآن ؟
وإلي أي اتجاه نسير؟
0 تعليقات