آخر الأخبار

حسون الأمريكي في مستشفى المجانين

 


 

عز الدين البغدادي

 

شخصية بغدادية عجيبة، خارجة عن المألوف من أهالي الصليخ ولد سنة 1929 وتوفي سنة 1985، عرف بهذا اللقب بسبب تأثره بالأفلام الأمريكية وأزيائها، كان يتمشى عصرا مع كلبه مرتديا بنطلون جينز وقبعة كاوبوي وحذاءه المشهور المعقوف من الأمام.

 

ودعا الشباب الى ان يتمتعوا بحريتهم العصرية ، من دون الاعتداء على حرية الآخرين .. وانتقد تصرفات المراهقين في السينما والشارع وتحرشهم بالفتيات .

 

الا انه لم يكن في وضع نفسي جيد، فقد دخل مستشفى الرشاد "الشماعية" لفترة. وهناك قصة غريبة رواها المذيع الشهير الراحل رشدي عبد الصاحب فقد عمل قبل ان يصبح مذيعاً مرموقاً في إذاعة وتلفزيون العراق في وظيفة إدارية بسيطة في مستشفى الرشاد للأمراض العقلية " الشماعية " ببغداد في أوائل ستينيات القرن الماضي، ومن المواقف التي ذكرها أبو وسام ان مدير طلب منه اختيار مجموعة من المرضى غير العدوانيين والذين يميلون الى الدعة والانطوائية للقيام بعمل بسيط وهو حراثة القسم الخلفي من المستشفى لزراعته ببعض الشتلات، يقول: فعلت ما طلبه ودعوت بعض المرضى وهيأت لهم ( المساحي) وبدأ العمل. جلسنا أنا والمدير في الحديقة الأمامية للمستشفى بعد ان فتحما شبابيك وباب غرفة المدير لغرض التهوية، وأخذنا نتبادل الحديث والشعر وكان الرجل محباً للشعر، بعد نصف ساعة تقريبا رن الهاتف في غرفة المدير فنهض للرد عليه، وأذا به يأتيني مسرعا، زائغ العينين وهو يصرخ: رشدي .. أسرع، لقد دخل المرضى غرفتي وانهالوا على طاولتي بالضرب بمساحيهم، ورموا قناني الأحبار على سجادة الغرفة ورموا محتويات الثلاجة على الأرض وكسروا إطارات الشهادات والصور المعلقة على الجدران.. هرعت الى غرفة المدير، فوجدتُهم فرحين وهم يغنون بصوت منخفض ( دكتور جرح الأولي عوفه .. وجرح الجديد عيونك أتشوفه ) وهي أغنية اشتهرت وقتها للمطرب عبد الجبار الدراجي !

 

فشل المدير في السيطرة عليهم، لكن بعد قليل توقفوا عن فعالياتهم وأصطفوا بشكل نظامي، ثم انبرى أحدهم وهو حسون الأمريكي مخاطباً المدير: ها دكتور ... عجبتك الحديقة ؟ فضحك المدير على مضض وقال: شكراً يا جماعة ما قصرتوا.

 

يقول أبو وسام رحمه الله: ما أثار استغرابي ان المرضى كانوا يأتمرون بأمرة " حسون الامريكي " ويطيعونه بشكل عجيب ، حيث لم ينفذوا أمر المدير في العودة الى ردهاتهم ، لكن ما أن أمرهم " حسون الامريكي" حتى لبوا الأمر ، وحمل كل منهم عدته بهدوء وذهبوا باتجاه أماكنهم ، وعند ذاك تقدم " حسون الأمريكي " الى المدير ، ماداً يديه للمصافحة ، فقابله المدير بالمثل.

 

إرسال تعليق

0 تعليقات