فاروق كمبريسي
تحديات الاقتصاد السوداني خلال الفترة الانتقالية: ما المنتظر من
مؤتمر باريس بشأن تخفيف أعباء ديون السودان الخارجية.
تتمثل أحد أهم أهداف المؤتمر المُزمع عقده في يومي17-18 مايو 2021
في الحصول على تأكيدات بشأن دعم تخفيف أعباء الديون في إطار الهيبك من الأغلبية
العظمى من الدائنين الذين يمثلون ما لا يقل عن 70% من الديون المؤهلة للاستفادة من
الهيبك. وهذا سيكون ممكناً حدوثه في مؤتمر باريس وخاصةً في أعقاب الثورة المجيدة
والدعم الدولي المنتظم. وتنتظر الحكومة استجابة جادة من المجتمع الدولي بشأن تخفيف
أعباء ديونه.
ومبدئياً إذا حصل السودان بالفعل على تأكيدات بشأن دعم تخفيف أعباء
الديون في إطار الهيبك، فإن إجمالي الديون التي من المتوقع إعفاؤها هي 42 مليار
دولار من أصل 58.8 مليار دولار كما في ديسمبر 2020م (ولكن وفق مؤسسة التمويل
الدولية- بنت البنك الدولي IDA) فقد أشارت إلى إحتمالية إعفاء ما يعادل 50 مليار دولار وذلك وفق
رأيهم المنشور في 21 مارس 2021.
عليه، سيبقى أصل الدين في حدود 17 مليار دولار كالتزام قائم على
السودان. ولكن نتوقع بشكل عملي وتشاؤمي نوعاً ما أن يتم إعفاء ما يعادل 27 مليار
دولار بدلاً عن المبلغ المذكور.
طبعاً القصة دي ممكنة بعد وصولنا أولاً لنقطة قرار الهيبك (HIPC Decision Point) في يونيو 2021 وخاصةً
بعد التقدم الكبير الذي حققه السودان بشأن البرنامج الاقتصادي الذي يراقبه الصندوق
(أنظر للتقرير في الرابط أدناه)، وسداد الدين السيادي، ورضا المجتمع الدولي
وتطورات الاندماج الحالي. وهي نقطة الانطلاق لتخفيف أعباء الديون. وبعد مرور مدة
زمنية في حدود 3 سنوات سيتم الوصول لنقطة الانتهاء/ الانجاز (Completion Point) حيث يتم الشروع في
إعفاء فوائد الدين التعاقدية والمتأخرات (الفوائد الجزائية).
ملحوظة: (سنتحدث ربما لاحقاً في الأهداف الأخرى ذات الصلة
بالاقتصاد، والمشروعات المقدمة، والاستثمار والدور الهام الذي يلعبه القطاع الخاص
في المرحلة المقبلة).
موقف ديون السودان شنو قبل المؤتمر؟ماذا عن دور الفرنسيين المرتقب؟
فيما يخص الدين السيادي (أي لازم تسدده)، تم سداد المتأخرات
المستحقة للبنك الدولي (مليار ومائة وخمسون ألف دولار)، وبنك التنمية الأفريقي
(413 مليون دولار) بواسطة قرض/ تمويل تجسيري (Bridge Loan) من الدول الأصدقاء، وتبقت المتأخرات
المستحقة لصندوق النقد الدولي (964 مليون دولار) أي حوالي مليار دولار، ستسددها
غالباً فرنسا، ولكن من المتوقع أن يحصل السودان على 3 مليار دولار من الصندوق
(يسدد منها القرض التجسيري لفرنسا)، ومن ثم يمكنه الاستفادة من متبقي المبلغ (في
شكل دفعات متتالية Tranches)، خلال الأعوام
المقبلة، وهذا من المتوقع أن يكون في يونيو 2021 خاصة بعد بيان مديرة الصندوق
كريستالينا جورجييفا في 10 مايو 2021. تجدر الاشارة إلى أن سداد متأخرات البنك
الدولي تمت تصفيتها بمنحة منه، وليست إعادة جدولة للقرض.
بناءً عليه، ووفق الجلسة المقررة في مؤتمر باريس، تستطيع الحكومة
الانتقالية الوصول للدائنين والذين يمكنهم اعفاء أو تخفيف المديونية في إطار
الهيبك، ولأنها سددت الدين السيادي، كشرط ضروري وكافٍ للتفاوض وإطفاء الدين غير
السيادي مثلاً دين دول نادي باريس.
#أها دول نادي باريس دي زاتها منو؟ وعايزة مننا كم؟ سأذكر الكبار
منها فقط؟
تشمل قائمة دول نادي باريس والتي تهم السودان (الولايات المتحدة
والمملكة المتحدة وألمانيا والمملكة المتحدة وفرنسا وإيطاليا) وهي تعرف بديون
السودان مع الدائنيين الثنائيين (Bilateral Creditors)، والتي تمثل 73.7% من إجمالي الديون الخارجية للسودان في ديسمبر
2020.
#ما المتوقع حال جاءت نتائج مؤتمر باريس وفق التصور المأمول بشأن
مسار الديون؟
سيكون متاحاً للسودان الوصول للتمويل والمساعدات الضرورية للقيام
بعملية التنمية وذلك من خلال الحصول على القروض المُيسّرة (Concessional Loans) من مختلف المؤسسات والصناديق المالية
الدولية بما فيها صندوق النقد والبنك الدوليين وبنك التنمية الأفريقي.
ومن المتوقع أن تحصل الحكومة على موارد مالية مقدّرة لسد عجز
الموازنة والوصول به إلى الحدود الآمنة (أقل من 3% من إجمالي الناتج المحلي)،
نظراً لأن استمرار مشكلة عدم الحصول على تلك التمويلات والقروض خلال فترة وجود
السودان بالقائمة، أجبرت الحكومة على الاعتماد على تمويل العجز بأدوات الدين
المحلية (ضمانات، صكوك، شهادات شهامة، وغيرها)، ونتوقع أن تقل هذه الظاهرة ونتحول
لمرحلة الانضباط المالي (Greater Budgetary Discipline ) بعد الاستفادة من تدفقات الأموال
والمساعدات في المستقبل المنظور.
#أها خلونا يا جماعة الخير نوضح الهيبك دي شنو؟ وهل نستبشر خيراً
بها؟
لجأت الدول والمنظمات العالمية إلى تنبي فكرة مبادرة الدول الفقيرة
المثقلة بالديون (HIPC) عندما تطورت مشكلة
الديون العالمية وأصبحت غير مستدامة وأخذت تهدد الاقتصاد العالمي حيث فشلت في هذا
الصدد المبادرات التقليدية في علاج مشكلة الديون الخارجية.
بناءً عليه، قام البنك وصندوق النقد الدوليين وبمشاركة منظمات
دولية عديدة بتصميم مبادرة الهيبك في عام 1996م. ويتمثل الهدف الرئيسي لها في خفض
ديون الدول التي تنطبق عليها شروط ومعايير المبادرة خلال فترة زمنية محددة إلى
مستوى يمكّن تلك الدول من سداد الدين دون الحاجة إلى مساعدات خارجية حيث يصبح
الدين حينها قابل للسداد أي في الحدود الآمنة (Sustainable).
تجدر الإشارة إلى هذه المبادرة تتميز عن المبادرات التقليدية
ومبادرتي نادي باريس ونادي لندن بمسألة الشمولية إذا تشمل تلك المبادرة معالجة
ديون المؤسسات المالية الدولية ودول نادي باريس ونادي لندن وديون دول التعاون
الثنائي، وبذلك هي ملائمة للغاية لمعالجة إشكالية ديون السودان الخارجية في الوقت
الحالي.
مرفقات: وذلك لتعم الفائدة للجميع وخاصة المهتمين والباحثين.
1.بيان مديرة صندوق النقد الدولي
https://www.imf.org/.../pr21127-sudan-imf-md-kristalina...
2.تقرير المراجعة الأولى للبرنامج الاقتصادي المراقب (SMP)
https://www.imf.org/.../Sudan-First-Review-Under-the...
3.ملخص وافٍ : تحديات الاقتصاد السوداني خلال الفترة الانتقالية:
المسار نحو تخفيف أعباء ديون السودان الخارجية (لورقتي المنشورة حول الموضوع
باللغة الانجليزية). فاروق كمبريسي.
https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=3366912883431889&id=100003396316214
4. رابط الورقة باللغة الانجليزية
Navigating Sudanese Economy in the
Transitional Period:
Author’s Details: Farouck Kambareesi:
Senior Economist| Macroeconomic Policy Management| Digital Economy; E-mail:
fmh2117@columbia.edu
https://www.casestudiesjournal.com/volume-9-issue-10
0 تعليقات