آخر الأخبار

نحو فقه آخر : نية الإفطار إفطار !

 


 

علي الأصولي

 

للنية دور أساس وفعال في عموم الأفعال حتى وصفها النبي(ص) بقول( إنما الأعمال بالنيات ولكل امرئ وما نوى) وفي حديث آخر ( النية أساس العمل) بل ( نية المؤمن خير من عمله ونية الفاجر شر من عمله) وان (الأعمال ثمار النيات) ولذا أن وصف الفعل من حيث الهيئة والشكل فلا نجد فيه اختلافا يذكر بين صلاة المخلص وصلاة المرائي. ولكن من ناحية الباطن والمضمون فالاختلاف حاصل بكل تأكيد ومن هنا كانت الآثار الباطنية والاخروية (آثار الأفعال والأعمال) تابعة للنوايا إذ لو كان المدار للعمل بمعزل عن أساساته لزم ذلك حصول الأثر لكل عامل مخلصا كان أو مرائيا.

 

وعليه: فقد حدد الشارع الثواب على ملاك حقيقة العمل وهو ما يتمثل بالنية.

 

إن المدار في ما نحن فيه هو النية أو قل الداعي لإيقاع الفعل خارجا. وعلتها أو قل وحكمتها هو في خصوص ما يرجع إليه الفعل أو يحققه أو يؤثر فيه أو يترتب عليه. المهم مرة يكون العمل مقبولا ومرة أخرى يكون العمل مجزيا.

 

بحث جملة من الفقهاء في مدوناتهم الاستدلالية، مبحث النية تعريفها اللغوي والاصطلاحي وماهيتها وحدودها ونحو ذلك بلحاظ كونها وأجبة في مختلف أبواب العبادات دون التوصيليات.

 

فكانت حصة نية الصوم ملحوظة في المقام ومن هنا بحثوا في شأن وضرورة استدامتها وفي عروض ترددها وقطعها ونحو ذلك. حتى توصلوا إلى فتوى مفادها أن صدق نية الإفطار مفض إلى تحقق الإفطار .

يعني من كان صائما في أثناء شهر رمضان مثلا وفي آن من آنات النهار تردد الصائم في موضوعة النية والارتشاف من ماء بارد فهنا حكم الفقهاء ببطلان صومه رأسا على عقب!

 

بيد أنه لم يمارس المفطر لا خارجا ولا واقعا بل نوى عليه ذهنا أو قلبا فقط وفقط.

 

إلا أني أجد هذه الفتوى وفي خصوص (التردد أو العزم على القطع) من التكلفات الصناعية الفقهية.

 

نعم: أن عموم العبادات التكليفية يلحظ تحققها بالتركيب على نحو النية والفعل وهذه الأوامر المركبة جاءت بتشريعات منفردة فكما حث الشارع على إيجاد الصلاة خارجا كذلك حث في نص آخر على ضرورة إحضار النية لهذه الصلاة. بالتالي الإخلال بالنية بمفردها في أثناء الصلاة أو الصوم لا تؤثر على حقيقة العبادة مثلا الصوم لا تؤثر على طبيعة الإمساك عن المفطرات فقد ذكرت النصوص أن مسببات الإفطار الاكل والشرب ونحو ذلك والإخلال في أثناء الصوم ليس من المفطرات بالتالي الإخلال في النية مؤثر على كمال الصيام لا إجزائه .

 

إذن: الصيام وأجب ارتباطي غايته أنه مركب من أمور عدمية لا وجودية كالصلاة بالتالي هو عبادة وفي العبادة تجب النية حين الشروع فيها. بأن ينوي الإمساك عن تمام المفطرات ولو إجمالا بنية القرية ولا يجوز تاخيرها عن الشروع بالعمل حيث يبطل العمل لأن الصوم واجب ارتباطي قد وقع جزء منه بدون نية القربة. ومن نوى أثناء الشروع فهو المطلوب ومن نوى بعد الشروع فيقع المشكل. ومن نوى وشرع في العمل واخل في النية في آن ما. فالصوم مجز وان لم يكن مقبولا والى الله تصير الأمور ..

 

إرسال تعليق

0 تعليقات