عز الدين البغدادي
في العراق ومنذ زمن بعيد لم يكن هناك تعبير سني وشيعي عند المفتين،
فعند أهل السنة كان المفتي يسمى "مفتي الديار العراقية" ولم يسم نفسه قط
"مفتي أهل السنة"، وعند الشيعة كان المرجع يعبر عنه بتعبير "مرجع
المسلمين" لكن في هذا الزمن برزت الطائفية بشكل قبيح مستنكر، ولم يعد استعمال
هذه العبارات مستنكرا بل صار مطلوبا وحسنا.
في أذربيجان وهي دولة إسلامية غالبية سكانها من الشيعة الامامية
يوجد مفتٍ عام للجمهورية يطلق عليه لقب "شيخ الإسلام" والمفتي الحالي هو
الشيخ "الله شكر باشازاده" الذي يعمل مفتيا للسنة والشيعة معا، فهو يفتي
كل جماعة بحسب مذهبها.
الفكرة برأيي جيدة، وعليها دليل شرعي ونص واضح من قول الإمام وفعله
وتقريره معا. وهو ما كان يفعله احد علماء أصحاب الامام الصادق (ع) وهو معاذ بن
مسلم النحوي، حيث روى فقال: قال لي أبو عبدالله الصادق (ع): بلغني أنك تقعد في
الجامع فتفتي الناس قال: قلت: نعم وقد أردت أن أسألك عن ذلك قبل أن أخرج، إني أقعد
في الجامع فيجئ الرجل فيسألني عن الشئ فإذا عرفته بالخلاف لكم أخبرته بما يقولون،
ويجئ الرجل أعرفه بحبكم أو بمودتكم فأخبره بما جاء عنكم، ويجئ الرجل لا أعرفه ولا
أدري من هو فأقول: جاء عن فلان كذا، وجاء عن فلان كذا فادخل قولكم فيما بين ذلك
قال: فقال لي: اصنع كذا فإني أصنع كذا.
عموما من يقرا كتب الفقه المقارن عند الامامية يجد أنهم كانوا
مطلعين بتفصيل على فقه إخوانهم من المذاهب الأخرى، ويناقشون الأدلة بشكل معمق.
وهذه هي سيرة علمائنا القدماء لا سيما الطوسي والمرتضى و العلامة الحلي والمحقق
الحلي والشهيدين العامليين وغيرهم الى ان ظهر المحقق الآبي في كتابه "كشف
الرموز في شرح المختصر النافع" فجعل النقاش الفقهي داخليا ولم يعد يناقش آراء
المذاهب الاخرى. كما ظهر هناك من يدعو الى تجاهل ما روي من أحاديث في كتب حديث اهل
السنة، رغم أنّ سلف أصحابنا كانوا يأخذون بهذه الأحاديث ويستدلون بها ويبنون عليها
أحكاما ولا يرون في ذلك غضاضةً.
اعتقد ان هذه الفكرة لو وجدت تطبيقا او قبولا ستدفع العلماء وطلبة
العلم الى دراسة الفقه الإسلامي ككل بغض النظر عن التمذهب، وسيجعلهم يشعرون
بالمسؤولية والرحمة تجاه الكل، كما اعتقد ان العراق لو طبقت فيه هذه الفكرة فانه
سيكون حالة إشعاع متميزة على مستوى المنطقة بل والعالم الإسلامي ككل.
0 تعليقات