آخر الأخبار

كل الطرق تؤدي الى "الفوضى"

 



 

سجاد الحسيني



لم يشهد العراق الاستقرار منذ "السقيفة" وأول انقلاب عرفه الإسلام و ماتبعه من انقلابات آخرها انقلاب صدام على البكر عام 1979 وكأنه مكتوب على سكان هذه البقعة أن تعيش الأزمات تلو الأزمات وتذوق الويلات والآهات، حتى جاء يوم الفتح بقيادة الروم من أدنى الأرض بمباركة ورعاية "الصليب" لينتج نظام اقرب منه للانتظام واللاقانون ليشكل اللادولة وفق دستور فخخ في مؤتمر لندن للمعارضة العراقية عام 2002

 

الفوضى هو المشهد الأبرز بعد عام 2003 خصوصا قبيل كل انتخابات نيابية! كما مر علينا جميعا وماعشناه سابقا من أحداث مؤسفة راح ضحيتها الآلاف العزل،


فيما يتعلق بالانتخابات المبكرة المزمع إقامتها في العاشر من تشرين الأول/ أكتوبر 2021 ومارافقها من جدل معتاد إلا انه هناك ثلاثة سيناريوهات محتملة أحلاها مر ! لأنها وحسب تحليلي وحسب المعطيات وقراءة الساحة وتصريحات قادة الكتل والأحزاب المختلفة، تنذر بخطر محدق قد يداهم البلد مرة أخرى!!

 

السيناريو الأول إجراء الانتخابات في موعدها المحدد، وهذا طموح شريحة كبيرة من الشعب بشرط ضمان النزاهة والشفافية وعدم استخدام المال السياسي والسلاح خارج إطار الدولة وهذا أمر يصعب تحقيقه في في بلد مثل العراق حاليا ناهيك عن صراع الكتل التقليدية للظفر بكرسي الدم "رئاسة الحكومة" ولهذا المكان تحديدا مستعدة اغلب الأحزاب والقوى ان تحرق الأخضر واليابس لنيله والتربع فوقه وهذا الصراع بدأ مبكرا بين تلك الأحزاب فمنذ إعلان موعد الانتخابات المبكرة بدأ الشحن والتوتر والاتهامات المتبادلة بين قادة الكتل والأحزاب تظهر للعلن دون مراعاة لمشاعر ذوي الآلاف الشهداء الذي سقطوا في طريق الاحتجاج السلمي!

 

السيناريو الثاني _ وهو تأجيل موعد الانتخابات المبكرة أو إلغائها أصلا وهو الأقرب للواقع ودوافع هذا الخيار هو تدهور العلاقة بين الأحزاب التقليدية والشارع بعامل الضغط الشعبي، منذ انطلاق تظاهرات تشرين وحتى هذه اللحظة وان كان هناك فتور في بعض الأوقات، ولهذا فإن الكتل غير مستعدة بالمجازفة بما تمتلكه من وزارات و مقاعد حالية وفق مبدأ (عصفور باليد خيرا عن عشرة على الشجرة) وهذا السيناريو ان حصل فعلا فلا يخلوا من تبعات واضطرابات أمنية وسياسية كون إجراء الانتخابات مطلب شعبي وهو احد المهام الثلاثة التي حددت لحكومة الكاظمي، فالتنصل عن هذا أجراء الانتخابات قد ينعكس بشكل كبير على الساحة ويولد صدام واحتكاك من قبل المتظاهرين والحكومة خصوصا بعد انصاع المحتجون لأوامر المرجعية ونظموا ائتلافات وكيانات دخلت المحترك الانتخابي من بابه الواسع،

 

أما السيناريو الثالث وهو الأخطر والأمر إلا وهو إعلان حالة الطوارئ! فلم يشهد العراق رغم التقليات والأزمات السياسية إعلان حالة الطوارئ بتاريخه وربما يجهل البعض خطورة "إعلان الطوارئ" أو "الأحكام العرفية" وأوضح مصداق لهذه الخطورة هي جمهورية مصر العربية التي أعلن فيها حالة الطوارئ منذ عام 1967 لغاية 2012 ومن ثم فرض القانون بشكل متقطع في السنوات اللاحقة لهذا التاريخ.

 

تشير التقارير الى احتجاز حوالي 17000 شخص بموجب القانون، ويقدر عدد السجناء السياسيين بـ 30000 شخصًا، فضلا عن الأحكام العرفية التي تم تصفية الخصوم السياسيين جسديا للآلاف من المعارضين السياسيين!

كل هذا جرى ومصر تعد دولة مستقرة امنيا وسياسيا مقارنة بالعراق وبعض دول المنطقة، فما بالك لو طبق هذا القانون في أوضاع وبلد مثل العراق؟

 

السيناريوهات أعلاه جميعها ممكنة ولاعجب بعد عام 2003 في بلد فقد بوصلة الصواب بسبب الفشل والفساد والاحتلال واللامبالاة، ولا اعتقد ان المتصدين سياسيا يتورعون عن ارتكاب المجازر لو تعلق الأمر بالحكم والمصلحة لذا فلا خيار أمام الشعب المغلوب على أمره والذي يتحمل جزء كبير مما يحصل له ومايعيشه من واقع مرير ان يكون حذر في هذه الفترة اقل تقدير وأيضا على عقلاء القوم من مرجعيات دينية وثقافية ووجهاء ان يكونوا على قدر المسؤولية ليعبرو بالبلاد والعباد إلى بر الأمان، والله المستعان.





٢٥ آيار ٢٠٢١

 

إرسال تعليق

0 تعليقات