نصر القفاص
رنين هاتفى المحمول أشار إلى رقم على الشاشة.. لا أعرفه.. وإن كنت
قد تعودت عدم الاكتراث بأرقام لا أعرف أصحابها, خلال عامين مضيا.. وجدتنى أفتح
الخط.. قدم المتحدث نفسه.. أعرف الاسم جيدا.. تزاملنا فى كلية الإعلام.. جمعتنا
مهنة الصحافة.. كل منا كان له طريق وأسلوب.. كل منا رضى باختياره.. هو - وكذلك
العبد لله - أخذته أمواج الزمن والأحداث, إرتفاعا وانخفاضا.. لكننا فى لحظة اتصاله
كان ينعم بموجة أخذته لأعلى, بينما أستمتع برياضة الغطس فى أعماق الحياة!!
يعلم المتحدث تماما أنه فى قمة المسئولية.. كما يعلم أننى خارج
دائرة المهنة ذاتها.. لا أملك غير القراءة كثيرا, والكتابة بين الحين والآخر على
صفحة فى ذاك الاختراع الجميل.. المذهل.. الخطير.. والشيطان أحيانا.. ويسمونه
"الفيسبوك"!!
دخل فى الموضوع مباشرة,
ليعرب عن عدم ارتياحه.. انزعاجه.. من مقالين كتبتهما فى قضية أزمة الدكتور
"أيمن منصور ندا" ويجوز أننى فهمت شعوره بمساحة من الألم بسبب ماطاله من
نقد.. عرض وجهة نظره, وكانت شديدة السطحية.. شديدة الذاتية.. فهو لا يدافع سوى عن
نفسه.. يحدثنى عن أنه لا علاقة له بما تناوله أستاذ الإعلام.. أخفى الكثير جدا من
المعلومات.. وكنت أصدمه بالرد عليه حين أقولها له.. أخذت المكالمة طابع السخونة,
ثم تطورت إلى صدام بين وجهتى نظرنا.. وجد صعوبة فى اختراق جدار قناعاتى.. حدثته
فيما أتعفف عن الشكوى منه, وهو أحد المسئولين عنه.. ارتبك ووعدنى ببحث الأمر
وحسمه.. عاود الاتصال بى بعد دقائق, ليقول أنه اتصل بطرف ثالث لدراسة الموضوع
وحسمه.. ووعد باتصال خلال ساعات.. لم يتصل.. ولن يتصل!! لثقته فى أننى لن أبوح
بتفاصيل المكالمة, بناء على رجاء منه ووعدى له بتكتم سر المكالمة وتفاصيلها.
يدهشنى أن يجلس أي إنسان على كرسى المسئولية.. خائفا.. حريصا على
الاستمرار.. يدفع أى ثمن مقابل أن يستمر التصاقه بالكرسى.. يضحى بكل معنى وقيمة,
لكى يبقى فى الواجهة.. المهم أن يقبض ثمن وجوده مالا ووجاهة.. وتتضاعف دهشتى حين
أتذكر أنه سبق أن أخذته موجة وظروف لأعلى.. ثم هوت به موجة أخرى لأعماق النسيان..
وفى الحالتين تعرض لذلك بالصدفة.. فهو كان - ثم أصبح - مسئولا دون إرادته أو موهبة
يملكها.. وغادر موقعه مطرودا بشكل مهين بفعل ثورة "25 يناير" ثم نجح فى
استثمار ثورة "30 يونيو" وعاد أكبر مما كان عليه قبل طردهّ!!
كثيرون حدث معهم ومنهم ذلك!!
كلهم عادوا لينتقموا من خصومهم.. من الذين شهدوا وشاهدوا أهانتهم..
من الشعب والوطن لا مانع.. لذلك ستجد أن هؤلاء يستمتعون بهدم أركان الإعلام,
وتدمير مهنة الصحافة.. لكنهم بحكم مواقعهم.. أصبحوا حراس "بلاط صاحبة
الجلالة"!!
التزاما بوعدى لن أكشف اسمه ولا تفاصيل مكالمته!!
كم أذهلنى أن آخرين تحدثنوا معى تليفونيا, أو عبر رسائل مكتوبة
حملت نقاشا.. حول نفس الموضوع.. كل منهم يطلب منى أن يكون الحوار سريا.. كلهم
يلعبون أدوارا فى محاولة إقناعى بخطأ موقفى المعلن كتابة وتفصيلا, فى قضية أو أزمة
الدكتور "أيمن منصور ندا" ويؤسفنى أن كان بينهم أساتذة جامعيين من زملاء
وأساتذة الدكتور نفسه.. غير آخرين زاملونى فى المهنة.. وكلهم يلعبون دور
"محامى الشيطان"!! كلهم بما طرحوه من كلام فارغ وحجج واهية.. فضلا عن
أكاذيب لا تصمد لدقائق, جعلونى أفكر فى أن أكتب "تعالوا نفرش الملاية"!!
وللحق أذكر أن الدكتور "محمود يوسف" وكيل كلية الإعلام الأسبق, كان
موقفه مشرفا ويعكس معنى وقيمة أستاذ الجامعة.
تعرض الدكتور "أيمن منصور ندا" لأكبر حملة سباب وقذف
وشتائم.. والذين يرون فى أسلوبه خروجا عن القيم والأخلاق وقواعد الآداب العامة, لا
يدينوا سفالات "الأراجوزات" الذين يقدمون انحطاطا على الشاشات.. غير
ابتذال وانحطاط مكتوب فى الصحف وعبر مواقع التواصل الاجتماعى.. كلهم منزعجون من
حجم التفاف الناس حول "الدكتور أيمن المحترم" وكلهم اتفقوا على إسكاته
ببلاغات لإيقاف صفحته.. وبلاغات للنيابة.. اتصالات لإبعاد الذين يؤيدونه عنه.. غرف
عمليات تم استدعاء كل من سقطوا مع "زمن مبارك" للمشاركة فى اجتماعاتها,
وتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه لاغتيال أستاذ جامعى باى طريقة وبكل طريقة.. ويشارك فى
الجريمة "صمتا" كثيرون ليس لديهم أدنى استعداد لخسارة مواقعهم, لو
اعترفوا بأن الرجل قال صوابا.. وليس لديهم استعداد لخسارة رأى عام كاسح, يؤيد بعد
اتفاق مع الأستاذ الجامعى, لو هاجموه لما كتب.. وهؤلاء اختاروا الفعل السرى!!
إختاروا ممارسة "البورنو" عبر التليفون أو خلال لقاءات خاصة أو مناقشات
مكتوبة يرجون المحافظة على سريتها!! مع أن كلهم يملكون قدرات وإمكانيات لإعلان رأيهم
ومواقفهم فى القضية المطروحة.. ربما لأن الرأى الذى يكسب منه صاحبه, ليس له سوى
اتجاه واحد!!
كنت - ومازلت - أضحك وقت أن تسقط دموعى على وجهى.. أهرب بقراءة
كلمات "خيرى حسن" حين قال: "الكلمة الصادقة لا تموت بصدقها.. لأنها
تعيش بصدقها.. والمبدع الحقيقى لا يموت, لأنه يعيش بإبداعه.. الوطنى الحقيقى لا
يموت, لأنه يعيش بوطنيته.. والإنسان الحقيقى لا يموت, لأنه يعيش بإنسانيته"
وتذكرت الشاعر "زكى عمر" حين قال: "يا صاحب الصوت الهامس.. الصوت
الهامس خاين"!!
وانتشلنى الفنان "حسين نوح" حين طلبنى.. تعرفنا.. دار
بيننا حوار طويل.. وأسعدنى أننى سمعت منه شعر "زكى عمر" بإلقاء بديع.. اختلفنا
واتفقنا بصوت عال, مع أمل أن يتواصل الحوار.. فقلت لنفسى ما أروع أن "نفرش
الملاية" وهى عند المثقف الحقيقى حوارا مسموعا.. مع سعادتى بأن يقول لى
"المبدع" عبد الجليل الشرنوبى أنه يفضل أن أكتب تحت عنوان "هلموا
بنا نفرش الملاية" فما رأيكم؟! المهم أن "فرش الملاية" لا يقدر
عليه غير الأكفاء.. أما "الأراجوزات" فيعلمون أنهم لا يجدون
"ملاية" تسترهم!!
0 تعليقات