هادي جلو مرعي
جلس المعلم الأستاذ
هاشم، وكان قريبا من سن التقاعد على إحدى الرحلات الخشبية في الصف، وكنا للتو
دخلنا المدرسة الإبتدائية، وكنا فرحين لأن المعلم هاشم قرر أن يتحدث معنا في قضايا
عامة، وترك الدرس، وأخذ يسألنا، وكان سؤاله الأول عن رمضان، لم سمي رمضان؟ فإجتهدت
في الإجابة، وقلت: سمي رمضان نسبة الى الرمض، وهي الأرض الحارة بفعل الشمس، وكانوا
يقولون: رمضاء مكة، ولم أبحث في أصل التسمية فقد أعجبتني الإجابة، وأعجبني ثناء
المعلم، وإحتفظت بها ذكرى جميلة، مثلما إحتفظت بذكريات جميلة وصعبة من الحياة،
وأتذكر إنني بدأت بالصوم في شهر رمضان، وكان وقت الصيف، وكنت أعمل في بناء مدرسة
مع مجموعة من العمال، وذهب العمال الى بيوتهم القريبة للراحة والغذاء، وبقيت في
مكان العمل، وكان مدرسة إبتدائية، وألقيت بجسدي المتعب في ظل سياج حديث البناء
متخيلا مجيء وقت الإفطار الذي طال إنتظاره يومها.
قررت منذ ذلك الحين
البعيد أن أصوم الشهر الكريم، وسواء كان الوقت صيفا، أو شتاءا فلم أكن مستعدا
للتفريط، وتفويت شهر من الشهور التي تأتي مسرعة، وتمضي مسرعة، وكنت أنتظر وقبيل
المغرب بث إمساكية رمضان، ومواقيت الصلاة والإفطار، وكانت موسيقى أغنية أم كلثوم (القلب
يعشق كل جميل) وهي واحدة من مجموعة أغان دينية غنتها، وأبدعت فيها، كانت في مقدمة
برنامج الإمساكية.
يأتي شهر رمضان في
الصيف حين نكاد نهلك من شدة الحرارة والعطش، ويأتي في الشتاء عندما نكون نرتجف في
منتصف الليل، وتلسعنا برودة الماء وقت صلاة الفجر، لكنه شهر جميل، ويبعث القوة في
النفوس، وهو شهر يعلم الناس على الطاعة والرأفة بالناس والتراحم، وفهم مصاعب
الحياة وتحدياتها القاسية، لأنها زائلة، وبالتالي فهي لاتستحق تفويت الفرص، وشهر
رمضان فرصة ذهبية للوصول الى غايات طيبة لاندركها على الدوام.
0 تعليقات