عز الدين البغدادي
من المعلوم ان الصوم لم يشرع لأجل ترك الاكل والشرب والجماع فقط، بل هو
مدرسة تربوية وأخلاقية، وبالتالي فمن لم يلتزم بتلك فقد فاتته اهم فوائد
الصوم، وقد قال النبي (ص): من لم يدع قول
الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه"، وقال:"رب صائم
حظه من صيامه الجوع والعطش"
فالصائم يفترض به أن يبتعد عن المعصية، لكن لو ارتكب الصائم شيئا من ذلك،
كما لو صدر منه غيبة او نميمة او كذب او إيذاء لإنسان أو حيوان بغير حق، و لو أخذ
ما لا يحل أخذه من المال وغيره، أو شرب الخمر أو زنى في وقت الإفطار أو حتى لو صام
دون ان يصلي، فهل يبطل صومه؟ هنا قولان:
القول الأول: أن المعاصي تفسد الصوم وتبطله وعليه القضاء، وهو ظاهر ما روي
عن بعض الصحابة والتابعين وهو رأي الأوزاعي وابن حزم ومذهب الإباضية.
واستدل هؤلاء بقول النبي (ص) في حق المرأتين اللتين استغابتا وهما صائمتان :"إن
هاتين صامتا عما أحل الله لهما ، وأفطرتا على ما حرم الله عليهما" فقوله "أفطرتا"على
ما حرم الله ، يدل على فطرهما بالغيبة.
القول الثاني : أن المعاصي تنقص من أجر الصائم وثوابه ، وكلما كثرت المعاصي
قل الأجر بقدر ذلك ، ولكنها لا تفسد صومه. وهو قول جمهور فقهاء المسلمين ومنهم
الامامية.
واستدل هؤلاء بأن المعصية لو كانت مفطرة لكان الصيام تكليفا بما فيه مشقة
لأن العبد لا يخلو عن المعصية في هذا الشهر وفي غيره، فضلا عن وجود اختلاف في
تحديد بعض المعاصي مفهوما أو مصداقا وقد روي عن الإمام أحمد أنه قال: "لو
كانت الغيبة تفطر ما كان لنا صوم ".
وبالتالي فان العاصي يفوته اجر الصوم كما يفوته كثير من الدروس التربوية والأخلاقية،
لكن صيامه صحيح بمعنى انه لا يحتاج الى قضاءه أو دفع كفارة وما إلى ذلك.
0 تعليقات