علي الأصولي
من المحاولات التي ذكرت قديما وحديثا مع ملاحظة الاستعانة بالزخم
العاطفي والمفردة الفجائعية. هي محاولة اسباغ صلاح الشخص عقيدة وسلوكا لأجل عمل
قام به مهم وديني بنظر الناس.
وهذا نظير شخص عليه ما
عليه إلا أنه اقتص من مجرم ما. وهنا يمضحل دور التحقيق الموضوعي بالمرة وتحل محل
محله العاطفة بثقلها وحمولتها. وبدل الموضوعية القاضية بضرورة تقييم سلوك وعقيدة
الشخص واعماله بصورة عامة. والاقتصار على مفردة الاقتصاص من المجرم الذي آلم الناس
بأفعاله.
وعلى ضوء هذا الفهم لا مناص إلا والتمجيد ببطولات صلاح الدين
الأيوبي وفتح القدس بمعزل عن عداءه تجاه الشيعة بصورة عامة والفاطميين منهم بصورة
خاصة.
كما ذكرت أعلاه من المحاولات التي وقع فيها أكابر الإعلام هو جر أقلامهم
والتعاطف مع الشخصية الأكثر جدلا بناء على أنه اقتص من قتلة الإمام الحسين(ع) .
وهذا ما لاحظناه ومحاولة السيد الشهيد والدفاع عن المختار الثقفي
في - شذراته - إلا أنها محاولة لا نصمد أمام إثارة المناقشات العلمية المحكمة.
والتي يمكن اعتبار مؤلف - الشذرات - ليس من أهل التحقيق التاريخي وان كان عالما
فقيها وأصوليا. .
لم تقتصر المحاولة في مجلس درسه الشريف بل وظفها في منبر جمعته
كذلك. إذ نص في أحد خطبه آنذاك بما نصه: الكوفة علوية مائة بالمائة , والنجف علوية
مائة بالمائة فقط هذه ؟ لا , المختار أين وجد ؟ أين جلس ؟ أين صلى جماعة ؟ أين اخذ
الثار من قتلة الحسين سلام الله عليه ؟ إنما في الكوفة , مجلسه في قصر الإمارة , وصلاته
هنا , لا أريد أن أطيل عليكم ، انتهى:
وهنا حاول السيد إعطاء الكوفة صبغة دينية مهمة والفات أنظار
الآخرين لها من خلال ذكر شخصية المختار الثقفي. وكونه الأخذ بثأر الإمام الحسين(ع)
وعجبي على الشهيد الصدر وهذه المحاولة التي يريد أن يشرف بها كوفة
آل محمد(ص) يذكر المختار وصلاته ومجلسه ونحو ذلك.
وهو يعلم ما للمختار من جدل واسع النطاق في الوسط الشيعي الإمامي.
وأحسب أن هذه المحاولة مع إخلاص قائلها إلا أن واقعها استدرار عواطف الجماهير التي
لا تعرف من المختار إلا قصص منبرية آنذاك على احسن الأحوال أو رسومات على لوحات أو
سجادات إيرانية قديمة كما شاهدت بعضها في بعض مساجد بغداد.
وفي عقيدتي. اخذ السيد(رض) قصة المختار وأخباره تقليدا لغيره إذ أرسله
إرسال المسلمات بعد طرح ثمة مناقشات في مجلس درسه لا ترتقي لكبرى التحقيقات
التاريخية.
ولو فتح الباب واسعا للتحقيقات المذهبية والإسلامية لكان الكلام
غير الكلام. فمثلا لو كنا نحن والنظرة العامية لوجدنا أن الترمذي يروي عن النبي(ص)
حديثا نصه: (إن في ثقيف كذابًا ومُبِيرًا).
والغريب بأن الأحاديث التي رويت بطرقنا اتهمت الرجل بالكذب
والتلفيق. وان حاول بعضهم والإطاحة بهذه الطرق تارة بدعوى ضعف الإسناد وتارة
بموافقتها للعامة على سبيل الفرض. فلا يبقى إلا الذهاب صوب التاريخ لمعرفة واقع
هذه الشخصية الجدلية. والتاريخ ذكر أمورا جما منها قصة الكيسانية وقصة دعوى
الإمامة لمحمد بن الحنفية وقصة التمثيل بقتلاه واهاليهم وهدم منازلهم ونحو ذلك على
ما مسطور في المدونات التاريخية.
وهنا أترككم وما نقل في مضامين هذه المدونات بصرف النظر عن تحقيقهأ
ونحو ذلك.
فقد روي عن رفاعة القباني بأنه دخل على المختار يومًا. فألقى
المختار له وسادة، وقال: لولا أن أخي جبريل قام عن هذه لألقيتها لك - البداية
والنهاية لابن كثير ج٨ - وقيل لابن عمر وكان زوج أخت المختار وصفية - أنه قيل له
بأن المختار يزعم أن الوحي يأتيه، فقال: صدق تعالى ( وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا
لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ
لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ
إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ ) سورة الأنعام. وكذا روي عن أنيسة بنت زيد بن أرقم أن
أباها دخل على المختار فقال له المختار يا أبا عامر لو سبقت رأيت جبريل وميكائيل
فقال له زيد ..حقرت وتعست أنت أهون على الله من ذلك كذاب مفترٍ على الله ورسوله .
رواه أسباط بن نصر وزائدة , وسفيان الثوري عن إسماعيل السُدي، عن رفاعة بن شداد
القتباني فذكر نحوه.
وتروي المصادر أن المختار قال لعمه هل لك في الغنى والشرف؟ قال:
وما ذاك؟ قال: توثق الحسن، وتستأمن به إلى معاوية، فقال له عمه: عليك لعنة الله،
أثب على ابن بنت رسول الله فأوثقه! بئس الرجل أنت. وان الشيعة هموا بقتل المختار
لولا توسط عمه للعفو عنه - تاريخ الرسل والملوك - الطبري - الجزء الخامس - في ذكر
بيعة الحسن بن علي –
لا أريد الاحتجاج بهذه النقولات في الجملة ولكن رغبت ببيان الخلاف
في مسلكه وسلوكه. بمعزل عن دعوى ابن نما الحلي الذي عد من مناقب المختار ما عد حتى
صرح بأنه أثلج قلب النبي(ص) بقتله قتلة الإمام الحسين(ع) بينما لم يعاصر ابن نما
المختار وكذا النبي(ص) فلا أعرف كيف أنه اخبر عن فرح النبي(ص) وإثلاج القلب ..
فهم تاريخى : الفهم التحقيقي وادعاءات الاعتراض!
0 تعليقات