القراءة والتلاوة

 

 

عز الدين البغدادي

 

سؤال ورد لي يقول: هل يجوز ان اقرأ القرآن دون صوت؟ اي هل تتحقق القراءة بذلك؟

 

لا يجب تحريك اللسان ولا الجهر بالصوت لانهما غير داخلين في حقيقة القراءة، لكن القراءة بحسب المفهوم يفترض فيها النظر، وعلى هذا يجوز القراءة بالنظر فقط. اما التلاوة فهي اظهار الصوت كما قال تعالى: ﴿ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آَدَمَ بِالْحَقِّ﴾ فلا يقال لمن يقرأ بعينيه أنه يتلو القرآن، لكن بأي حال فإن تحريك اللسان والنظر في المصحف افضل واكثر بركة واجرا.

 

هناك من فرق بينهما بالقول بأن القراءة قد تكون بكلمة واحدة أو حتى حرف واحد، بينما التلاوة لا تكون إلا لكلمتين وصاعداً، التلاوة شيء يتلو شيئاً، تلا يأتي خلفه، وهو رأي الاستاذ د. فاضل السامرائي، الا انه غير صحيح برأيي لأن يتلو بهذا المعنى انما هو في أصل اللغة اما في استعمال العرب فليس كذلك وإلا فإن قرأ في اصلها اللغوي بمعنى "جمع" الا ان الاستعمال لا ينظر الى اصل اللفظ.

 

هناك من قال إن التلاوة لا تكون إلا في كتاب الله سبحانه وتعالى، أما غير ذلك من كلام وألفاظ فيسمى قراءة، وهو رأي الراغب الاصفهاني حيث قال: "التلاوة تختص باتِّباعِ كتبِ الله المنزَّلة" وقد تمسك به بعض المتدينين القشريين

 

فانكروا على من قال تلا فلان كلمته، وهذا الراي غير صحيح قطعا لأن هذا الفعل لفظ عربي قديم لا يمكن تخصيصه بفهم لاحق، كما انها تخالف ما جاء في القرآن الكريم ( واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان ).

 

هذا من حيث اصل المعنى، اما في الاستعمال فربما يستعمل اللفظان مترادفين كقوله تعالى : ( الذين يتلونه حق تلاوته) وهو هنا اقرب الى معنى القراءة لأنه التاكيد فيه جاء هنا على فهمه والعمل به، كما قال تعالى: ( سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى ( وإن كان النبي (ص) أمياً على المشهور عند أهل القبلة، الا ان المقصود هنا سنجعلك قارئا واعيا حافظا لا تنسى ما يوحي به اليك.

 

والله اعلم