آخر الأخبار

ذكرى الشهادة والعلم : شهيد الفكر والإسلام محمد باقر الصدر نموذجا ..

 

 


علي الأصولي

 

كثيرا هي التعريفات التي صاغتها يراع أساطين علم الأصول وخبراء الفن. وكل جيل علمي لاحظ ثمة ثغرات على الجيل الذي سبقه وحاول علاجاها بعضهم. بعد ذكر النقض والإيرادات حتى جاء العالم الكبير المحقق آية الله الخوئي(رحمه الله) ومع علو كعبه.

 

وجد في مختار تعريفه لعلم الأصول بعض الإشكاليات وبالتالي سجل على تعريفه بأنه غير جامع ولا مانع على ما يعبرون منطقيا.

 

وأول من اقتحم وأشار لتلك الإشكالات والإيرادات الأصولي الكبير السيد الشهيد محمد باقر الصدر (رحمه الله) في مطاوي بحثه الشريف.

 

فقد لأحظ أن سلامة القاعدة أي قاعدة - فقهية كانت أو أصولية - لابد أن تتوفر على شرطين أساسيين.

 

أولهما: كلية القاعدة، أن تكون كلية .

 

ثانيهما: نكتتها الثبوتية، أن تكون ذات نكتة ثبوتية واحدة بحيث ترجع إلى حقيقة واحدة. وهذا يعني أن رجوع القاعدة الكلية ولها أفراد ومصاديق وحصص ومرجعية الجميع إلى نكتة واحدة كأفراد الإنسان ومرجعية مصاديقه إلى الإنسانية فتكون الإنسانية هي الجامعة للجميع.

 

والجعل الشرعي غالبا يكشف عن وحدة النكتة الثبوتية والرجوع إلى حقيقة واحدة وبهذين الشرطين يتحقق المعنى الفني للقاعدة.

 

 وبالتالي إذا انتفى شرط واحد انتفت القاعدة فنيا فضلا عن انتفاء كلاهما. ومع توفر هذين الشرطين تمت القاعدة.

 

وبالنتيجة: إذا توفر الشرط الأول والثاني ويتوفر الشرط الثالث وهو كون القاعدة مشتركة. وتختم بشرط رابع. وكون هذه القاعدة تقع في طريق إثبات استنباط الجعل الشرعي فيتم المطلوب فنية المعنى العلمي للقاعدة ومختارية تعريف علم أصول الفقه بحسب مختار السيد باقر الصدر وهذا المعنى الفني والعلمي غاب عن الذهنية الأصولية منذ تاريخ الأصول التدويني لحد أيام المحقق الخوئي.

 

غير أن المستوى العلمي الذي حققه السيد باقر الصدر لم يقتصر والتقوقع عليه ولم يبغ العزلة والانعزال فقد سلك سلوكا عمليا في الميدان.

 

وهذا ما كشفه أحد طلبته في بعض كتاباته وهو المرحوم السيد الاردبيلي عبد الغني. إذ قال السيد باقر الصدر بعد بحثه الأصولي ما يلي: قلنا كرارا ومرارا بأن كل هذه المطالب العلمية إنما نريدها وإنما نتسلح بها لأجل أن ننزل بها إلى ميدان الصراع والعراك مع أعداء الإسلام ومع أعداء الدين. لحماية الإسلام. وإلا مجرد الاطلاع والاستيعاب للمطالب الأصولية أو الفقهية الدقيقة والتبحر في هذه العلوم تبحرا كاملا. هذا لا يغير من وضع الإسلام شيئا ولا يقدم من وضع الإسلام خطوة لا يحل من مشاكل المسلمين مشكلة ولا يقلل من من الألم الأمة ألما من آلالام. غاية ما نصنع لو فرضنا أننا اقتصرنا على أن نحقق هذه المطالب تحقيقا كاملا واسعا. أن نتأمل في المعنى الحرفي وأن نتأمل في ما الاستنجاء ونتأمل في بحث الأقل والأكثر الارتباطيين. غاية ما يترتب على ذلك أن نتوصل نكات علمية صناعية بحيث قد تؤثر احيانا في تغيير الفتوى وقد لا تؤثر .فبدل أن يقال أن ماء الاستنجاء طاهر يقال بأنه متنجس.

 

وهكذا بدلا أن يقال أن السورة واجبة في الصلاة يقال بأنها مستحبة في الصلاة.

 

هذا المقدار يجب أن لا نقنع به. يجب أن لا نزهد ونتكفي بهذا المقدار. لأن هذا المقدار غير مربوط بهدفنا.

 

اي وضع يمكن أن يتغير لصالح الإسلام. فيما لو فرضنا أننا توصلنا الى أن السورة ليست جزاء من الصلاة بعد أن كانت السورة جزاء من الصلاة. في فتاوى العلماء الأخيار السابقين. هل بهذا نقوم بفتح من فتوح الإسلام. هل بهذا نحقق انتصارا للإسلام. هل بهذا نقلل من المآسي التي يعيشها المسلمون. لا يحصل شيئا من هذا القبيل بمجرد أننا نتوصل الى عدم وجوب السورة بعد أن كان العلماء السابقون يقولون بوجوبها بل النتيجة كل من الفتويين فتوى معذرة لو عمل بها المسلم يثاب يوم القيامة في النهاية من حيث معذرية والمنجزية وضمان دخول بضمان دخول هذا المسلم إلى الجنة لا يفرق بينهما. إذا من هذه الناحية نحن دائما يجب أن ننظر إلى العلم والى هذه المطالب بالمعنى الحرفي. لا بالمعنى الاسمي بما هي سلاح في خدمة الدين وفي خدمة الإسلام. انتهى:

 

وكما ترى أن العالم مهما كان متفوقا ومتبحرا في علمه ما لم يوظف سلاح العلم لله وللناس فهذا يعني أنه افتتح دكانا بعنوان علامة أو مرجع أو فهامة. ولا يمكن أن يدع المدع بأنه فهم المطالب العلمية ما لم تحقق آثاره في الخارج والا فالفضيحة آتية لا محالة والتلبس بعنوان علامة وكم من الدكاكين كانت عناوين بلا معنون. فحقا كانت عناوين للاترزاق

 

وذكروا حادثة يحسن في المقام ذكرها وهي أنه جاء أحد المعممين الذين يقيمون الصلاة في احد مساجد مدينة الثورة - سابقا - مدينة الصدر - حاليا - ببغداد يطلب وكالة من السيد باقر الصدر بعد أن فشل في الحصول عليها من السيد الخوئي. فقال له السيد باقر الصدر لو سألك أحد عن تفسير الآية الفلانية هل تعرف الجواب، فقال كلا:

 

وإذا سألك عن رأي الإسلام بالاشتراكية. فقال: لا أعرف.

 

وإذا سألك عن رأي الإسلام في القضايا الحديثة. فقال: لا أعرف.

 

فقال: له السيد باقر الصدر لماذا تتصدى في المسجد؟

 

فقال: المعمم. كيف أعيش؟!

 

فقال: له السيد باقر الصدر اترك المسجد وأنا اتكفل معيشتك - انظر إلى الإمام محمد باقر الصدر معايشة من قريب بتصريف –

 

نعم: في عقيدتي لو قدر لهذا المعمم وأخذ الوكالة لشاهدناه في عموم القنوات المعاصرة وكأنه وريثه بالعلم كما شاهدنا الكثير منهم وممن التقى معه بدرس عابر أو قصير !

 

أجل: هذا هو باقر الصدر الذي تعكز عليه غير واحد فجعلوه صنما اعتاش باسمه واستثمر دمه لمشاريع الفشل واللصوصية.

 

فقد قال السيد باقر الصدر في كتابة - المدرسة الإسلامية - إذ نص: ان ظاهرة الصنمية في حياة الإنسان نشأت عن سببين:

 

احدهما: عبوديته للشهوة. التي تجعله يتنازل عن حريته إلى الصنم الإنساني. الذي يقدر على إشباع تلك الشهوة وضمانها له.

 

والأخر: جهلة بما وراء تلك الأقنعة الصنمية المتآلهة من نقاط الضعف والعجز . انتهى :

 

فرحم السيد محمد باقر الصدر وسلام عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حيا ..

 

إرسال تعليق

0 تعليقات